تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويبدو لنا أن تركز أفعال الأمر الدعائي في المقاطع الثلاثة التي سبقت المقطع الأخير يعبر عن تصاعد انفعال الشاعر , في حين أن خلو المقطع الأخير منها يدل على الوصول إلى نقطة إشباع. ويؤكد ذلك استعمال اسم الفعل الذي يدل على التعجب , والعطف بين ضمير المتكلم وضمير المخاطب.

ويستوقف نظرنا من بين هذه الأفعال قوله في ابتداء المقطع الثالث " كن حيث شئت" فهذا الأمر يختلف عن فعل الأمر السابق "أقبل" , وعن الأفعال التالية "اسكب .. وأفرغ ... " التي تدل على التضرع و الدعاء.

إن الذي يقول كن حيث شئت يريد بها نوعاً من التحدي , وكأنه يقول" لا يهمني من أنت , ولا ابن من تكون " وبهذا يشعر خصمه أنه أعد له اللقاء المناسب , ولكن انظر إلى ما أعده الشاعر هنا " ما أنا إلا معنىً بالمحال " إن شجاعته هي شجاعة من استعد لأن يضرب حتى الموت وكأنه يقول " عظمتك لا تخيفني , لأني أعلم أني لاشيء".

أما إذا نظرنا إلى الصور فمخاطبة الشاعر للقمر كما لو كان إنسانا عاقلاً أمر غير مستغرب في لغة الشعر ... فتلك الصور التي رسمها الشاعر تعبر عن شوقه إلى الانعتاق من هموم الدنيا, وقد عرف بسخطه على الحياة و الأحياء , ناعياً سوء حظه وضياع عمره , ولكننا لابد أن نتوقف عند سلبية الصور التي يرسمها لنفسه , فهو لا يخوض صراعاً من أي نوع كان , وإنما هو فريسة الهم و السقم و الشقاء , ولذلك فإن " القمر" يجب أن يصنع له كل شيء , ويجب أن يشفيه من همه المسقم , وأن يجعله خالداً مثله. ويأخذه بعيداً عن عالم المعاناة هذا , وربما خيِّل إلينا قوله " واخلع على قلبي الصفاء" أنه يعاني نوعاً من الصراع الداخلي ,لكننا لابد أن نستبعد هذا الفهم حيث نجده يقول:

قدحي ترنَّق فاسقني قدح الشعاع مطهرا

فهو (مستقبل) فحسب , الحياة تسقيه كدرا , وهو يريد شراباً صافيا , مع أنه لم يفعل شيئاً يستحق هذه النعمة إلا الصبر و التمني.

ولابد أن نلاحظ أيضاً أن تمثيل الشاعر للنعمة التي يرجوها من القمر قد غلبت عليه صورة " الشراب":" ما أظمأ الأبصار لك" " ظمآن أرشف ما تجود" ," اسكب ضياءك في دمي" " أفرغ خلودك في الشباب", وإن كانت هناك صورة لمسية وهي صورة العناق" طابا عناقاً في الأثير" , وصورة بصرية " العين بعدك عمياء" وثالثة مستعارة من اللبس " اخلع على قلبي الصفاء" .. وغلبة صور الشراب تجعلنا نميل إلى الظن بأن في القصيدة حزمة انفعالية ترجع في منشئها إلى المرحلة الفمية في حياة الطفل ... فعلماء التحليل النفسي يقولون: ترتكز حياة الطفل النفسية في أشهره الأولى حول فمه , فالفم هو مصدر المعرفة ومصدر الوجدان والنزوع جميعاً, فهو يرضع بفمه , يحب بفمه , ويناغي بفمه , ويميز الأشياء بفمه , والدليل على أن هذا الفم هو مصدر كل الأحاسيس الوجدانية لدى الإنسان في مراحل حياته الأولى هو أننا ربما لاحظنا أن الطفل عندما ينتهي من الرضاعة يتصبب عرقا ,وهذا يدل على الاندماج الكامل بين الأم والطفل , وعندما تنزع الأم طفلها قبل إتمام الرضاعة فإن أمارات الفزع والغضب تبدو واضحة تماماً عليه.

فالشاعر يريد أن يشعر بالاندماج الكامل بينه وبين القمر فيخلع عليه صفات الأم من العناق في قوله " طابا عناقاً في الأثير" فهو تعبير دقيق عن عناق الأم لطفلها , ومن الحنان في قوله " تحنو عليك وتلثمك", أما في قوله " العين بعدك عمياء" فهي تطابق المعروف عن اكتمال الإحساسات البصرية لدى الرضيع وأنها أول ما تتركز على أمه.

فالصور تغوص في أعماق العقل الباطني وإن تشربت كثيراً من التجارب الواعية , فهو - الشاعر – يعيش وسط أحلام وأماني و أوهام يحاول أن يصل إلى السعادة المفتقدة من خلال مناجاته مع القمر وكأنه طفل يحاول أن يتشبث بتلابيب أمه الغائبة.

فرؤيا الشاعر المفتقدة التي يختم بها قصيدته رؤيا التوحد مع الأم , في وجود لا مكان فيه لغيرهما , وقد شعر أنه مع ذلك الكائن العجيب القادر يحلق في الأعالي وهذا ما يقوله اللاوعي وللاشعور ... أما وعي الشاعر فيقول له إنه حلم مستحيل ولكنه وقد أعد نفسه له لا يملك إلا أن يسترسل فيه).

ـ[] [~عاشقة الضاد~] []ــــــــ[14 - 04 - 2005, 11:05 م]ـ

مممممممشششششششششككككورة حبيبتي

مممممم

هل استطيع ان اخذ هذة القصيدة واضيف ماعندي من شرح ((يعني ارتبها)) واصوغها باسلوبي واقدمة كتقرير ولكن يجب اولا ان ابحث او ان اكتب نبذة عن حياة الشاعر واضيف علية بعض الصور والتشبيهات والاستعارات والجناس والسجع و ... و,,

جزااااااااك الله الف الف الف خييييييييير

ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[15 - 04 - 2005, 01:03 ص]ـ

بإمكانك أخيتي لكن الأهم أن تضعي كلام المؤلف بين أقواس للأمانة العلمية.

المنهج الذي اتبعه شكري هو " الأسلوبية" وليس من حرج في أن تستفيدي من المناهج النقدية باختلافها!

ـ[المستبدة]ــــــــ[15 - 04 - 2005, 02:16 ص]ـ

أهلاً بك أختي الفاضلة ..

أحييك على هذه الحماسة في طلب العلم،

وأحيي محاولتك في القراءة لرفع علمك والارتقاء به.

ولعلّ في الكتب التالية،ما يشبع حاجتك:

1/جماليات الأسلوب "الصورة الفنيّة في الأدب العربي ":د. فايز الداية،بيروت، دار الفكرالمعاصر، لبنان،دمشق،دار الفكر، سورية،ط2،1416=1995.

2/شعرنا القديم والنقد الحديث:د. وهب أحمد روميّة.

3/في النقد والأدب:ايليا الحاوي، بيروت، دار الكتاب اللبناني،ط2،جـ 5، 1986 ..

نعم .. كتاب (شكري محمد عيّاد) من أجلّ الكتب وأجملها في (علم الأسلوب).

كتبت لك شيء من أسماء الكتب التي لديّ بتواريخها وطبعاتها.

وثمة بعض الكتب الأخرى،إن أردتِ.

آمل لكِ التوفيق والسداد.

تحيّة،،،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير