كَيفَ السَبيلُ إِلى إِخفاءِ حُبِّكُمُ = وَالقَلبُ مُنقَلِبٌ وَالعَقلُ مُعتَقَلُ
يا مُلبِسي القَلبِ ثَوبَ الحُزنِ بَعدَهُمُ = حُزني قَشيبٌ وَصَبري بَعدَكُم سَمِلُ
لِذا بَواكِرُ أَيّامي لِبُعدِكُمُ = أَصائِلٌ وَضُحاها بَعدَكُم طَفَلُ
أَحسَنتُمُ القَولَ لي وَعداً وَتَكرِمَةً = لا يَصدُقُ القَولُ حَتّى يَصدُرَ العَمَلُ
حَتّى إِذا وَثِقَت نَفسي بِمَوعِدِكُم = وَقُلتُ بُشرايَ زالَ الخَوفُ وَالوَجَلُ
حَمَّلتُموني عَلى ضُعفي لِقُوَّتِكُم = مالَيسَ يَحمِلُهُ سَهلٌ وَلا جَبَلُ
لِلَّهِ أَيّامُنا وَالدارُ دانِيَةٌ = وَالشَملُ مُجتَمِعٌ وَالجَمعُ مُشتَمِلُ
شَفَيتُ غُلَّةَ قَلبي وَالغَليلَ بِها = فَاليَومَ لا غُلَّتي تَشفى وَلا الغَلَلُ
يا حَبَّذا نَسمَةُ السَعدِيِّ حينَ سَرَت = مَريضَةً في حَواشي مِرطِها بَلَلُ
لا أَوحَشَ اللَهُ مِن قَومٍ لِبُعدِهِمُ = أَمسَيتُ أَحسُدُ مَن بِالغَمضِ يَكتَحِلُ
غابوا وَأَلحاظُ أَفكاري تُمَثِّلُهُم = لِأَنَّهُم في ضَميرِ القَلبِ قَد نَزَلوا
ساروا وَقَد قَتَلوني بَعدَهُم أَسفاً = يا لَيتَهُم أَسَروا في الرَكبِ مَن قَتَلوا
وَخَلَّفوني أَعُضُّ الكَفَّ مِن نَدَمٍ = وَأَكثِرُ النَوحَ لَمّا قَلَّتِ الحِيَلُ
أَقولُ في إِثرِهِم وَالعَينُ دامِيَةٌ = وَالدَمعُ مُنهَمِرٌ مِنها وَمُنهَمِلُ
ما عَوَّدوني أَحِبّائي مُقاطَعَةً = بَل عَوَّدوني إِذا قاطَعتُهُم وَصَلوا
وُسِرتُ في إِثرِهُم حَيرانَ مُرتَمِضاً = وَالعيسُ مِن طَلِّها تَحفى وَتَنتَعِلُ
تُريكَ مَشيَ الهُوَينا وَهيَ مُسرِعَةٌ = مَرَّ السَحابَةِ لا رَيثٌ وَلا عَجَلُ
لا تَنسِبَنَّ إِلى الغِربانِ بَينَهُمُ = فَذاكَ بَينَ غَدَت غِربانُهُ الإِبِلُ
وَفي الهَوادِجِ أَقمارٌ مُحَجَّبَةٌ = أَغَرَّةٌ حَمَلَتها الأَينُقُ الذَلُلُ
تِلكَ البُروجُ الَّتي حَلَّت بُدورُهُمُ = فيها وَلَيسَ بِها ثَورٌ وَلا حَمَلُ
وَحَجَّتِ العيسَ حادٍ صَوتُهُ غَرِدٌ = بِنَغمَةٍ دونَها المَزمومُ وَالرَمَلُ
حَدا بِهِم ثُمَّ حَيّا عيسَهُم مَرَحاً = وَقالَ سِر مُسرِعاً حُيّيتَ ياجَمَلُ
لَيتَ التَحَيَّةَ كا نَت لي فَأَشكُرَها = مَكانَ يا جَمَلٌ حُيِّتَ يا رَجُلُ
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[06 - 01 - 2008, 09:28 م]ـ
الشاب الظريف
أَحْلى الهَوى أَنْ يَطُولَ الوَجْدُ والسَّقَمُ = وأَصْدَقُ الحُبِّ ما جَلَّتْ بِهِ التُّهَمُ
لَيْتَ اللَّياليَ أَحْلاماً تَعُودُ لَنا = فَرُبَّما قَدْ شَفَى دَاءَ الهَوَى الحُلُمُ
لا آخذَ اللَّهُ جِيرانَ النَّقا بِدَمِي = هُمْ أَسْلَمُونِي لِوَجْدٍ مِنْهُ قَدْ سَلِمُوا
وَحَرَّمُوا في الهَوَى وَصْلِي وَمَا عَطَفُوا = وَحَلَّلُوا بِالنَّوى قَتْلِي وَمَا رَحمُوا
وَفَّيْتُهُمْ حَقَّ حِفْظِ العَهْدِ مُغْتَبطاً = بِهِمْ وما رُعِيَت لي عِنْدَهُمْ ذِمَمُ
يَا غَائبينَ وَوَجْدي حَاضِرٌ بِهِم = وَعَاتِبينَ وَذَنْبي في الغَرامِ هُمُ
لا أَوْحَشَتْ مِنْكُمُ دارٌ بِكُمْ شَرُفَتْ = ولا خَلَتْ مِنْ مَغَانِي حُسْنِكُمْ خِيَمُ
بِنتُمْ فلا طَرْفَ إلّا وَهْو مُضْطرِبٌ = شَوْقاً ولا قَلْبَ إِلّا وَهْوَ مُضْطَرِمُ
فكُلُّ أَرْضٍ وَطِئْتُمْ تُرْبَها فَلَكٌ = وَكُلُّ وادٍ حَلَلْتُمْ رَبْعَهُ حَرَمُ
هل عائدٌ والأماني قَلَّما صَدقتْ = دَهْرٌ مَضَى وَمغاني حُسْنِكُمْ أُمَمُ
فَالجِسْمُ مُذْ غِبْتُمُ بِالسّفْحِ مُتّشِحٌ = وَالقلبُ مُضْطَرِبٌ بالشَّوْقِ مُضْطَرِمُ
لم يُنْسِنا سَالِفاً مِنْ عَهْدِكُم قِدَمٌ = وَلا سَعَتْ بِالتَّسَلّي نَحْوَنا قَدَمُ
أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ رَكْباً في هَوادِجِهِمْ = مُحجَّبٌ لَيْسَ تُرْعَى عِنْدَهُ الذممُ
لَهُ مِنَ الغُصْنِ قَدٌّ زَانَهُ هَيَفٌ = وَمِنْ غزالِ الحِمَى طَرْفٌ بِهِ سَقَمُ
يَبيتُ قَلْبي عَلَيْهِ حُرْقَةً وَجَوىً = وَقَلبُهُ بَارِدٌ مِنْ لَوْعَتِي شَبِمُ
ظَلِلْتُ فِيهِ وَأَمْسَى قَلْبُهُ حَجَراً = لَمْ يَشْفِ قَطّ مُحِبّاً شَفَّهُ أَلَمُ
فَوا الّذي زَانَهُ مِنْ طَرْفِهِ سَقَمٌ = وَأَودَعَ السِّحْرَ فيهِ أَنَّهُ قَسَمُ
لَوْلا تَثنِّي رُدَيْنِيِّ القَوامِ بِهِ = حَلفْتُ أَلْفَ يَمِينٍ أَنَّه صَنَمُ
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 01 - 2008, 11:07 م]ـ
لَولا الهَوى ما ذابَ مِن حَنينِهِ = صَبٌّ أَصابَتهُ عُيونُ عَينِهِ
مُتَيَّمٌ لا تَهتَدي عُوّادُهُ = إِلّا بِما تَسمَعُ مِن أَنينِهِ
أَصبَحَ يَخشى الظُبيَ في كِناسِهِ = وَلا يَخافُ اللَيثَ في عَرينِهِ
يَعتَذِرُ الرُشدُ إِلى ضَلالِهِ = وَيَقرَأُ العَقلُ عَلى جُنونِهِ
يا جيرَةَ الحَيِّ أَجيروا عاشِقاً = ما حالَ عَن شَرعِ الهَوى وَدينِهِ
باطِنُهُ أَحسَنُ مِن ظاهِرِهِ = وَشَكُّهُ أَوضَحُ مِن يَقينِهِ
لا تَحسَبوا ما ساحَ فَوقَ خَدِّهِ = مَدامِعاً تَسفَحُ مِن جُفونِهِ
وَإِنَّما ذابَ جَليدُ قَلبِهِ = فَطَرفُهُ يَرشَحُ مِن مَعينِهِ
صفي الدين الحلي
¥