ومما أخذ به موسى - عليه السلام - لزوم التقوى، واستحضار معية الله - الخاصة - فلقد قال له ربه - جل وعلا -: [فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ] يونس:89.
وقال له: [إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى] طه:46.
فلما كان كذلك انبعث إلى قوة القلب، واطراح كل سبب يؤدي إلى الخور، وتعظيم شأن الخوف؛ فتقوى الله - عز وجل - هي أعظم باعث للشجاعة؛ فالمؤمنون حقاً لهم الأمن وهم مهتدون، والمرتابون يحسبون كل صيحة عليهم، وكل مكروه قاصداً إليهم.
ومن عرف ربه وقَدَرَه حق قَدْرِه، وعَظُمَ وقارُه وجلاله في قلبه - هانت عليه الدنيا، وزال عن قلبه مهابة الخلق، وانقلبت في حقه المخاوف أمناً كحال موسى -عليه السلام-.
فمن تفقه في التقوى عرف أنها الوسيلة الكبرى للعظمة الصادقة.
ومما أخذ به موسى - عليه السلام - أنه استجاب لأمر ربه لما أمره بالإكثار من ذكره - عز وجل - كما في قوله: [وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي] طه:42.
فبذكر الله تطمئن القلوب، وتسكن النفوس، ويُغْلَبُ العدو، وتهون الصعاب، ولهذا أرشدنا الله - تبارك وتعالى - إذا لقينا العدو أن نثبت ونذكر الله - عز وجل - لما في ذكره من الطمأنينة والثبات.
قال - تعالى -: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] الأنفال:45.
ومن الأسباب التي أخذ بها موسى - عليه السلام - لجوؤه إلى الله، وسؤاله الإعانة كما في قوله: [قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)] طه.
ثم ختم الدعاء بأدب جميل يعد من أعظم أسباب إجابة الدعاء؛ التي تستجلب بها الإجابة؛ حيث ختم بغرض نبيل عظيم ألا وهو قوله: [كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً (35)] طه.
فهذا بعض ما تيسر في هذا الشأن من سيرة موسى - عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم -.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[27 Nov 2008, 01:04 م]ـ
عوداً حميداً ياشيخ محمد وبارك الله فيك وفي كتبكم ومشاركتكم النافعة وجعل ما تقدمون ذخراً لكم في يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار وأن يجعلها من خالصات الأعمال وباقيات الآثار إلى آخر الأعمار، لازلت مسدداً مباركاً والسلام.
ـ[بدر الجبر]ــــــــ[30 Nov 2008, 02:29 م]ـ
نفع الله بك يا شيخ ورفع قدرك على هذه الفائدة والاستطراد الممتع.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[30 Nov 2008, 11:01 م]ـ
أتمنى من صديقي وأخي العزيز د. محمد أن لا يطيل الغيبة، وأن يعاود التأمل في سير باقي الأنبياء الآخرين ـ عليهم جميعاً الصلاة والسلام ـ فإن الملاحظ أن كل واحد منهم له جوانب يتميز بها عن غيره.
ـ[سعد الخمعلي]ــــــــ[17 Apr 2009, 07:31 م]ـ
جزاكم الله خير على ما سطرت ورفع قدرك وجعلك مباركاً أينما كنت ....
ـ[خسرو النورسي]ــــــــ[04 Oct 2010, 07:40 ص]ـ
و من لطائف الإشارات التبليغية قولهم: إن الأنبياء أنفسهم احتاجوا دورات تدريبية على اليقين قبل البدء بالدعوة!
و يذكرون في ذلك - ما دمنا عند قصة موسى - ما جرى لسيدنا موسى عليه السلام من إلقاء العصا و ما تبعه!؟