تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الآن فلنترك التعليق على هذا ونعزوه لطبيعة المحاضرة الصوتية، ونكتفي بالتعليق على النقل الذي نقله الدكتور عن العلوي والذي من المفترض أن نجدَ فيه حكاية ثبوت المجاز بإجماع علماء الأمة ...

قال العلوي: ((أجمعَ أهل التحقيق من علماء الدين والنظار من الأصوليين وعلماء البيان - أجمعوا على جواز دخول المجاز في كلام الله تعالى، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -)) انتهى كلامه.

قلت: نعم انتهى كلامه وقد برئ الرجل وسلمت عبارته من هذه الدعوى العريضة (إجماع علماء الأمة)) وما قال الرجل غير الصدق، فأهل التحقيق (لا غيرهم عنده) من علماء الدين = والنظار (لا غيرهم عنده) من الأصوليين = وعلماء البيان (من أول الشيخ الجاحظ) أجمعوا على ما ذكر ..

وإن كنتُ لا أخلي الشيخ العلوي من بعض التهمة (!)

ألم يك يكفيه ما في حكايات الإجماع من إجمال وتعميم حتى يحكي عبارته مملؤة بالقيود،أولم يعلم أن من الناس من سيُعرض عن قيوده الحذرة فيجعل الكلام إجماعاً لعلماء الأمة ...

ما علينا ...

الحق أن الدكتور قد قذف بي بسبب كلامه هذا في أودية من الحيرة ..

هل يعني الدكتور بالفعل أن الإجماع منعقد على ثبوت المجاز (؟!)

هذا عجيب ..

أبِجَدٍ يعتقد الدكتور العسكر أن إثبات المجاز هو من معاقد الإجماع عند المسلمين (؟؟!!)

إن كان هذا فهو عجيب عجيب ... بل لا يكون هذا الإجماع أبداً ..

ما أعجب هذا الإجماع الذي لا يستطيع مدعيه أن ينقل لفظاً واحداً يدل عليه دلالة تخلو من المصادرة عبر مائتي عام من عمر هذه الأمة (!!)

ما أعجب هذا الإجماع الذي يُقر مدعيه معنا أن من أهل العلم من أنكر المجاز قبل ولادة العلوي (!!)

وَ لَمُنْكِرُ المجاز حقيق بأن يدعي هذه الدعوى وأن ينافحَ عنها، ومعه الأصل الثابت الواضح = أن ليس لعالمٍ من علماء القرون الثلاثة فمن بعدهم من الأئمة الأربعة عبارة واحدة تشير إلى المجاز تخلو دلالتها من المصادرة، والمجاز نصف بلاغة القرءان كما ادعى الشيخ ..

أفيليق بنصف بلاغة القرآن أن يُعرض عن بيانه سادة مفسري القرآن من الصحابة والتابعين وأتباعهم فالأئمة الأربعة (؟؟!!)

وليطمئن الدكتور فلسنا نلزمه بلفظ المجاز وإنما نريد على الأقل شيوع استعمال معاني المجاز وقوانينه وتطبيقاته بين السلف = شيوعاً يليق بنصف بلاغة القرآن ..

ولكنا نريح الدكتور فلن يجد من ذلك شيئاً .. فالمجاز وقوانينه كذبة يونانية برئ منها قوم خلقهم الله عُرب القلوب والوجوه والألسنة وهم أفصح وأبلغ من أن تجري على ألسنتهم أوهام أرسطوطاليس.

فهذا التقسيم هو اصطلاح حادثٌ بعد انقضاء القرون الثلاثة , لم يتكلم به أحدٌ من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان , ولا أحدٌ من الأئمة المشهورين في العلم , كمالك والثوري والأوزاعي , وأبي حنيفة , والشافعي , بل ولا تكلم به أئمة اللغة والنحو , كالخليل , وسيبويه , وأبي عمرو بن العلاء , ونحوهم.

وإذاً: فليس لثبوت هذا الإجماع شبر من الأرض يقف عليه، فلا هو بالثابت في نفسه = ولا عبارة العلوي التي نقلها الدكتور تدل عليه ..

لم يبق في أيدينا إذاً، إلا أن يكون الدكتور قصد بسياقه هذا أن يُغري سامعه بأن يقع في أسر الوهم المجرد.فما دام أهل التحقيق والنظار وأهل البيان وجماهير العلماء وهم من هم = قد أثبتوا المجاز فلا حيلة لنا إلا الإذعان والتسليم قبل إبداء الحجج وتمحيص الأدلة. وهذا وجه من تقرير الصواب اعتاده الناس اليوم وقبل اليوم، وكل من نجاه الله من أسر هذا الوهم المجرد عبر تاريخ الأمة كان أهدى للحق وأعرف به، إذ تلك الكثرة التي اعتاد الناس الاعتزاء إليها هي من بعد القرون المفضلة لا تزال تبعد عن النور الأول في الصدر الأول، ويوماً من بعد يوم يكثر الظلام المحيط بالنور الأول فلا يكاد يستبين ذلكم النور إلا من جعل طلبه والوصول إليه = أكبرهمه و أعظم قصده، أما من اعتزى للكثرة بعد افتراق الناس فِرقاً بعدت كل واحدة منها عن النور الأول بقدر ما كتب لها الله= فلا يكاد يُبصر هذا النور الأول أو يهتدي إليه إلا ما شاء الله.

5 - قال الدكتور: ((المجاز في اللغة عند المثبتين يقابل الحقيقة)).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير