تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ))، أي: يقومون على النساء، يؤدبونهن ويأخذون على أيديهن. ((بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) أي: بتفضيله لهم عليهن بالعلم والعقل والولاية وغير ذلك. ((وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ))، وبما أنفقوا عليهن من أموالهم، تكون في المهور وغير ذلك. ((فَالصَّالِحَاتُ)) أي: الصالحات من النساء ((قَانِتَاتٌ)) هذه صفة الصالحات من النساء وهي أنهن مطيعات لأزواجهن.

معنى حفظ الزوجات للغيب

قوله ((حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ)) يعني: حافظات لفروجهن ولأموال أزواجهن وبيوتهم في غيبتهم. ((بِمَا حَفِظَ اللَّهُ))، في الحقيقة هذه الآية فيها تفصيل كثير، ومعان كثيرة، وتحتاج إلى محاضرات عدة، لكن حتى ننجز القدر المطلوب من التفسير نحاول أن نمر مروراً سريعاً. أيضاً يدخل في حفظ الغيب، عدم نشر ما يكون بين الزوجين متعلقاً بالجماع، فهذا يذكر أيضاً في حفظ الغيب. (حافظات للغيب بما حفظ) لهن، (الله). فالباء هنا في قوله تعالى: ((بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) تحتمل أمرين: إما أنها للمقابلة، كما تقول: هذا في مقابلة ذاك، يعني: كما أن الله سبحانه وتعالى حفظ لهن حقوقهن، بأن أوصى الأزواج بالنساء، وكذلك فعل رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فشرع لهن الحقوق وأمر الأزواج بحفظ هذه الحقوق، فينبغي في مقابلة ذلك أن تحذر الزوجة من أن تخونه في غيبته في عرضه وماله ونفسها إلى آخره، فهذا معنى (حافظات للغيب بما حفظ الله)، يعني: في مقابلة ما حفظ الله لهن، فعليهن أن يطعن أزواجهن ويحفظن الغيب. أو الباء هنا في قوله تعالى: (بما حفظ الله) أي: مستعينات بحفظ الله تبارك وتعالى، فالباء للاستعانة، ومعنى ذلك: أن هؤلاء النساء الصالحات القانتات حافظات للغيب كما ذكرنا بما حفظ الله لهن، يعني: لا يتم حفظهن للغيب من حفظ الفروج والأموال وغير ذلك إلا باستعانتهن بالله، إذ لو تُركن لدواعي أهوائهن ونفوسهن لغلبت عليهن الأهواء، إلا أن يحفظهن الله؛ لأن الله خيرٌ حافظاً، فمهما كن صالحات فإنهن لا يثقن بأنفسهن وإنما يستعنّ بالله في حفظ الغيب بما حفظ الله تبارك وتعالى.

عدم جواز تولي المرأة للقضاء

واستدل بالآية على أنه لا يجوز للمرأة أن تلي القضاء، أو الإمامة العظمى؛ لأنه جعل الرجال قوّامين عليهن، فلم يجز أن يقمن هن على الرجال كما قال صلى الله عليه وسلم: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة). وفي الحقيقة وضع المرأة في الإسلام هذا موضوع ذو شجون، والكلام فيه طويل جداً.

صفة التعامل مع الزوجة الناشز ومراحله

يقول تبارك وتعالى: ((وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ)). أي: عصيانهنّ لكم بأن ظهرت أمارته، هنا تفسيران لقوله تعالى: ((تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ)): الأول: أن المرأة قد وقع منها النشوز بالفعل. الثاني: أي أنكم تتوقعون نشوزهن. فقوله تعالى: ((وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ)) يعني: عصيانهن لكم بأن بدأت تظهر أمارة النشوز ودلائله، ففي هذه الحالة تطبق ما ذكر الله بعد ذلك من المراحل بالترتيب. الأولى: ((فَعِظُوهُنَّ)) أي: فخوفوهن الله. الثانية: ((وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ)) أي: اعتزلوا إلى فراش آخر إن أظهرن النشوز. الثالثة: ((وَاضْرِبُوهُنّ)) ضرباً غير مبرح إن لم يرجعن بالهجران، يعني: إن لم ينفع الهجران ننتقل إلى المرحلة الثالثة وهي الضرب غير المبرح. ((فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ)) يعني: فيما يراد منهن، ((فَلا تَبْغُوا)) لا تطلبوا ((عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا))، طريقاً إلى ضربهن ظلماً. وأيضاً: لا شك أن هذه الآية مما يحتاج إلى كثير من التفصيل؛ لأن بعض الناس يسيء فهم موضوع ضرب النساء، حتى إن أعداء الإسلام يشنعون على كلام الله تبارك وتعالى ويضلون الناس عن سبيله، بسبب سوء مسلك بعض الرجال الجهلة من المسلمين. فأعداء الدين من الكفار ينشرون في وسائل الأعلام أن المسلم يعتقد أنه يجب عليه أن يضرب زوجته كل يوم في الصباح وفي المساء، ويعتقد أيضاً أن هذه عبادة، وهذا مما يضحك، لكن هذا واقع، فهم يشنعون على الإسلام بهذه الافتراءات والأكاذيب، مع أن الضرب بعد استيفاء شروطه مكروه، أي: أن الضرب مباح مع الكراهة ولا يباح بإطلاق؛ ولذلك ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده لا امرأة ولا خادماً ولا شاة قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله تبارك وتعالى؛ ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في هؤلاء الذين يظلمون النساء: (ما تجدون أولئك خياركم) يعني: مع الإباحة فإن خيار المسلمين لا يفعلون ذلك. فالموضوع فيه تفصيل، ومن ذلك أنه ينظر إن كان الضرب يجدي فليجأ إليه، أما إن كان الضرب يزيد في النشوز فلا داعي أصلاً للجوء إليه، وهذا ليس فقط في حق النساء، بل حتى الصغار، فالضرب ليس عملية تنفيس، بمجرد أن يغضب على الولد فهو يريد أن يستريح ويشفي غليله بضربه. فمع أن الضرب قد يؤدي إلى التشويه العضوي البدني في الولد لكن خطورته في التشويه النفسي أعظم وأكبر، حيث تصبح عنده عاهة نفسية. المقصود من الضرب أنه وسيلة للتأديب، فإذا لم يؤد للتأديب، ولم يعد بفائدة فسيكون ضرراً محضاً، وإنما يلجأ إليه لأجل تحصيل المنفعة من ورائه. ((إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)) يعني: فاحذروه أن يعاقبكم إن ظلمتموهن، وإذا كنتم قد جعلكم الله من القوامين عليهن وأعلى منهن فاعلموا أن الله أعلى منكم فاتقوا الله فيهن؛ ولذلك قال: ((إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا))، أي أعلى منكم، وأكبر منكم، فإن ظلمتموهن ينتقم الله سبحانه وتعالى منكم؛ ولذلك قال بعض السلف: (إني لأستحيي من الله أن أظلم من لا يجد له ناصراً إلا الله تبارك وتعالى).

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير