تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والتبسيط، دون أية إضافة تجديدية معتبرة، ولم يستثن من هذا الحكم ـ غير المنصف [6]ـ سوى جهود محمد عبده، وأمين الخولي دون أن يذكر لنا وجوه إضافة هذين الرجلين، أو جوانب تجديدهما في ميدان تفسير القرآن الكريم [7].

ثم انتقل في الفصل الثاني إلى الحديث عن جهود الشيخ محمد عبده في التفسير، باعتباره ـ في نظر المؤلف ـ الشخصية العلمية الأكثر تجديداً، وتأثيراً في مجمل حركة التفسير في مصر في العصر الحديث. وفي الحقيقة، فإن المؤلف في كلامه عن جهود عبده لم يزد على عرض وتلخيص أفكار عبده، المعروفة سابقاً، في مسائل علم التفسير الرئيسة مثل، موقفه من الهدف من التفسير، اللغة، التفسير العلمي، الإسرائيليات، قضايا العقيدة، التصوف، قضايا المجتمع والعصر ... دون أن يتطرق إلى دراسة ومعالجة هذه المواقف بطريقة تحليلية ونقدية، تبِّرر لنا سبب اعتبار المؤلف عبده أهم مفسِّر ظهر في مصر في العصر الحديث، بل اكتفى بالسرد، وترديد أفكار محمد عبده بأسلوبٍ عام ومجمل. فجاء فصله هذا فصلاً بسيطاً باهتاً من جهة، ودعائياً من جهة أخرى. وبهذه الطريقة فَقَد هذا الفصل معظم قيمته العلمية [8].

الاتجاه العلمي في التفسير

تحدث المؤلف في فصله الثالث عن الاتجاه العلمي في التفسير، حيث قام أولاً بتحرير معنى التفسير العلمي، وبيان الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وأقوال السلف التي تشكِّل الأساس الديني لمشروعية هذا النوع من التفسير في نظر أصحابه، والقائلين به. ثم أشار إلى أن المسلمين قد عرفوا هذا النوع من التفسير والمقاربة للقرآن الكريم، قبل الاحتكاك بالغرب، والاصطدام بقوته العسكرية، وتقدمه العلمي في القرن التاسع عشر، وقد ذكر مثالاً على ذلك جهود ابن أبي الفضل المرسي (1257م)، التي أشار إليها السيوطي في إتقانه، الذي حاول أن يعيد ما وصل إليه عصره من علوم الطب، والفلك، والزراعة ... إلى القرآن الكريم. ثم أشار المؤلف إلى اعتماد أصحاب التفسير العلمي على كتاب جواهر القرآن للإمام الغزالي في اكتساب المشروعية الدينية والعلمية لعملهم، حيث ذهب الغزالي في كتابه هذا إلى أنه لا يتمكن من معرفة معاني القرآن الكريم إلا أولئك الذين درسوا العلوم الكونية المستخرجة أصلاً من القرآن الكريم، وكما أن الإنسان لا يمكن أن يعرف معاني القرآن دون معرفة اللغة العربية، فإنه كذلك لا يستطيع أن يعرف مثلاً معنى قوله تعالى) وإذا مرضت فهو يشفين (الشعراء: 80 دون معرفة علوم الطب. وقد شبه الغزالي القرآن الكريم بنهر كبير تتفرع منه روافد كثيرة، وما هذه الروافد إلا فروع المعرفة المتنوعة. وبهذه الطريقة فقد جعل الغزالي دراسة العلوم الكونية شرطاً ضرورياً لدراسة وتفسير القرآن الكريم نفسه [6].

وانتقل المؤلف بعد ذلك إلى عرض وتحليل جهود العلماء المصريين المعاصرين في ميدان التفسير العلمي، التي انطلقت في سياق الرد على تفوق الغرب الحضاري على المسلمين، وبدء هيمنته على بلادهم بسبب اكتشافاته العلمية، مشيراً إلى أن أول رائد لهذا التفسير في العصر الحديث، هو الطبيب المصري محمد بن أحمد الإسكندراني الذي نشر في القاهرة كتابه الأول في هذا المجال عام 1880م، تحت عنوان "كشف الأسرار النورانية القرآنية"، ثم نشر كتابه الثاني في دمشق عام 1883م، باسم "تبيان الأسرار الربانية" وقد أشار المؤلف أن هذا النوع الدراسات كان في مجمله جزءاً من الجدل العام الذي شهده العالم الإسلامي في ذلك الوقت حول جواز أو عدم جواز الاقتباس من علوم الغرب الكافر والمعتدي على أراضي المسلمين.

وتابع المؤلف تأريخه لجهود أصحاب مدرسة التفسير العلمي من أمثال: يحيى أحمد الدرديري، صاحب كتاب "مكانة العلم في القرآن"، وأحمد مختار الغزي صاحب كتاب "سرائر القرآن"، والطبيب محمد توفيق صدقي (1920م) صاحب كتابي: "في سنن الكائنات"، و "محاضرات طبية علمية إسلامية". ثم خصص المؤلف وقفة خاصة لتحليل جهود الشيخ طنطاوي جوهري، والجدل الذي دار حول كتاباته في هذا الميدان الذي برع فيه، وكان من أهم أقطابه، وانتهى به هذا التحليل إلى القول بأن كل جهود الشيخ طنطاوي في هذا الميدان كانت تهدف إلى حث المسلمين على إنجاز التقدم العلمي الذي يليق بهم وبدينهم وبتاريخهم حتى يتمكنوا، بعد إنجاز وحدتهم السياسية أيضاً، من طرد الاستعمار الأوربي من بلادهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير