تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إشكالية المنهج الأسلوبي وخصوصيّة اللغة

ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[04 - 01 - 2006, 05:46 م]ـ

إشكالية المنهج الأسلوبي وخصوصيّة اللغة

منقول

http://www.alefyaa.com/data/stories/news/2005/12/04-12/608.jpg

شغلت المحاولات المنهجيّة لدراسة النصوص برؤية شمولية الدرس النقدي الحديث، ودارت حوارات جادّة حول (النص) بوصفه (إشكالية معرفية) يمكن معالجتها على وفق تصورات متعددة أهمّها ما أثاره الشكلانيون الروس وقبلهم النقّاد العرب القدماء عندما حدّدوا ميدان النقد الحيّ (النصّ)، محققين ما يعرف بدراسة النصوص من (الداخل)، وكانت هذه التوجّهات تأخذ طابعاً فلسفياً اتضحت صورته في الحركة البنيوية وما بعدها، ومن امتدادات هذه التوجّهات ظهرت الدراسات الأسلوبية ( Stylistics) بوصفها محاولات منهجية لدراسة (النصوص) برؤية جديدة تستند الى علوم اللسانيات، وترفض وضع الأحكام المسبقة للأداء (المعياريّة)، وتبحث عن الكيفية التي يظهر فيها الاسلوب ( Style) وتحاول تعليل ظهور الانزياحات بشكل تبتعد فيه عن النظرة التجزيئية التي عيبت بسببها إجراءات التحليل البلاغي القديمة. وقد نشطت الدراسات الأسلوبية في الجامعات لما تتمتع به من خاصية توفيقية بين علوم اللغة وعلوم الأدب وما تدّعيه من (موضوعية) تقوم في الكثير من الأحيان على الاحصاء والتحديد العلمي، وفي ذلك ابتعاد عن الانطباعات المجرَّدة التي تظهرها بعض مناهج النقد الانطباعي أو النفسي أو الاجتماعي أو التاريخي. إن لمنهج التحليل الأسلوبي توجّهات يمكن تسميتها أنماطاً ارتبطت بأصحابها أو بالطريقة التي تتبعها في التحليل (أسلوبية ريفاتير، و أسلوبية بالي، والأسلوبية الاحصائية، و أسلوبية التلقي، و الأسلوبية الصوتية، و الأسلوبية البلاغية ... ) وهي جميعاً تتناغم مع الفلسفة المعاصرة الميّالة الى التحرّر من قيد (المعيارية) والأحكام المسبقة، فالأسلوبية تفترض أن لكل (نص) بلاغته الخاصة وأحكامه الجمالية النابعة من داخله، فاذا ما كانت البلاغة تبحث في ميدان بلوغ الوظيفة الجمالية ومطابقة الكلام لمقتضى حال المتلقي، فالأسلوبية تحقق انسجاماً بين الرؤية النقديّة للوظيفة الجمالية هذه، ومطابقتها لمقتضى الحال استناداً الى رؤية شمولية مستندة الى علوم اللسانيات رافضة التجزئة، فهي على اختلاف طرائقها في التحليل تبحث في العلاقات داخل نسيج النص، وتتابع (الشحنات) المنبعثة منه، وما يستحضره الأسلوب من إنزياحات ( Deviations) وتحاول تعليل ظهور تلك الشحنات والانزياحات، ويمكننا القول إن في الدرس النقدي/البلاغي العربي بواكير للرؤية الأسلوبية في النقد الحديث مثلّها عبدالقاهر الجرجاني (ت 474هـ) في (دلائل الاعجاز) و (أسرار البلاغة)، وحازم القرطاجني (ت 684هـ) في (منهاج البلغاء وسراج الأدباء)، فضلاً عن إشارات كثيرة تلتقي مع منهج التحليل الأسلوبي في معظم الدراسات النصيّة التي مثّلتها كتب البلاغة العربية القديمة التي كان ميدان عملها (النص). فلا تجد أية اشارة مقحمة الى ما حول النص في كتب البلاغة والنقد القديمة أهمّها: تأويل مشكل القرآن لإبن قتيبة (ت 276هـ)، و قواعد الشعر لثعلب (ت 291هـ)، والبديع لابن المعتز (ت 296هـ)، والموازنة للآمدي (ت 370هـ)، والوساطة لعبدالعزيز الجرجاني (ت 392هـ)، والعمدة لابن رشيق (ت 456هـ)، وسر الفصاحة لابن سنان (ت 466 هـ)، ومفتاح العلوم للسكاكي (ت 626هـ) وغيرها. وقد اهتم الدرس النقدي العربي الحديث متأخّراً بالظواهر الأسلوبية والحداثية في النقد العربي القديم، وحاول الكثير من النقاد في المشرق العربي والمغرب الكشف عن تلك الظواهر في التراث النقدي والبلاغي العربي أبرزهم: أ. د. عبدالسلام المسدّي، ود. عبدالله الغذّامي، ود. حسن ناظم، ود. يمنى العيد، ود. محمد عبدالمطلب، ود. أحمد مطلوب، ود. عواطف كنوش، وعدنان بن ذريل، ود. رجاء عيد وغيرهم، كل هؤلاء وعوا أن بواكير الحداثة والرؤية الأسلوبية إنما هي بضاعتنا، وكانوا يشيرون - ضمناً - الى وحدة الثقافة العربية، وما كتبه هؤلاء إنّما هي ردود فعل لما اكتشفوه من أوهام التبعية للمترجم والمنهج الخاطئ في معالجة النصوص على وفق الرؤية الاسلوبية عند الغربيين. إن للغربيين توجهاتهم الخاصة التي تتحكم بها طبيعة العائلة اللغوية التي تنتمي إليها لغاتهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير