تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مفهوم المعنى و فعاليات قراءة النص الأدبي]

ـ[انكسار]ــــــــ[27 - 01 - 2004, 06:36 م]ـ

نتناول تحت هذا العنوان مفهوم المعنى كقاعدة تتمحور حولها أي تجربة في القراءة. حيث تتشكل تجربة القراءة من خلال بحث القارئ عن معنى للنص، و لذلك تقوم أي تجربة للقراءة على مفهوم محدد للمعنى، و تؤسس إجراءاتها من خلال استراتيجيات عامة لتكوينه.

ويمثل المستوى الدلالي أحد أهم مفاهيم المعنى لدى القاريء العادي، إلا أن المعنى بهذا الوصف لا يعبر عن تجربة متكاملة في القراءة، فالتعامل مع المعنى كمحتوى دلالي للنص هو جزء من التجربة، يتعلق بالمرجع الواقعي الذي يشير إليه تركيب النص.

و ينتج أثناء تكوين القارئ للمعنى أشكال مختلفة من التفاعل بين القارئ و النص، تعبر عن مظاهر متنوعة لتجربة القراءة، تعتمد في مجملها على التعامل مع المعنى كأثر نصي و يتطلب تكوين القارئ للمعنى تعامل القارئ مع معطيات التركيب النصي، فالمظهر التركيبي للنص هو معطى حاضر ثابت، بينما المظهر المعنوي يكتسب وجوده من خلال وجود قارئ يجسده بواسطة تفاعل متبادل مع المعطى التركيبي للنص، و يتعامل القارئ مع تركيب النص بواسطة استراتيجيات معينة فاستراتيجيات القراءة إذاً هي وسائل بواسطتها يوظف القارئ معطيات التركيب النصي من أجل تكوين المعنى.

وبحسب منهج القارئ المخبر يتحقق معنى النص من خلال فعاليات التجربة الكاملة، و ذلك باعتبار أن معنى النص هو كل رد فعل يثيره النص في ذهن القارئ، و بذلك يشتمل معنى النص على عناصر تجربة القراءة الكاملة، فكل شئ يحدثه القارئ في تفاعله مع النص هو جزء من معناه. و تنطلق إجراءات القراءة لدى القارئ المخبر كمخطط نظري من مفهوم معين للمعنى، حيث يرى صاحب المشروع (ستانلي فش) أن المعنى ليس موضوعاً كامناً في النص، بل هو أثر على القارئ (تحرير: جين. ب. تومبكنز: نقد استجابة القاريء)

وبذلك يشتمل مفهوم المعنى على مختلف عناصر تجربة القراءة، حيث تتكون تلك التجربة أثناء بحث القارئ عن المعنى، وهذا هو التفسير الأولي الذي يقدمه منهج القارئ المخبر لاختلاف القراءات على النص الواحد، فإذا كان معنى النص هو ردود فعل القارئ التي يثيرها النص بتركيبه اللغوي فلا يمكن أن تتكرر ردود الفعل التي يثيرها النص عبر أكثر من قراءة له.

ويتضمن المعنى في منهج القارئ المخبر الخاصية الزمنية للحدث، حيث تتطور تجربة القارئ للنص عبر تطور ردود فعله باتجاه بنية النص اللغوية، فمع تقدم القراءة يتفاعل كل جزء من النص مع ما يسبقه فيؤيد تماسك التجربة أو يقوض ذلك التماسك موجهاً التجربة باتجاه جديد.

ونتيجة للخاصية الزمنية في القراءة لا يمكن إغفال أي جزء من بنية النص اللغوية، فالمعنى يأتي من تجاور الاجزاء بحيث تسهم كل مفردة في تجربة القراءة لا بمعناها المعجمي بل بما يثيره من رد فعل ناتج عن موقعها في النص وعلاقتها بما قبلها وما بعدها. ((فالمعنى قد ينتج من اللامعنى))

ووفق هذا المفهوم للمعنى بوصفه حدثاً تأتي إجراءات القراءة في منهج القارئ المخبر، حيث ينطلق المنهج من محاولة تقديم وصف لما يحدث فعلياً في أي تجربة للقراءة، و يعتمد ذلك على تتبع خطوات القراءة انطلاقاً من مفهومه للمعنى، على أساس أن تجربة القراءة تحدث أثناء بحث القارئ عن معنى النص، و محاولة تجميع عناصره عبر التفاعل مع معطيات البنية التركيبية للنص، و ذلك وفق تتابع زمني يتبع ظهور وحدات النص على الصفحة.

و من هنا تأتي أهمية وعي القارئ بتجربته حيث يراقب القارئ ردود فعله تجاه النص من خلال التزامه بكل أجزاء النص ومتتالياته، وفق تتابعها الزمني، وهنا تأتي المرحلة الأولى من إجراءات القراءة في منهج القارئ المخبر، وتتمثل في توظيف التركيب اللغوي للنص بشكل وحدات متتالية، تتكون كل وحدة من طبقات متراتبة (يقصد بهذه الطبقات مستويات الجملة: الصوتي، الصرفي، التركيبي، المعجمي، الدلالي)، ويمكّن هذا التقسيم القارئ من أن يختبر ردود فعله تجاه النص، وذلك بمراعاة الخاصية الزمنية التي يكتسب النص معناه بواسطتها من خلال تجاور مكوناته اللغوية وموقع تلك المكونات من التجربة حسب ترتيب ظهورها على الصفحة، و تتضمن هذه المرحلة إبطاء التجربة لملاحظة خطواتها الفعلية كما تحدث

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير