وما سرني أن بعتُهُبثوابه ولو أنه التَّخْليدُ في جنَّة ِ الخُلدِ
ولا بعتُهُطَوعاً ولكن غُصِبته وليس على ظُلمِ الحوداث من معدِي
وإنّيوإن مُتِّعتُ بابنيَّ بعده لذاكرُه ما حنَّتِ النِّيبُ فينجدِ
وأولادنا مثلُ الجَوارح أيُّها فقدناه كانالفاجع البَيِّنَ الفقد
ِلكلٍّ مكانٌ لا يسُدُّاختلالهُ مكانُ أخيه في جَزُوعٍ ولا جلدِ
إذالعِبا في ملعب لك لذَّعا فؤادي بمثل النار عن غير ماقَصدِ
فما فيهما لي سَلوة ٌ بلْ حَزَازة ٌ يَهيجانِها دُونيوأَشقى بها وحدي
وأنتَ وإن أُفردْتَ في دار وحْشة ٍ فإني بدارالأنسِ في وحشة الفردِ
أودُّ إذا ما الموتُ أوفدَ مَعشَراًإلى عَسكر الأمواتِ أنِّي من الوفْدِ
ومن كانَ يَستهدي حَبِيباًهَديَّة ً فطيفُ خيالٍ منك في النوم أستهدي
عليك سلامُ اللهمني تحيَّة ً ومنْ كل غيثٍ صادقِ البرْقِ والرَّعدِي (2)
...................................................................................................
1ـهو أبو الحسن علي بن العباس بن جريج الرومي مولى بني العباس. جواهر الأدب, احمد الهاشمي ج1 ص 373
2ـ ديوان ابن الرومي ج1 صفحة625
وهذا أبو الحسن التهامي يرثي ابنه في قصيده لم اسمع بأروع منها في الرثاء على مر العصور فبالفعل أن موت ابنه اثر فيه الأثر الواضح
في أبياته المبكية التي تقطر دمعاً على فراق ابنه ويقول في قصيدته الرائية: (1)
حكم المنية في البرية جاري ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يُرى الإنسان فيها مخبراً حتى يرى خبراً من الأخبار
طُبعت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقذاء والأكدار!!
ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما تبني الرجاء على شفير هار
فالعيش نوم والمنية يقظة والمرء بينهما خيال سار
فاقضوا مآربكم عجالاً إنما أعماركم سفر من الأسفار
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا أن تسترد فإنهن عوار
يا كوكباً ما كان أقصر عمره وكذاك عمر كواكب الأسحار
وهلال أيام مضى لم يُستدر بدراً ولم يمهل إلى الأسحار
عجل الخسوف إليه قبل أوانه فمحاه قبل مظنة الإبدار
واستُل من أترابه ولداته كالمقلة استُلت من الأشفار
فكأن قلبي قبره وكأنه في طيّه سر من ألأسرار
إن الكواكب في علو مكانها لترى صغاراً وهي غير صغار
ولد المعزى بعضه فإذا مضى بعض الفتى فالكل في الآثار
أبكيه ثم أقول معتذراً له وُفّقتَ حين تركتَ ألأم دار
جاورتُ أعدائي وجاور ربه شتان بين جواره وجواري (2)
.......................................................................
1ـ هو أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. توفي يوم 9 جمادى الأولى 416هـ.
2ـ ديوان التهامي ص 47,48 وانظر جواهر الأدب لأحمد هاشمي ج1 ص498,499
ونختم هذا الفصل في أبيات للشاعر أبو العتاهية (1) وهوا يرثي ابنه علي في أبيات تملائها الحكمة والموعظة ويقول فيها:
بكيتك يا بني بدمع عيني
فلم يغن البكاءُ عليك شيّا
وكانت في حياتك لي عظاتٌ
وأنت اليوم أوعظُ منك حيّا (2)
والى هنا نكون قد انهينا الفصل الثاني ونسال الله القدير أن نكون اخترنا ما يفي لهذا الغرض ..
.......................................................................................
1ـاسمه إسماعيل بن القاسم بن سويد, وكنيته أبو إسحاق وهو مولى لعنزة، الشعر والشعراء لابن قتيبة صفحة 169
2ـ جواهر الأدب لأحمد هاشمي ج1صفحة2
.
ـ[ابوروان]ــــــــ[29 - 12 - 2007, 01:00 م]ـ
الفصل الثالث ..
ــ الخصائص الفنية لشعر رثاء الأبناء ــ
ـ مدخل:ـ
إن شعر الرثاءـ رثاء الأبناءـ فن , وهو فرع من الأنواع الشعرية يشترك معها فيكونه تعبيراً فنياً، وله خصوصيته التي تميزه عن بقية الأغراض الشعرية, وفي هذا الفصل سوف نعرض لأهم الخصائص لنّصوص التي قيلت في رثاء الأبناء .. وبالله التوفيق.
ـ البناء الفني لقصيدة رثاء الأبناء ..
إن قصيدة رثاء الأبناء ذات وحدة موضوعية, يقول الدكتور مخيمر صالح "وأول ما يطالعنا في بنا قصيدة رثاء الأبناء استقلاليتها عن غيرها من الموضوعات فجميع قصائد رثاء الأبناء جاءت مخصصة للرثاء من أول القصيدة إلى أخر القصيدة" (1)
..................................................................................
1ـ رثاء الأبناء, د. مخيمر صالح صفحة 136
¥