يُعد الوقف والابتداء من الموضوعات الهامة لحملة القرآن الكريم، حيث أوجب المتقدِّمون على القارئ معرفة الوقف والابتداء.
سئل الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن قوله تعالى: " وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلا" {المزمل:4}، فقال: الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف، قال ابنُ الجزري: ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته (1)، وقال في مقدمته:
وَبَعْدَ تَجْوِيدِكَ لِلْحُرُوفِ لابُدَّ مِنْ مّعْرِفَةِ الوقُوفِ
وقال ابن الأنباري: من تمامِ مَعرفةِ القرآن معرفةُ الوقف والابتداء، إذ لا يتأتى لأحدٍ معرفة معاني القرآن إلا بمعرفة الفواصل، فهذا أدلُّ دليل على وجوبِ تعلُّمِه وتعلِيمه اهـ (2).
وعن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه أنه قال لرجل معه ناقة: أتبيعها بكذا فقال: ((لا عَافَاكَ اللهُ))، فقال: لا تقل هكذا!، ولكن قل: ((لا وَعَافَاكَ اللهُ))، فأنكر عليه لفظه، ولم يسأله عن نيته)) أ.هـ (3).
وقال أبو جعفر النحاس – رحمه الله تعالى -: ((وقد كره إبراهيم النخعي أن يقال: لا، وَالحمْدُ للهِ، ولم يكره: ((نعم، والحمد لله)) (4).
(1) انظر: النشر: ص:225.
(2) انظر: منار الهدى: ص: 5 – 6، هداية القارئ: ص:365.
(3) انظر: القطع والائتناف: ص: 94، والمكتفى: ص: 58.
(4) انظر: القطع والائتناف: ص: 31.
* فنون علم الوقف والابتداء:
قال ابن مجاهد: لا يقوم بالتمام في الوقف إلا:
1 - نحويّ.
2 - عالم بالقراءات.
3 - عالم بالتفسير.
4 - عالم بالقصص، وتخليص بعضها من بعض.
5، 6 - عالمٌ باللغة التي نزل بها القرآن، وكذا علم الفقه (1).
* الوقف بحر لا يدرك ساحله: جاء في التقرير العلمي لمصحف المدينة المنورة: وقد صار هذا الشأن عِلمًا جليلا، صُنفت فيه المصنفات، وحُرِّرت مسائله وغوامضه، إلا أنه مع ذلك يعد مجالاً واسعًا لإعمال الفكر والنظر، لأنه ينبني على الاجتهاد في فهم معاني الآيات القرآنية واستكشاف مراميها، وتجلية غوامضها.
وذكر التقرير العلمي كذلك أن الوقف والابتداء بحرٌ لا يدرك ساحله، ولا يوصل إلى غوره، وإنَّ اللجنة بذلَتْ جهدها قدر الوسع والطاقة، وحرَّرتْ ما أمكن لها تحريره من الوقف دون أن تدعي حصر ذلك ولا بلوغ الكمال فيه، إذ بقي فيه مجال لأهل العلم ممن أوتي حظًا من العلوم التي ذكرها ابن مجاهد، أن يتكلم فيه (2).
1) القطع والائتناف: ص: 94، والمكتفى: للإمام أبي عمرو الداني: ص: 58 (2) التقرير العلمي لمصحف المدينة النبوية: 1405هـ ص: 49.
أسأل الله أن ينفعنا بالعلم النافع ويجعله حجة لنا لا علينا
المرجع: سلسلة الوقف والابتداء (الوقف الاختياري) لـ جمال القرش
يتابع بإذن الله تعالى
ـ[جمال القرش]ــــــــ[25 Nov 2008, 08:31 م]ـ
يتابع بإذن الله:
2 - تعريف الوقف وأنواعه
* تعريفه لغة: الكف والحبس.
اصطلاحًا: هو عبارة عن قطع الصوت عند آخر الكلمة زمنًا ما، فيتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة.
* أنواعه: خمسة: (اختباري - اضطراري - اختياري - تعريفي - انتظاري).
النوع الأول: الاختباري:
هو ما يطلب من القارئ بقصد الامتحان، كالمقطوع والموصول، والمحذوف من حروف المد، والتاءات المبسوطة.
حكمه: الجواز بشرط أن يبتدئ الواقف بما قبله مِمَّا يصلح الابتداء به.
النوع الثاني: الاضطراري: هو ما يعرض للقارئ بسبب ضرورة ألجأته إلى الوقف، كـ (ضيق النفس، أو العطاس، أو القيء، أو غلبه البكاء، أو النسيان).
حكمه: يجوز الوقف - وإن لم يتمَّ المعنى - وبعد ذهاب الضرورة التي ألجأته إلى الوقف على هذه الكلمة، فليبتدئ مِمَّا قبلها، مِمَّا يصلح البدء به
النوع الثالث: الاختياري: هو ما يقصده القارئ باختياره من غير عروض سبب من الأسباب المتقدمة في الوقف الاختباري أو الاضطراري.
النوع الرابع: التعريفي: وهو ما تركب من الاضطراري، والاختباري، كأن يقف لتعليم قارئ، أو لإجابة ممتحن، أو لإعلام غيره بكيفية الوقف.
النوع الخامس: الانتظاري: وهو الوقف على كلمات الخلاف، لقصد استيفاء ما فيها من الأوجه حين القراءة، بجمع الروايات.
¥