الإسلامية ليس لغياب كتاب مبدعين إسلاميين بقدر ما هو غياب الرؤية الإسلامية المكينة والفاعلة لديهم وقصور أداة المعالجة في نسيج أدبي هادئ ناضج ".
ولكن ما لفتَ الانتباه هو مداخلة لعبده خال ذُيِّلَ بها ذلك التقرير حيث ورد في حديثه مجموعة من الأخطاء والمغالطات التي أنبأت عن جهل في القول وإدعاء للثقافة والإطلاع حيث قال: " ماذا نقصد بقصة إسلامية؟ يبدو أن هذا السؤال ينسل من تحت رداء مصطلح الأدب الإسلامي ... وأضاف أن القصة هي القصة بمعنى أنها منتج يعتمد على المرسل بتوجهاته وأفكاره ومخزونه الثقافي وليس مقتصرا على كونه مسلم أو غير مسلم وليُسْقِط الأدب الإسلامي ما تمَّ كتابته من قبل المسيحيين الذين أنعشوا اللغة العربية من خلال المهجر إلى قوله: " أعطني واحدا ممن يصرخ ليل نهار بمصطلح الأدب الإسلامي قدم فنا راقيا يتغنى فيه كما فعل هؤلاء ـ يقصد المسيحيين ـ!
ثم أضاف: " فالذي يتحكم في المرء مخزونه الثقافي ومناداتنا بمصطلح الأدب الإسلامي أو القصة الإسلامية هذا يعني أننا نُدخل أناساً في الإسلام ونخرج آخرين فحين نخرج أدباء من مثل غازي القصيبي ونجيب محفوظ من مسمى أدباء مسلمين هو حكم مبطَّن على أنهما خارج دائرة الإسلام .. !
ثم يقول: " عندما نقول قصة إسلامية فلا بد أن يكون الواقع كما هو وليتحرك المرسل وفق يقينيَّة من مسلمات العقدية وأتصور أن التقاط المشاهد القصصية زوايا مختلفة يمكِّن القصة أن تحيا كفن وليست كخطبة لأن للفن شروطه وأدواته ... "
تساءل عبده خال أولا عن المقصود بقصة إسلامية ثم أردف أنها تنسل من تحت رداء الأدب الإسلامي وهذا المفهوم صحيح؛ لأن القصة الإسلامية هي نوع من أنواع الأدب الإسلامي , ولكن المهم هو ما أشار إليه بعد ذلك حيث وصف الأدب الإسلامي بأنه مصطلح يحاول البعض تأسيسه على أنه يُعنى بالقضايا الإسلامية , ولكنه غير محدد الأبعاد!
وهذه مغالطة كبيرة جدا إذا ما نظرنا إلى الجهود الكبيرة التي أفناها منظروا هذا الأدب في تعريفه وتوضيح أبعاده و حدوده , وأبسط تعريف لهذا المصطلح هو " الفن الجميل من منطلق إسلامي " وحتى وإن تعددت التعريفات طولا وقصرا فإنها تصب في بحر واحد , والحقيقة أن هذا الرأي يندرج تحت مظلة التجرؤ في النقد الذي يقوم على إصدار الأحكام جُزافا إما للجهل به أو لمجرد استبطان رأيٍّ آخر أو تيارٍ مختلف وهذه ولا شك عدم علميَّة في النقد الصحيح والمنصف.
ثانيا: أكد عبده خال على أن القصة هي القصة حيث تقوم على أنها منتج يعتمد على المرسل بتوجهاته وأفكاره ومخزونه الثقافي وليس مقتصرا على كون المرسل مسلما أو غير مسلم.
وهذا الأمر صحيح ولا غبار عليه , ولكن من قال أن الأدب الإسلامي يخالف هذا أو يرفضه؟ إن الأديب والروائي والقاص على وجه الخصوص في الأدب الإسلامي لا يمكن أن ينتج شيئا دون أن يكون لديه هذا المخزون الثقافي والمعرفي , ولكنَّه يتميز عن الآخرين في كون هذا المخزون ممتزجا بالروح الإسلامية الرائعة والراقية في نفس الوقت تلك الروح التي تراعي فطرة النفوس وتحترم ذوقها وتقدر مشاعرها حق التقدير فيجد فيها القارئ المسلم وغير المتعة والأُنس إلى جانب الفائدة المعرفية وكل هذا يجده القارئ دائما في قالب فنِّي جميل يراعي ذوقه الإسلامي العام.
ثالثا:إن الأدب الإسلامي لا يُسقط كلَّ الأعمال التي صدرت من غير المسلمين لذلك فهو يحترمها ويتعامل معها ويقدر ما فيها من إبداع وحسن وجمال ويستفيد منها أيضاً , أما إذا كانت هذه الأعمال غنائية ساقطة أو شهوانية ما جنة لا جمال فيها ولا إبداع فلا حاجة له بها وهذا ما يفرضه الذوق الفطري السليم.
رابعا:إن الذين ينادون بالأدب الإسلامي ليل نهار فِعلاً لم يقدموا فنّاً راقياً من وجهت نظر عبده خال والسببُ في ذلك أنَّهُ لم يقرأ ولم يطلع على نِتاجهم الأدبي أو حتَّى على شيءٍ منه ولعل المتسبب في ذلك هو التعتيم المفروض حول هذا النَّتاج من الإعلام الذي نراه و أمثاله فيه ليل نهار ولعل جهله هذا قد جاء الآن مايبرِّرُهُ ولكنَّ الأمرَ الذي لا مبرِّرَ لهُ هو تقولُهُ عليه بغير علم.
¥