تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إذن فالحداثة ثورة ضد القديم وضد التراث وضد الأخلاق وضد اللغة, وسوف يتضح ذلك للقارئ العادي عندما يتتبع مقولاتهم وتصريحاتهم ,فأشعارهم وأقوالهم مليئة بسب التراث ككل والنيل من اللغة والدين بالذات, وأما الأخلاق فقصائدهم تضج بالعهر والعري والخطيئة والخمر وغيرها ,وأما اللغة فقد حرصوا على إهانتها وإفساد روعتها والتلاعب بقواعدها ومعانيها وإليك توضيح ذلك:

[اللغة وهجوم الحداثة]

كثيرًا ما يردد الحداثيون شعاراتهم المعروفة والمعلنة, وأنهم جاؤا في الأدب واللغة والشعر, وأنهم يريدون الوصول بالعرب إلى ساحة الأدب العالمي, وقالو كذلك أنه لابد من سماع الرأي الآخر والأخذ من ولابد من المثاقفة والأخذ من عباقرة الغرب ,ولعله من نافلة القول دعوتهم إلى نبذ التراث ونبذ الجمود وأنهم ضد الأشكال والأساليب المحنطة, والتعابير المبسطة الممجوجة, والتشبيهات المفهومة حتى لدى الأطفال.ولعل أبرز سمات هذا الأدب الجديد الدعوة إلى الغموض وإلغاء المعاني والربط اللفظي للنص دون المعنى واستخدام الرموز والإيحاءات (4) ,ولعلي أورد بعض مقولاتهم في ذلك.

يقول أدونيس:"فإن القصيدة الجديدة ... تركيب جدلي لانهائي بين هدم الأشكال وبنائها " ويقول:"الشاعر يطمح أن يكون وأن يبقى ضد التقليد الثابت"

"تجاوز الماضي ... الأشكال والمقاييس والمفاهيم التي نشأت عن أوضاع وحالات مرتبطة بزمانها ومكانها وبات من الضروري أن يزول فعلها"

"لقد انتهى عهد الكلمة الغاية ... فتفرغ الكلمات من معانيها الموضوعة والموجودة مسبقًا في المعاجم أو على الألسن .. "

ويقول د. عبد الله الغذامي " وهذه النظرة المتكاملة في تصور الوحدة تخدم في تقديم العمل الأدبي لا على أنه ناقل للمعنى ولكن على أنه قيمة جوهرية التولد ذاتية التحول"

"إن الشاعر يحرر الكلمة من معانيها ومما علق ها من غبار السنين فيطهرها ويغسلها " ويقول كمال أبوذيب "هي تثوير جذري للفكر " ويقول أحمد كمال زكي " الشعر الذي يفهم ليس بشعر" ويقول سعيد السريحي"إن هذه الأبواب الإبداعية ذات طبيعة تجعل من الغموض ضربة لازب" (5)

وعلى كلٍ فإن هذه المقولات والدعوات ما تزال تتواجد وتنتشر في الصحف والجرائد والملاحق الأدبية .....

إنهم بغموضهم البغيض وإقصاء المعاني عن الألفاظ يخالفون مقاصد اللغة العربية, بل إن جميع اللغات نشأت من أجل الإبلاغ والإيضاح ليسهل التفاعل والتعامل والتحدث بين الناس ,فالإبلاغ وظيفة اللغة الأساسية بإجماع علماء اللغات وبلا استثناء.

والناضر إلى آيات الله والقارئ لكتابه يعرف قوله تعالى "نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين" وقوله تعالى " وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءًا يصدقني إني أخاف أن يكذبون"

فالحداثة إذن تخالف القرآن الكريم مخالفة صريحة ودعوتها إلى إغفال المعاني دعوة ضالة قائمة على أفكار البشر الضعفاء الذين قال الله سبحانه وتعالى فيهم "ألم يرى الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين" الآية. فدعوتهم إلى إغفال المعاني وعزلها عن الألفاظ وإفراغ الكلمات من مضامينها فيه تناقض صارخ مع ما ورد في الكتاب والسنة من الحرص على صون اللسان وأن الإنسان محاسب على كل ما ينطق به ويقوله, فلابد من حفظه من الزلل , وما الحداثة إلا وكر عظيم من أوكار الزلل ومنبع للضلال والزيغ (6).

لقد تطرف الحداثيون تطرفًا جارفًا عندما دعوا إلى تفكيك اللغة وعدم الالتزام بالإعراب والتثنية والجمع والدعوة إلى الثورة على اللغة لفظًا ومعنى فهي دعوة فوضوية بحجة التجديد في اللغة!!

يقول سعيد السريحي:" حيث أصبح من خصائص القصيدة الجديدة ذلك التركيب غير العادي للعبارة من حيث التقديم والتأخير ,والفصل والوصل, وأصبحنا نجد الألفاظ تتناثر تناثرا عجيبًا ,لا تربطها رابطة, إذ اختفت كثيراً من لأدوات النحوية التي اعتدنا وصل الجمل بها ,وكذلك استعمالها حروف كثيرة في غير معانيها التي وضعت لها , وتوالت الضمائر من غير أن يكون هناك ذكر لمن تعود له ,ومن شأن ذلك أن يزيد من غموض القصيدة الجديدة فصالها عن القارئ وقد حرص الشاعر المحدث على كسر الإطار العام للتركيب اللغوي خلال ثورته على الاتجاه العقلي الذي هيمن على القصيدة "

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير