تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و حكى أبو الحسن الصقلي أن القاضي أبا بكر الطيب قال: إن الله تعالى إذا ذكر في القرآن ما نسبه إليه المشركون سبح نفسه لنفسه، كقوله {و قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه}، و ذكر تعالى ما نسبه المنافقون إلى عائشة فقال {ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك}، سبح نفسه في تبرئتها من السوء كما سبح نفسه في تبرئته من السوء، و هذا يشهد لقول مالك في قتل من سب عائشة، ومعنى هذا و الله أعلم أن الله لما عظم سبها كما عظم سبه وكان سبها سباً لنبيه، و قرن سب نبيه وأذاه بأذاه تعالى، وكان حكم مؤذيه تعالى القتل، كان مؤذي نبيه كذلك. الشفاء للقاضي عياض (2/ 267 - 268).

و قال أبو بكر بن العربي: إن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة فبرأها الله، فكل من سبها بما برأها الله منه فهو مكذب لله، و من كذب الله فهو كافر، فهذا طريق قول مالك، و هي سبيل لائحة لأهل البصائر ولو أن رجلاً سب عائشة بغير ما برأها الله منه لكان جزاؤه الأدب. أحكام القرآن لابن العربي (3/ 1356).

و ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعض الوقائع التي قتل فيها من رماها رضي الله عنها بما برأها الله منه، حيث يقول: و قال أبو بكر بن زياد النيسابوري: سمعت القاسم بن محمد يقول لإسماعيل بن إسحاق أتى المأمون بالرقة برجلين شتم أحدهما فاطمة و الآخر عائشة، فأمر بقتل الذي شتم فاطمة و ترك الآخر، فقال إسماعيل: ما حكمهما إلا أن يقتلا لأن الذي شتم عائشة رد القرآن.

قال شيخ الإسلام: وعلى هذا مضت سيرة أهل الفقه والعلم من أهل البيت وغيرهم.

قال أبو السائب القاضي: كنت يوماً بحضرة الحسن بن زيد الدعي بطبرستان، و كان بحضرته رجل فذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة، فقال: يا غلام اضرب عنقه، فقال له العلويون: هذا رجل من شيعتنا، فقال: معاذ الله ن هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين و الطيبون للطيبات، أولئك مبرءون مما يقولون، لهم مغفرة و رزق كريم}، فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث، فهو كافر فاضربوا عنقه، فضربوا عنقه و أنا حاضر.

و روي عن محمد بن زيد أخي الحسن بن زيد أنه قدم عليه رجل من العراق فذكر عائشة بسوء فقام إليه بعمود فضرب دماغه فقتله، فقيل له: هذا من شيعتنا و من بني الآباء، فقلا: هذا سمى جدي قرنان – أي من لاغيرة له -، و من سمى جدي قرنان استحق القتل فقتلته.

و قال القاضي أبو يعلى: من قذف عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف، و قد حكي الإجماع على هذا غير واحد، و صرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم.

و قال أبي موسى – و هو عبد الخالق بن عيسى بن أحمد بن جعفر الشريف الهاشمي إمام الحنابلة ببغداد في عصره -: و من رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد مرق من الدين ولم ينعقد له نكاح على مسلمة. الصارم المسلول (ص 566 - 568).

و قال ابن قدامة المقدسي: ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء، أفضلهم خديجة بن خويلد وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم. لمعة الاعتقاد (ص 29).

وقال الإمام النووي في صدد تعداده الفوائد التي اشتمل عليها حديث الإفك: الحادية و الأربعون: براءة عائشة رضي الله عنها من الإفك و هي براءة قطعية بنص القرآن العزيز، فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافراً مرتداً بإجماع المسلمين، قال ابن عباس و غيره: لم تزن امرأة نبي من الأنبياء صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين، و هذا إكرام من الله تعالى لهم. شرح النووي على صحيح مسلم (17/ 117 - 118).

و قد حكى العلامة ابن القيم اتفاق الأمة على كفر قاذف عائشة رضي الله عنها، حيث قال: واتفقت الأمة على كفر قاذفها. زاد المعاد (1/ 106).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير