[بحث في الأدب المقارن الرواية والفيلم]
ـ[فيريم]ــــــــ[01 - 12 - 2005, 12:30 م]ـ
المقدمة
مما لا شك فيه أن النتاج الأدبي لكل أديب هو بمثابة انعكاس حي لبيئة ومجتمع هذا الأديب، وحينما يتحول هذا المنتج الأدبي إلى عمل فني فإن المخرج يعتلي منصة الفنان ويمسك بريشة المبدع الذي يصوغ بأنامله ورؤيته ملامح الشخصيات التي هي محور ومحرك للأحداث بشكل يجعلها أكثر وضوحاً وهكذا تلتقي فنية الإخراج مع إبداع الأديب ويتفاعلان سوياً ويكون نتاج ذلك الالتقاء و التفاعل ظهوراً لائقاً للعمل الأدبي من خلال شخصيات تجسده وأماكن تصوره وأحياناً إشارات وإيماءات تعطي للعمل الأدبي حوارات صامته لا يمكن للنص الأدبي أن يصرح بها جهرة ومن ثم فإن اللغة في العمل الفني هي التقاء فكري بين كل من المخرج والروائي0
التمهيد
أسباب الاختيار:
يكمن في هذا الموضوع من الأهمية ما يدفع المرء دوماً نحو التحقيق في هذا المجال وقد وقفت عند هذا الموضوع أملاً في المقارنة بين دور الروائي و المخرج وتأثيرهما في العمل الفني حتى يظهر المنُتَج الفني بالصورة التي يراها المشاهد 0
منهج البحث:
سيتم الاعتماد في هذا البحث على المنهج الاستقرائي، حيث أستعرض الرواية وهي رواية (زقاق المدق). للكاتب المصري الحائز على جائزة نوبل 1988م الأستاذ / نجيب محفوظ. يتبع ذلك مشاهدة الفيلم للرواية نفسها؛ مع المقارنة في أداء كلٍ من الفيلم والرواية للرسالة، وتناول أدوات الروائي و المخرج؛ وكيف أسهمت تلك الأدوات لديهما في إجلاء وجهة نظره سواء في الرواية أو الفيلم ثم نقف في الأخير على بعض الجوانب النقدية 0
الأدب المقارن
الأدب المقارن نمط من أنماط الأدب؛ يتيح للأديب و الناقد و القارئ رؤية أشمل للأدب؛ حيث يراه من عدة جوانب؛ لأن رؤية الأديب أو الناقد للأدب من ناحية واحدة لا يسمح بتحديد العلاقة بينه وبين أي نتاج أدبي آخر ينتمي لآخر. و قد يكون منتميا لنفس البيئة؛ أو قد يكون في مجتمع آخر أو لغة أخرى؛ وقد قدم طه حسين في بعض كتبه الأدب العربي قال: "لا يدرس الأدب العربي إلا مقارناً".ومنذ القدم كان التواصل الحضاري مستمر. ومن ثم فإن الأدب المقارن يسمح لنا بإدراك العلاقات الثقافية الحضارية وحينما نتحدث عن العولمة في هذا الآن فإننا من خلال الأدب المقارن نستطيع رؤية العالم ونحن في بيوتنا. ومن ثم فإننا نحتاج إلى رؤية الآخر من خلال المقارنة وهذا مهم جداً في الحياة (1)
وبالتالي فإن الأدب المقارن يدعو للانفتاح والإطلاع على الآخر، فلو انغلقنا على أنفسنا فإن الصورة تبدو غير واضحة ولا نستطيع التفاهم معها. ولكن حينما ننفتح على ثقافة الآخرين. ونحاول أن نفهم الآخر.فإننا نفتح الطريق أمام الآخر ليتعرف علينا. و لنا أن نقول بأننا مازلنا مقصرين في هذا النوع من الدراسات. فمن المعروف مثلاً أن (ألف ليله وليله) نجد لها تأثيراً واضحاً في الآداب الأوروبية ممتد من القرون الوسطى في أدب (بوكاتشيو) الإيطالي. كما نجد مصادر اسلامية كثيرة عند (دانتي) (1)
ومن بين الدراسات المقارنة الناجحة ما نشر عن المصادر الإسلامية في
(الكوميديا الإلهية لدانتي) فقد (كشفوا في اسبانيا 1948 م نصاً من ثلاث لغات: اللاتينية و الفرنسية القديمة والقشتالية بعنوان (قصة المعواج) وهذا النص من المؤكد أن دانتي قد قرأه لأن أستاذه واسمه (لاتيني) كان موجوداً في طليطة آنذاك وقدمه إليه، فهناك تأثير عربي إسلامي مؤكد على دانتي ومن هنا فإن مجال الأدب المقارن ودراساته ما زال مفتوحاً امام الدارسين وقد أسست في السنوات الأخيرة الجمعية المصرية للأدب المقارن وسوف تصدر هذه الجمعية مجلة متخصصة باسم (مقارنات) ومن ثم فإن الأدب المقارن يخدم وينمي النتاج الأدبي بشكل عام وكذا يوضح الصلة بين الآداب في كافة المجتمعات (1)
المبحث الأول
(أ) من الأدب إلى السينما
القسم الأول
من الأدب إلى السينما:
لا يمكن عرض ومشاهدة أي فيلم مأخوذ من رواية أدبية دون أن يتم التساؤل عن ماهية الفرق بينهما، وإن كان الفيلم بعيدا عن النص أو مخلصا له. إذ إن الأعمال التي ينجح معدوها في التعامل الحميم مع الأصل الأدبي قليلة، وغالبا ما يكون على صانعها إيجاد معادل بصري للشكل اللغوي بحيث يمكن تحويلها إلى عمل سينمائي.
¥