قالت أمامة ما لجسمك شاحبا منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع
أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا إلا أقض عليك ذاك المضجع
فأجبتها أن ما لجسمي أنه أودى بني من البلاد وودعوا
أودى بني وأعقبوني حسرة بعد الرقاد وعبرة لا تقلع
ولقد أرى أن البكاء سفاهة ولسوف يولع بالبكا من يفجع
سبقوا هوى وأعنقوا لهواهم فتخرموا ولكل جنب مصرع فغبرت بعدهم بعيش ناصب وإخال أني لاحق مستتبع
ولقد حرصت بأن أدافع عنهم وإذا المنية أقبلت لا تدفع
وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع
فالعين بعدهم كأن جفونها كحلت بشوك فهي عور تدمع
وتجلدي للشامتين أريهم أني لريب الدهر لا أتضعضع
حتى كأني للحوادث مروة نصف المشقر كل يوم تقرع
لابد من تلف مقيم فانتظر أبأرض قومك أم بأخرى المضجع
ولقد أرى أن البكاء سفاهة ولسوف يولع بالبكا من يفجع
وليأتين عليك يوما مرة يبكي عليك معنفا لا تسمع
فلئن بهم فجع الزمان وريبه إني بأهل مودتي لمفجع
والنفس راغبة إذا رغبتها وإذا ترد إلى قليل تقنع
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ القوى كانوا بِعَيشٍ قبلنا فَتَصَدَّعوا (2)
..........................................................................
1ـ هو خويلد بن خالد بن محرث بن زبيد بن مخزوم بن الحارث بن تميم بن سعد ابن هذيل. طبقات فحول الشعراء لابن سلام. وانظر كتاب في النص الإسلامي والأموي, د. محمد الهرفي.
2ـجواهر الأدب صفحة.445 وانظر جمهرة شعراء العرب ص 60
وهذا الشاعر علي بن ثابت (1) يرثي ابنه أيضا بقصيدة يملئها الحزن ,والأسى على فقيده , ويقول:
يا كذب الله من نعى حسناً ليس لتكذيب نعيه ثمن
أجول في الدّار لا أراك وفي الدّ ار أناسٌ جوارهم غبن
كنت خليلي وكنت خالصتي لكلّ حيٍّ من أهله سكن
بدّلتهم منك، ليت أنّهم أمسوا وبيني وبينهم عدن (2)
وجرير من الشعراء الذين رثوا أبنائهم وهذه قصيدة في رثاء ابنه سوادة الذي بكاه, بكاء اباً حزينا متألما , ويقول فيها: (3)
قالوا: نصيبك من أجرٍ فقلتُ لهم من للعرين ِ إذا فارقت أشبالي
لكن سوادةُ يجلو مقلتي لَحِمٍ بازٍ يُصرصرُ فوق المرقب العالي
قد كنتُ أعرفهُ مني إذا غَلِقَت رُهنً الجياد ومدَّ الغايةَ الغالي
إلا تكن لك بالدَّيْرَين باكيةٌ فَرُب باكيةٍ بالرمل معوال ِ
كأم بَوٍّ عجولٍ، عند معهده حنّت إلى جَلَدٍ منه،وأوصال ِ
ترتعُ ما نَسِيَت حتى إذا ذَكَرَت ردّت هَماهمَ حَرّى الجوفِ مِثكال ِ
زِدنا على وَجْدِها وَجْداً وإن رَجَعَت في القلب منها خُطوبٌ ذاتُ بَلبَال ِ
فارقْتَني حينَ كفّ الدهرُ من بصري وحينَ صرتُ كعظمِ الرّمةِ البالي
إن الثويّ بذي الزيتونِ فاحتسبي قد أسرَعَ اليومَ في عقلي وفي حالي (4)
...........................................................................
1ـ هو علي بن ثابت بن قيس الأنصاري. التعازي والمراثي ,لأبو العبَّاس المبرِّد, صفحة 107
2ـ نفس المصدر التعازي والمراثي107,108
3ـ هو أبو حزرة بن عطية بن الخطفى التميمي اليربوعي: أحد فحول الشعراء الإسلاميين، جواهر الأدب. لأحمد الهاشمي صفحة 198.وانظرطبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي, ص36
4ـ ديوان جريرج2 صفحة:39. والأغاني للأصفهاني ,ج2, ص313
وقال الفرزدق أيضاً يرثي ابنين له ماتا في مدة يسيرة: (1)
بفي الشامتين التّرب إن كان مسّني رزيّة شبلي مخدرٍ في الضّراغم
وما أحدٌ كان المنايا وراءه وإن عاش أيّاماً طوالاً بسالم
أرى كلّ حيٍّ لا تزال طليعةً عليه المنايا من ثنايا المخارم
يذكّرني ابنّي السّماكان موهناً إذا ارتفعا فوق النّجوم العواتم
وقد رزيء الأقوام قبلي بنيهم وإخوانهم فأقني حياء الكرائم
ومات أبي والمنذران كلاهما وعمرو بن كلثومٍ شهاب الأراقم
وقد كان مات الأقرعان وحاجبٌ وعمروٌ أبو عمروٍ وقيس بن عاصم
وقد مات بسطام بن قيلم يهلكاهم عشيّة بانا، رهط كعبٍ وحاتم
فما ابناك إلاّ من بني النّاس فاصبري فلن يرجع الموتى حنين المآتم (2)
إلى هذا القدر نكتفي بما قدمنا من قصائد في رثاء الأبناء في صدر الإسلام والعصر الأموي, وننتقل الى العصر العباسي, وسوف نستعرض ابرز القصائد التى قيلت في رثاء الأبناء, وبالله التوفيق.
.......................................................................
1ـ هو أبو فراس همام بن غالب التميمي الدارمي أفخر ثلاثة الشعراء الأمويين, ولد سنة 15 ه ونشأ بالبصرة. جواهر الأدب , لأحمد الهاشمي صفحة197
2ـ ديوان الفرزدق ,ج2,صفحة 764,765. وانظر التعازي والمراثي ,للمبرد صفحة 42,43
ـ[ابوروان]ــــــــ[15 - 12 - 2007, 12:06 م]ـ
جزاك الله كل خير فقد والله قدمت لي خدمة جليلة أسأل الله أن يثيبك عليها
انا في الخدمة ...
ـ[ممراح]ــــــــ[15 - 12 - 2007, 12:22 م]ـ
بحث رائع قوي
القصائد في رثاء الأبناء .. تدمي القلب قبل أن تدمع العين,,,
لاأستطيع اكمالها ...
أسأل الله أن لايفجعنا وأياكم .. ويرضينا بقضائه ..
¥