تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لزومية الملك الضرير - بقلم - إدوارد فرنسيس]

ـ[إدوارد فرنسيس]ــــــــ[22 - 12 - 2006, 04:11 ص]ـ

[لزومية الملك الضرير - بقلم - إدوارد فرنسيس]

الملك الضرير: هو أبو العلاء بن عبد الله بن سليمان التنوخي رهين المحبسين، ولد عام ثلاثة وستين و ثلثمائة للهجرة، و توفي عام تسعة و أربعين و أربعمائة، وُلِدَ، و دُفِنَ بمعرة النعمان قرب حلب.

لاقى أبو العلاء كثيراً من فساد الدنيا في حياته، فزهد فيها و اّثر عزلته و انقطع لدرسها و وصفها

في مؤلفه الضخم (اللزوميات) – والذي منه هذه اللزومية - و الذي يصفه هو في المقدمة بقوله:

] كان من سوالف الأقضية أني أنشأتُ أبنية أوراقٍ، توخيت فيها صدق الكلمة و نزهتها عن الكذب

و الميط، و لا أزعمها كالسمط المتخذ، و أرجو أن لا تُحسب من السميط، فمنها ما هو تمجيد للّه

الذي شَرف عن التمجيد، و وضع المنن في كل جيد، و بعضها تذكيرٌ للناسين و تنبيهٌ للرقَدَةِ الغافلين و تحذير من الدنيا الكبرى [.

وكأن أبو العلاء هنا أراد أن يذكرنا بقوله، وهو محقاً كل الحق بعيداً كل البعد عما يدعو الي ا لكذ ب

حتي لو كان هذا على حساب الشعر، و في اختياره لألفاظه الخاصة، اذ بلغ أبو العلاء الذُروة

في التصنع و اختيار الألفاظ، حتي تجد أ ن الفاظ اللزوميات تجبرك على قراءتها أكثر من مرة،

و كذلك حتى يستقيم اللفظ مع المعنى الذى يُقصَدْ، فلا بد من تدليل الألفاظ، و ترويضها،

و هذا يتضح في اللزومية الآتية موضوع الدراسة:

إذ يبدو من أ ول وهلة أ ن قافية الهمزة المضمومة، لم يستقم وضعها إلا بعملية ا لتقديم وا لتأخير،

و أيضاً بالهاء الموصولة التي ملأت اللزومية.

و أبو العلاء يذكر صراحة إنه حاول أن ينظم في أغراض عدة و معينة، لكنه تقيد في مؤلفه بقيود

كثيرة، كما زهد من قبل في الدنيا، إذ يقول:

] و قد تكلفت قي هذا التأليف ثلاث كلف: الأولى أن ينتظم حروف المعجم عن اّخرها، و الثانية

أن يجيء رويه بالحركات ا لثلاث، و بالسكون بعد ذلك، و الثا لثة أنه لزم مع كل روى فيه شيء

لا يلزم من ياءٍ أ و ثاءٍ أ و غير ذلك من الحروف [. و أبو العلاء بهذه الكلفة التي تكلفها يكون قد نظم على جميع حروف المعجم ا لثمانية و العشرين، و كل حرف من تلك الحروف جاء مضموماً و مفتوحاً و مكسوراً و ساكناً، أما حروف الألف فجاء بها في فصل منفصل لأنها لا تجيء إلا ساكنة، و هو بهذا يكون كتب لنا مائة و ثلاثة عشر فصلاً. وهذه إحدى اللزوميات إرتبطت بأبي العلاء أكثر ما ارتبطت بعصره، و إن كان يكشف عما كان في وقته من فساد في دنياه.

مالي غدوت كقاف رؤبة قيدت في الدهر لم يطلق لها إجراؤُها

أُعْلِلتُ عِلَّةَ قالَ وهي قديمةٌ أعيا الأطبة كلَّهمُ إِبراؤُها

طال ا لثواء و قد أتى لمفاصلي أن تستبدَّ بضمها صحراؤُها

فترت و لم تَفْتُرْ لشرب مدامةٍ بل للخطوبِ يغولها إسراؤُها

مُلَ المقام فكم أعاشر أمَّةً أمرت بغير صلاحها أُمراؤُها

ظلموا الرَّعيَّةَ و استجازوا كيدَها فعدوا مصالحها و هم أُجراؤُها

فِرقاً شعرتُ بأنها لا تقتني خيراً و أنَّ شرارها شُعراؤُها

أَثرتْ أحاديثَ الكرام بزعمها و أَجاد حبسَ أَكفِّها إِثراؤُها

و إذا النفوس تجاوزت أَقدَارُها حَد ْوَ البعوضِ تغيَّرتْ سُجراؤُها

كصحيحةِ الأوزانِ زادتها القُوَى حَرْفاً فبان لسامعٍ نَكراؤُها

كَريَت فسَرت بالكرى و حياتُها أَكرَت فجرَّ نَواَئباً إكرَؤُها

سبحان خالقِكَ الذي قرَّت بهِ غبراءُ تُوقد فوقََها خَضْراؤُها

هل تعرفُ الحسدَ الجيادُ كغيرها فالبُهْمُ تُحسَدُ بينها غَرَّاؤُها

ووجدتُ دنيانا تُشابه طامِثاً لا تستقيمُ لناكحٍ أقْراؤُها

هُوِيتْ و لم تُسعِفْ وراح غَنِيُّها تَعِباً و فاز براحةٍ فُقراؤُها

و تجادلتْ فُقهاؤُها من حُبِّها و تقرَّأَتْ لتنالها قُرَّاؤُها

و اذا زَجَرْتَ النفْسَ عن شغفٍ بها فكأَنَّ زجْرَ غويِهّا إِغراؤُها

و الملاحظ ان القصيدة تبدأ باستفهام (مالي) .. و هذا الاستفهام يرتبط بأفعال خاصة تعود على أبي العلاء. الفعل الأول: غدوت – أى أصبحت، و أبكرت فيما أ صبحت عليه، و هذا الفعل

يرتبط بأرجوزة (رؤبة بن العجاج) التي قُيدت في الماضي، لكن هذا الفعل لم يقف عند

هذا المستوى (الماضي)، بل إنطلق الي المستقبل حيث الغد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير