[صور شاحبة بلون اليأس في قصيدة (إيراق) لأحمد اللهيب]
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[13 - 08 - 2006, 06:41 م]ـ
[صور شاحبة بلون اليأس في قصيدة (إيراق) لأحمد اللهيب]
إضاءة: ياسر بن صالح الدوسري
مدخل:في اللحظات التي كنت فيها مع النص احتدمت صور ه المكثفة، وتتابعت لتنقلني بطريقة إيدلوجية إلى معاني شاعرية سأثبتها بعد _بإذن الله_ولا أشك إن تكثيف الصور في نص لا يتجاوز الصفحة، أمر يدعوا للتفكّر لأن هذه السمة ستكشف بالتأكيد عن معان لا غنى عنها، والأجمل أن توظيف الشاعر لهذه الصور كان توظيفاً موفقاً يجاري أبا ريشة في ثراها وعمقها كل هذه الأمور استحثتني أن أكتب خلفة، لا كتابة حصرية بل إضاءات أحاول فيها أن أداعب الخيال ولا أدعي أنني الأفضل.
الصور الصغرى حالمة باليأس:لا أبالغ إذا قلت أن في كل جملة يوجد صورة من هذه الرائعة موظفة لتعبر عن رأي يائس، داخل تلك المدينة، صور ترسم اليأس، وترسم الشحوب امتزجت بكثافة لتعطينا نفسية، قلقة، متشائمة، يحركها وميض معين ولعلي أسرد بعضها لطختها بأنين ذاكرتي) (منابت العينين تنبت في دمي) (غناء أنملتي) (ضجيج الصمت) (أنوار حارتها شحوب الموت) (واندثر الضياء) (جوع أبيض البسمات) (تنثال بالأحلام يا قدري) (أنة خرساء) (وجع انتظار) (رياح المستحيل) (صهيل الحزن) (بوح يهاجر) (حقائبي سيغتالها ألم) (ويلدغني الحنين) وكأني أشم المعاني التي ذكرت في كل حرف من الحروف ولمسة متقنة لا يجيدها إلا شاعر محلق.
التجسيد الأكبر بلوحاته، يضخ الشحوب:
وكما قلت أن الصور الصغرى تصوغ لنا لوحات كبرى يغتالها ذلك العسف التشاؤمي الذي يحاكي نفسيته المليئة بأحلامه المكبوتة، لوحات كبرى هن: (لوحة الدخول) و (لوحة المدينة) و (لوحة الأزقة والأمل الباهت) و (لوحة الأوبة)
لوحة الدخول:
رسم هنا العديد من أبعاد دخوله بريشة خافته حيث المدينة الغافل أهلها، والصمت المطبق الذي لا يعكر صفه إلا بكاء الأنملة، حتى الصدى في تلك المدينة خر مغشياً بعد أن زال وكل هذه المشاهد تقربنا ليأسه المأمول وتكشف عن حلمه الحزين
لوحة المدينة:أنوار الحارة في هذه المدينة تضج بالشحوب فهي خافتة تدافع الأمل توحي بالموضوع الرئيس وسواد الليل أكمل هذا التسلسل بسواده الذي لم يكتف ببث الرعب في الأرجاء فقط بل قذف جامه على قلب الشاعر واندثر بعده الضياء ليكمل المهزلة.
لوحة الأزقة والأمل الباهت:
هناك بعد الدخول تأتي الأنة الخرساء للحلم البعيد الذي يخفيه وجع الانتظار حتى الجدران تبتسم لهذا الأمل ولكنه أمل فوق رياح المستحيل، وما فتئ الحزن يصهل ويقول لا جواب، ولا إياب وكأني به وهو يمتلك هذه الريشة الخصبة لينقل تجربت مليئة بالذبول.
لوحة الأوبة:بعد أن خرج من مدينته، والخوف ملء جوانحه، والجدران تخبره بالرحيل المرتقب ولم تسلم حقائبه التي خنقها الألم فحن بعد أن قتل نفسه فهو القاتل والمقتول
وبعد التتمة
عند هذا الحدث تنتهي السيفونية اللهيبية، التي صورها بحسه الكئيب والتي نظر إليها من خلال منظار قاتم يطربني.
ومحاولتي تلك ترنو أن تسلط الضوء على نص احترمه ذوقي وأحببت بعد ذلك أن أقلب سمة بارزة فيه وهي: (الصور الطافحة باليأس) على غرار الطريقة الوظائفية محاولاً وحسبي اجتهادي ولا أطالب بالباقي.
نص الشاعر أحمد اللهيب
إيراق يوغل في محجر ذاكرتي
9/ 2 / 2005م
(1)
... ودخلتُ أسواق المدينة،
في غفلةٍ من أهلها،
وحملتُ أوراقي التي لطختُها بأنين ذاكرتي ...
وأسكنتُ الحروفَ منابت العينين تنبشُ في دمي.
حزني هناك.
وغناء أَنمُلتي يموء على ضجيج الصمت حين أورقَ في ضياء الحزن ... يركض بين أوردتي ويصرخ في المساء: ولا صدى.
(2)
أنوار حارتها شحوب الموت أزهر في ربيع الخطوة الأولى ...
فألقتْ ليلها في القلب واندثر الضياء.
استوقفُ الذكرى، وفي الشباك جوع أبيض البسمات يؤويني إلى وهْمٍ ينازعُ خوفه الأبديّ.
فركنتُ رأسي بين نهديْ ومض ذاكرتي.
تنثال بالأحلام – يا قدري الذي قد كان حياً واستحال إلى فضاء -.
(3)
الحزن، والليل الطويل، وأنةٌ خرساء لا تحكي الذهول،
والحلم يلمع من بعيد ...
وجع انتظار.
فتبسمتْ جدرانها موبوءة بالشوق يغزوني ويمنحني الضياع.
يا للمدينة! كيف تعبرني رياح المستحيل ...
أنا هنا،
لا عبرتي نامت على مهدٍ نسيتُ حكايتي فيه ولا صوتٌ يبدد لوعتي.
(4)
أوقفتُ أنفاسي (صهيلَ الحزن)، يا قمراً مضى،
ورحيقه في مقلتيّ تساقطت ثمراته وجعاً ...
وشيئاً لا يزال محدقاً بين الجوانح: لا جواب.
بوح يهاجر فيّ، يسكب قهوة الذكرى، ويرشف من بقايا ...
فنجانها، ويراقص القطراتِ تخبو فتسكنني المرارة كالحلاوة في انبثاق الشوق يمسك في يديْه خيوط أغنية تبوح: ألا إياب.
(5)
وخرجتُ منها خائفاً أترقب الجدران تُنْبِئُني الرحيل ...
حقائبي يغتالها ألمٌ، ويلذعني الحنين،
وفي المدينة قاتل وأنا القتيل!.
اتمنى أن تكونوا استمتعتم بالنص!
¥