تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المعنى التقليدي هو الكلام المستعمل في سياق الاتصال والذي يزيد على الجملة الواحدة. وما يزال الاهتمام بفهم الاستعمال اللغوي في سياق الاتصال مهما في التصور المعاصر للخطاب. وقد أدمجت نظرية الكلام - الفعل أو فعل الكلام Speech-act - Acte de parole عند اوستن Austin وسيرل Searle في تحديد دلالة الخطاب عند البحث الأنجلو أمريكي. وهي نظرية تقول بأن اللغة لا تقتصر على بناء قضايا عن العالم صادقة أو كاذبة بل هي نوع من الفعل والتعبير عن قصد. وفهم معنى نطق يتطلب ما هو أكثر من معرفة ما يشير إليه، أي فهم قوته، وتأثيره في السامع. فالكلمات تقوم بأشياء فهي تأمر وتسأل وتعد وتعلم وتقنع وتخدع وتخيف وتسلي، فهناك جانب يتعلق بالتحقيق Illocution-Illocution ويمكن توصيله بوسائل غير لغوية، تحركات مثلا ولا يقف عند القول أو العبارة Locution - Locution من الناحية النحوية، بالإضافة إلى جانب ما تفعله الكلمات في الواقع أي تأثيرها على السامع وهو الجانب الأدائي Perlocution-Perlocution.

وتلك النظرية تصور الشروط الضرورية لفعل توصيل يفي بمتطلبات الصلاحية. وهناك مساحات أخرى للبحث مرتبطة بالخطاب، تحاول فهم اللغة كقوة اجتماعية، بتحليل الأنتظامات والضوابط المؤثرة في المحادثات الجارية (انظر أجناس الكلام). ويعمل علم اللغة الوظيفي على تحديد تفاضل الأشكال النحوية من ناحية علاقتها بالسياق والاحتياجات الاجتماعية والشخصية التي تخدمها اللغة. ويرتبط ذلك التفاضل بين الأشكال (مثل البناء للمعلوم والبناء للمجهول) بسياق أوسع إيديولوجي وسياسي. (مثل استخدام الأسماء الكلية أو الشخصية). فعلم اللغة الوظيفي يسلط الضوء على تأثير تفاوت السلطة والمكانة في الاستخدامات اللغوية. وقد قدم تحليل الخطاب بالطرائق السابقة تحولا في النظر إلى الأعمال الأدبية، من أفكار النقد الجديدوالشكلانية، اللذين كانا يعتبران الأعمال أشياء قائمة بذاتها مستقلة عن قصد المؤلفوالتأثير في القارئإلى أعتبار الأعمال ممارسة اتصاليةتتحدد اجتماعيا، بين القراء والمؤلفين.

والمصطلح بالفرنسية حينما استخدم كما هو في الكتابات النظرية الإنجليزية كان يحمل معنى خاصا أعطاه له عالم اللغة إميل بنفنست Emile Benveniste الذي يميز بين الخطاب باعتباره صيغة ذاتية للكلام أو الكتابة والقصة Histoire الموضوعية. وفي الخطاب يشار إلى الوضع الحاضر للكلام أو الكتابة بواسطة علامات تحديد الزمان والمكان Deixis - Deictique ( مثل ضمير المتكلم والمخاطب وهنا وهناك والآن ... إلخ) وبواسطة صيغ الفعل. وعلى حين يكشف الخطاب عن طبيعته باعتباره نطقا يستلزم علاقة بين متكلم/كاتب وسامع/قارئ، تخفي القصة ذلك بتركيزها على المنطوق (الملفوظ). وبالإضافة إلى ذلك هناك تمييز آخر يدعو للتشويش ويستعمل في الدراسات السردية. بين القصة والخطاب، فالقصة هي سلسلة أحداث (أفعال-وقائع) وموجودات (شخصيات- ومفردات المشهد) أما الخطاب فهو التعبير ووسائل توصيل المحتوى، أي أن القصة هي ماذا يتم تصويره والخطاب هو كيف يتم ذلك. وفي النظرية الثقافية الحديثة وخاصة عند ما بعد البنيويةيقدم الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي ميشيل فوكو Michel Foucault منظورا آخر للخطاب وتحليله يختلف عن المنظور الأنجلو أمريكي، فالخطاب يعني ممارسة تتألف من مجموعة متسقة الانتظام من العبارات تقدم تقريرا يؤكد نفسه بنفسه عن الواقع بواسطة تعريف لموضوع الاهتمام وإنتاج مفاهيم لتحليله (مثل الخطاب الطبي، الخطاب القانوني، الخطاب الجمالي) ويحكم الخطاب الخاص الذي تجيء فيه العبارة أنواع الروابط التي يمكن إقامتها بين الأفراد كما يستتبع افتراضات معينة عن نوع المخاطبين. وفوكو باختلاف مع الكتابات الانجلو أمريكية يذهب إلى أن الخطاب ظاهرة تاريخية، ولا يؤسس نظرية عامة في الخطاب أو اللغة بل يعكف على وصف أشكال تاريخية متنوعة من الخطابات أو الممارسات الخطابية. ولا يخلط فوكو بين اتساق العبارات في الخطابات والاتساق المنطقي أو النسقي، فالخطاب حدث تاريخي وليس تجسيدا لأي نسق سابق الوجود. وتحليل الخطاب هو مسألة بحث الشروط التاريخية التي تسمح بظهوره دون أن تضمن هذا الظهور. وبما أن الخطاب يحدد موضوعه فلن توجد معايير صدق خارجه. ونحن نصدق خطابا عن الجنس لأننا لا نملك بديلا له

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير