تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و لتعلم أن الحكم على مسألة لا تعلم سرها يكون ضربا من الجهل .. و ما الذي يفرقنا حينئذ عن الذي لم يصدق بكروية الأرض حين رآها منبسطة، و توهم أنها كصفحة الكتاب تنتهي بنا إلى السقوط ..

و إني سأتولى الرد على كلامك فإن وجدت صوابا فمن الله العون و إن وجدت خطأ فمن نفسي ومن الشيطان الزلل ..

فإنه معلوم عندنا أن النطفة تحتوي على 23 كروموزوما (صبغيا)، منها كروموسوم واحد لتحديد الجنس، وقد يكون ( Y) أو ( X) أما البييضة فالكروموسوم الجنسي فيها هو دائماً ( X)، فإن التحمت نطفة ( Y) مع البييضة ( X) فالبييضة الملقحة ( Zygote) ستكون ذكراً ( XY)، أما إذا التحمت نطفة ( X) مع البييضة ( X) فالجنين القادم سيكون أنثى ( XX)..

و يبدأ إنقسام البويضة الملقحة خلال ساعات من عملية الإخصاب.

بعد حوالي 5 ساعات على تكون البييضة الملقّحة -وهي الخلية الإنسانية الأولية الحاوية على 46 كروموسوما- تتقدر الصفات الوراثية التي ستسود في المخلوق الجديد، و المتأتية من لأبوين، و ربما حمل صفات من أجداد أجداده يورثها لمن بعده إن قدر الله له أن يكون له خلف ..

و لو عدنا إلى كلام الله تعالى في سورة الإخلاص لوجدت ذلك بينا .. يقول الله تعالى: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ .. لم يلد فتورث صفاته عنه و يشرك بها غيره و لم يولد فيرث صفات غيره فيشترك بها معه .. و هذا الأمر من الأهمية بمكان، لأنه لو كان يلد أو يولد لكان باستطاعتنا التحكم في صفاته على الأقل نظريا و ربما استطعنا في يوم ما زرعها في الإنسان .. بعد أن تمكن العلماء من زراعة بعض أعضاء الحيوانات في الإنسان .. مع العلم أن الصفات تنقسم إلى قسمين: الصفات الظاهرية و الصفات التكوينية .. و قد نجح العلماء في تغيير بعض الصفات الظاهرية كلون العينين و شكل الانف ... و ربما نجحوا بنسبة معينة أقل في تغيير بعض الصفات التكوينية كجنس الجنين .. و من الصعب جداً شرح هذا الموضوع بطريقة وافية, لأنه علم تخصصي دقيق جداً، و مع ذلك سأحاول أن اُعطيكم فكرة عامة عنه، استنادا لما قرأت عن الموضوع .. و قبل أن أشرح لكم ما علمت أود أن أعلمكم أن هذا العلم قديم و اسمه الهندسة الوراثية Genetic Engineering و لكن مع تطور الطرق التي من خلالها أمكن معرفة أماكن الجينات Genes في الصبغيات الوراثية Chromosomes في نواة الخلية بات من الممكن تغيير هذه التركيبة لتغيير مثلاً شكل الطفل أو أي كائن الحي المهم أن يمر بمرحلة الولادة، و هو الأمر الذي نفاه الله تعالى عن نفسه فهو الصمد الذي لم يلد و لم يولد.

ربما لم يخطر ببالك أن تسأل لماذا ربط الولادة بكونه الأحد الذي لا شريك له و بكونه لم يكن له كفوا أحد. أما الآن فقد أصبح لدينا فكرة على الأمر، و لن أقول هنا أن ما فهمت هو المقصود، فالله أعلم بكتابه، و لكنها دعوة للمسلمين أن يركبوا قطار البحث الذي مكث طويلا ينتظرنا، و كنا في كل مرة نقف لنقول أي فائدة من ذلك دعونا نأكل و نلعب و يلهينا الأمل .. كسل و أمل و ما شاء الله فعل؟ ..

لقد تأكد لدينا إذن أن الصبغات الوراثية (الكروموسومات) في نواة الخلية تحمل الصفات الوراثية من الأبوين إلى الأطفال عن طريق الجينات فيها, كل جين أو عدة منها مسؤول عن صفة وراثية أو عضو مُعين أو عمله و هكذا .. و قد أمكن للباحثين معرفة أماكن و عمل هذه الجينات (و هو ما يُسمى بالخريطة الجينية "الوراثية" Genetic Map) و ذلك بتحليل حمض الدي أن أي DNA الذي هو الوحدة التركيبية للكروموسومات .. و التالي نستطيع أن نُغيرها لتُعطي الصفة المطلوبة أو نُعطل الجين المسؤول عن مرض مُعين.

بإختصار, بالقيام بتحليل الحمض النووي عرف الباحثون الصفات الوراثية و مواقعها على خريطة الدي أن أي DNA Mapping و عرفوا أين يقع الجين الذي يُعطي الطفل لون الشعر الأشقر أو الأسود أو لون العينين أو الهيكل، و التالي يُمكننا أن نغير هذه الجينات إلى ما نُريد أن يكون عليه الطفل.

طبعاً, هذا العلم ما زال حديثاً و ربما اعتقد بعض الباحثين فيه أن البشر لن يستطيع أن يلعب كثيراً بهذه الجينات و هُناك العديد من المشاكل التي سوف تظهر عند تطبيقها كما حصل مع الاستنساخ. غير أن هذا الخط هو الخط الذي يأمل الطب، حاليا، أن يُعالج من خلاله الأمراض الوراثية Gene Therapy.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير