تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نظرات جديدة في الاستعارة والترجمة]

ـ[علي العمر]ــــــــ[09 - 01 - 2005, 11:29 م]ـ

تعتبر مسالة الاستعارة من أهم المسائل التي شغلت الترجمة بجناحيها النظري والتطبيقي. وقد ظهرت المسالة في ميدان البحث اللساني الحديث 1976 حينما نشر مناحيم داجوت دراسته المشهورة "هل يمكن ترجمة الاستعارة؟ ", في مجلة Babel المعنية بقضايا الترجمة. وقد لاقت هذه الدراسة العديد من ردود الفعل من قبل كثير من الباحثين في حقل الترجمة وعلى رأسهم بيتر نيومارك وكرستين ميسون، وتوالت الدراسات في هذا المجال لتصبح موضوعا بدأت بوادر تشعبه في الظهور وخصوصا في ضوء الدراسات الحديثة في الاستعارة التي تتعامل مع الاستعارة من منظور "المعتاد" وليس "الشذوذ"، وفي ضوء الدراسات الحديثة في علوم اللسانيات الأخرى كعلم اللغة الاجتماعي وتحليل النص والخطاب واللسانيات النقدية التي أظهرت مجتمعة دورا أساسيا للاستعارة في السلوك اللغوي لدى البشر بجميع لغاتهم. إن هدفنا الأساسي في هذا المقال هو استعراض بعض الآراء الحديثة في موضوع «ترجمة الاستعارة» ساعين من خلال هذا الاستعراض الى تبيان ربط هذه الآراء بالتطورات في دراسات الاستعارة والتطورات في حقول اللسانيات الأخرى، وسنقتصر في استعراضنا هذا على بعض الدراسات التي ظهرت في عقد التسعينات فقط، ويعكس هذا الانتقاء سعينا نحو ابراز ما استجد من آراء واطروحات في الموضوع. ولكننا نرى أنه ينبغي علينا قبل أن نعرض لهذه الدراسات أن نقدم استعراضا موجزا للخلفية النظرية في موضوع الترجمة والاستعارة، ذلك أن معظم الدراسات الحديثة ترتبط ارتباطا عضويا بما سبقها من دراسات تأسيسية للموضوع. ظهرت قضية مشكلة الاستعارة في الترجمة في ميدان البحث الحديث على يد داجوت كما أشرنا في بداية هذا المقال (1). ونظرية داجوت في ترجمة الاستعارة تعتمد أساسا على منظوره لماهية الاستعارة والتي هي في نظره كسر للحواجز الدلالية للكلمات، أي أنه قصر الاستعارة على ما يسميه كثير من الباحثين بـ «الاستعارة الأصيلة» (أو ما سماه الامام عبدالقاهر الجرجاني بالاستعارة المفيدة). فقد ربط داجوت بين الاستعارة وبين وقع الاستعارة في نفس القاريء، أو ما يسمى بالتأثير الجمالي لتلك الاستعارة حيث يشعر القاريء من خلال هذا الربط غير المسبوق لدلالتي المستعار والمستعار له بأنه أمام رؤية جديدة لم يتعرض لها من قبل مما ينتج نوعا من التقبل الجمالي لهذا الكسر لقوانين الدلالة اللغوية. أما فيما يتعلق بالترجمة فالأمر ينقسم الى قسمين. الأول يرتبط بما يجب على المترجم فعله. وهنا يرى داجوت أن على مترجم النص الأدبي مهمة أساسية تتمثل في محاولة اعادة انتاج النص في اللغة المترجم اليها على نحو يمكن القاريء في اللغة المترجم اليها من الوصول الى نفس المشاعر الجمالية التي يثيرها النص في القاريء باللغة الأصلية. وهذا يفترض أن داجوت يعمل ما يسمى بالتقابل الدايناميكي dynarnic equivalence الذي طوره يوجين نايدا U. Nida في العديد من دراساته في الترجمة ويفترض هذا المفهوم أن على المترجم أن يقوم بإنتاج مقابل للنص الأصلي في لغة الترجمة بحيث يكون هذا المقابل قادرا على خلق استجابة مشابهة لتلك الاستجابة التي ابداها قاريء النص في لغته الأصلية. أما الأمر الثاني المهم في رؤية داجوت لترجمة الاستعارة فيتعلق بالمشاكل التي تقابل المترجم حينما يواجه استعارة تستعصي على "الترجمة الحرفية". وهنا يطرح داجوت رأيا القائل بأن ترجمة الاستعارة (أي على نحو يتم به خلق تأثير جمالي مشابه) تعتمد على مدى اشتراك لغة الاصل ولغة الترجمة في الجوانب الدلالية والثقافية المشكلة للاستعارة، وهذا يعني أن عدم اشتراك اللغتين في هذه الجوانب يقود الى وضع يسمى في دراسات الترجمة بعدم قابلية الترجمة Untranslatability أي استحالة الترجمة عمليا. دراسات التسعينات ويمكن القول على وجه العموم أن معظم دراسات هذا العقد في الترجمة والاستعارة مازالت ترتكز على دراسة داجوت المشار اليها لكنها تحاول فيما نرى اعتبار تركيزه على الجوانب الثقافية والدلالية المشكلة للاستعارة جانبا واحدا فقط من بين جوانب عدة يجب تحليلها ووضعها في الحسبان. وهنا فإننا سنعرض لست دراسات تناولت الموضوع على نحو مباشر كما يلي: 1 - محمد مناصير: ترجمة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير