تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تكرار الآية الكريمة:" فبأي آلاء ربكما تكذبان"، يفيد - زيادة على ما يقوله أهل التفسير- بأنّ عالم الجن يستمتع بما يستمتع به عالم الإنس. ويبدو أنّ الجن يشبه في خلقه خلق الإنسان إلى حد كبير، لأنّ ما تستعرضه سورة الرحمن من نِعم هي نِعم على الإنس والجن، بدليل تكرار السؤال لهما:" فبأي آلاء ربكما تكذبان". فعندما يصف القرآن الكريم الجنتين يقول:" ذواتا أفنان"، ثم يسأل:" فبأي آلاء ربكما تكذبان"، وهذا يعني أنّ الجنة التي تكون أغصانها غضة مورقة يتمتع بها الجن كما هو الإنس. ولا يمنع أن تكون الصورة هي الأمر المشترك بين عالمين مختلفين ولكنهما متكاملان. وعندما يقول سبحانه:" فيهما عينان تجريان، فبأي آلاء ربكما تكذبان"، يدل ذلك على تمتع الجن بالعين التي تجري ... الخ.

وخلاصة الأمر، أنه بإمكانك أن تستعرض آيات سورة الرحمن لتأخذ فكرة مناسبة عن الأمور المشتركة بين الإنس والجن في عالم المتعة واللذة وعالم الألم والمعاناة. ونكرر فنقول: قد يكون التشابه في عالم الصورة؛ فهناك فُرش واتكاء، وهناك فواكه ونخيل ورمان ... وهناك وهناك. ولكن قد يكون الواقع عبارة عن الصورة والصورة المقابلة المكملة للوظيفة. الصورة المحسوسة للإنسان يقابلها الصورة المحسوسة للجن. فهناك على ما يبدو عالمان يتماثلان في الصور ولكنهما يختلفان أيضاً بحيث تلائم كل صورة ما خُلقت له. ولكنهما عالمان متلازمان متكاملان يحتاج أحدهما الآخر لتتكامل الوظيفة.

جاء في الآية 31 من سورة الرحمن:" سنفرغ لكم أيها الثقلان": وهذا يشير بوضوح إلى أهمية الإنس والجن، بل كأنه لا يوجد عالم ثالث هو أهم منهما. أما الملائكة فهم عالم غير مكلف وله وظائف، بل لقد كُلف أن يسجد للإنسان. فالثقل يشير إلى الأهمية القصوى. وقد استشكل أهل التفسير معنى آية:" سنفرغ لكم أيه الثقلان"، ويرجع جزء من هذا الاستشكال إلى كونهم قد فهموا أنّ الآية هي في معرض التهديد. وفي الحقيقة لا إشكال، بل هذا يدل على أهمية هذين العالمين المتكاملين اللذين لا ينفكان دنيا ولا آخرة. والذي نراه أنّ الآية في معرض ذكر النعم التي أنعمها سبحانه وتعالى على الإنس والجن، وليست في معرض التهديد.

جاء في الآية 13 من سورة الجاثية:" وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه، إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون": فبناء السماوات والأرض وكل ما فيها قد سُخّر للإنسان، بل إنّ هذا النظام الكوني سيبعثر وتعاد صياغته يوم القيامة، انظر الآية 48 من سورة إبراهيم:" يوم تُبدلُ الأرضُ غير الأرض والسماواتُ وبرزوا لله الواحد القهار". فإذا كانت السماوات والأرض مسخرةٌ في الدنيا لصالح الإنسان، وإذا كان هذا النظام سينفضّ ويُستبدل عند قيام هذا الكائن ثقيل القدر، فمن المتوقع أن يكون النظام الأخروي مسخراً من أجله أيضاً- مضافاً إليه عالم الجن الذي يكمله- بحيث لا خلق إلا من أجلهما ومن أجل وظيفتهما الجليلة، التي لم يدرك الإنسان حتى الآن عظمتها وجلالها. انظر قوله تعالى:" سنفرغ لكم أيها الثقلان"، نعم، سيكون كل خلقٍ خُلِق، أو سيُخلق، هو لكما ومن أجلكما. وهذا يعني أنه لا بد لنا أن نعيد النظر في فهمنا للآيات الكريمة من سورة الرحمن، وغيرها من السور، في محاولة لتشكيل صورة حقيقية عن مكانة الإنسان في الدنيا والآخرة.

ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[11 Jan 2009, 10:48 م]ـ

السلام عليكم إذا كانت الثنائية الزوجيّة قانوناً في عالم الإنس وعالم الجن بحيث يُكمّل كل زوج زوجه في الوظيفة، فما الذي يمنع أن تكون الثنائية في خلق الإنس والجن هي ضمن القانون العام من أجل أن تتكامل الوظائف،

الذي يمنع أنه لادليل

ولم يقم دليل علي تكامل الوظائف؛ لا من نص ولا من الواقع

فعندما يصف القرآن الكريم الجنتين يقول:" ذواتا أفنان"، ثم يسأل:" فبأي آلاء ربكما تكذبان"، وهذا يعني أنّ الجنة التي تكون أغصانها غضة مورقة يتمتع بها الجن كما هو الإنس. ولا يمنع أن تكون الصورة هي الأمر المشترك بين عالمين مختلفين ولكنهما متكاملان

حتي لو صح هذا؛ كأن يكون صورة ايجابية يراها الانس وسلبية يراها الجن؛أقول حتي لو كان الأمر كذلك فلن يستمتع الانس بالسلبية التي تخص الجن ولن يستمتع الجن بالايجابية التي تخص الانس وستبقيان جنتان وليس جنة مشتركة

ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[12 Jan 2009, 01:01 م]ـ

الأخ الكريم مصطفى ...

عندما يقول الشيخ:" ما الذي يمنع" فإنه يقصد ما يقول، لأنه من منهجه الذي يعلمه لتلامذته أن الإثبات يحتاج إلى دليل وكذلك النفي يحتاج إلى دليل، فإذا لم يجد دليلاً على الإثبات أو النفي يطرح المسائل للتدبر والتأمل وتسريح النظر من أجل فهم أفضل.

وعلى الرغم من ذلك إليك شبهة دليل وهو ما ورد في الآية 128 من سورة الأنعام:"وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لنا .... "، ويجدر بنا هنا أن نقول إن الاستمتاع هنا بمفهومه الشامل، ومن العجيب أن يستدل به البعض على الاستمتاع الجنسي وكأن المتعة لا تكون إلا جنسية!!

وإليك ما هو أكثر من شبهة دليل وقد سمعته من الشيخ ولم يشر إليه في المقال: ثبت وجود القرين من الجن بالنصوص الشرعية، أي أن هناك مقارنة وملازمة كقانون من قوانين الخلق. ألا يدل ذلك على ثنائية وظيفية؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فما الحكمة من كونه يقارن ويلازم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير