تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإن كان العقل يفهم قدرًا مشتركًا من المسميين فلا بد من هذا، فيفهم ما دل عليه الاسم بالمواطئة والاتفاق، وما دل عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه -سبحانه وتعالى-.

فإذًا لا بد من إثبات نوع من الاشتباه، نوع من الشبه بين الخالق والمخلوق، لا بد من إثباته، وهو الاشتراك في الذهن، وفي مطلق اللفظ عند القطع عن الإضافة والاختصاص، هذا فيه اشتراك بين الخالق والمخلوق، لفظ وجود، لفظ قدرة، لفظ سمع، فالذي ينفي هذا النوع من الاشتباه معناه أنكر وجود الله، أنكر أسماءه وصفاته.

والجهم أنكر هذا؛ ولهذا قال الإمام أحمد للجهم هو شيء؟ قال: شيء لا كالأشياء، لا يشبه الأشياء بوجه من الوجوه، حتى ولا في الذهن عند القطع بالإضافة والتخصيص، فقال الإمام أحمد إن الشيء الذي لا كالأشياء قد عرف أهل العقل أنه لا شيء أنه معدوم.

فعند ذلك تبين للناس أنهم -يعني الجهمية - أنهم لا يثبتون شيئًا، لا يثبتون وجودا لله، لا يثبتون شيئًا من أسمائه وصفاته، ولا يثبتون وجودا لله، ولكنهم يدفعون عن أنفسهم الشنعة بما يقرون من العلانية، يقولون: نثبت الإله، ويصفونه بالسلوب حتى يدفعوا عن أنفسهم الشناعة، ما تجرءوا على القول بإنكار وجود الله صراحة؛ لأنهم زنادقة ومنافقون.

لكن أهل العلم كالإمام أحمد عرفوا أنهم ينكرون وجود الله، من قولهم: هو شيء لا كالأشياء.

فالذي يقول: إن الله شيء لا كالأشياء، أو لا يشبه الأشياء بوجه من الوجوه هذا إنكار لوجود الله، لا بد أن تثبت وجهًا من المشابهة في الذهن، وفي مطلق اللفظ عند القطع عن الإضافة والتخصيص، مثل لفظ وجود، لفظ علم، لفظ قدرة، لفظ سمع، لفظ يد، هذا فيه نوع اشتباه واشتراك بين الخالق والمخلوق.

لكن هل هو موجود في الخارج؟ لا، إلا بالإضافة والتخصيص، لفظ يد هذا عام في الذهن، في الذهن تتصور أن لفظ يد يشمل يد الخالق ويد المخلوق، لفظ علم يشمل علم الخالق وعلم المخلوق في ذهنك، لفظ قدرة تشمل قدرة الخالق وقدرة المخلوق.

هذا نوع من الشبه بين الخالق والمخلوق، متى يزول هذا الاشتراك؟ إذا أضفت، ويشبه هذا مثل لفظ إنسان، الإنسانية معنى في الذهن لفظ الإنسان يشمل جميع الآدميين، اشتراك واشتباه متى يزول الاشتباه في الخارج؟ إذا سميت عمرو، بكر، خالد وفلان، زال الاشتباه بأفراده في الخارج، لكن لفظ إنسان هذا عام، يشمل، لكن خصص محمد، بكر، علي، زال الاشتباه.

لفظ الحيوانية، حيوان هذا عام معناه في الذهن، متى يزول الاشتراك بأفراده في الخارج، فرس، جمل، خروف، وهكذا في الأفراد، أما لفظ حيوان، لفظ إنسان، لفظ علم، لفظ قدرة، لفظ وجود، هذا عام مشترك، لكنه في الذهن ما فيه اشتراك في الخارج، اشتراك معنى في الذهن عند إطلاق اللفظ وعدم تقييده وتخصيصه.

أظنه اتضح معنى قول الإمام أحمد "وقلنا: هو شيء فقالوا: هو شيء لا كالأشياء، فقلنا: إن الشيء الذي لا كالأشياء قد عرف أهل العقل أنه لا شيء فعند ذلك تبين للناس لأنهم لا يثبتون شيئًا بشيء"، كلمة بشيء -إن صحت- يعني بشيء من الأدلة.

ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[18 Sep 2010, 08:18 م]ـ

بسم الله وأصلي وأسلم على رسول الله

عندي مداخلة في موضوع إطلاق كلمة "شيء" على الله تعالى، وأستسمح المشاركين في ذلك،

لقد ثبت في الشرع جواز إطلاق "شيء" على الله تعالى، فلا يجوز إنكاره بعد أن ثبت في الشرع.

وقد تقدم نقل كلام الإمام البخاري رحمه الله عند قوله تعالى (قل أي شيء أكبر شهادة قل الله) واستدل أيضا بقوله (كل شيء هالك إلا وجهه)

وقال البغوي رحمه الله: (كل شيء هالك إلا وجهه) سمى الله نفسه شيئا. [شرح السنة (1/ 172) له]

وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: "لا شيء أغير من الله عز وجل" [البخاري (5222) مسلم 2762]

وعن ابن مسعود مرفوعا بلفظ:"لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ شَىْء أَحَبّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ، لِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ" [البخاري (4634 ومواضع أخرى)]

وحكى ابن بطال رحمه الله أن في هذه الآيات والآثار ردّا على من زعم أنه لا يجوز أن يطلق على الله اسم شيء. [فتح الباري (13/ 496/7417)

قال الشيخ الغنيمان في شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري (1/ 343): يريد بهذا -يعني الإمام البخاري بتبويبه- أنه يطلق على الله تعالى أنه شيء وكذلك صفاته، وليس معنى ذلك أن الشيء من أسماء الله الحسنى، ولكن يخبر عنه تعلى بأنه شيء، وكذا يخبر عن صفاته أنها شيء، لأن كل موجود يصحّ أن يقال إنه شيء. اهـ

قال ابن حجر: لفظ شيء يطلق على الله تعالى، وهو الراجح [الفتح الباري].

ولا محذور من إطلاق "شيء" على الله، فالشيء يساوي الموجود لغة وعرفا، قال ابن حجر رحمه الله: أطبق العقلاء على أن لفظ شيء يقتضي إثبات موجود، وعلى أن لفظ "لا شيء" يقتضي نفي موجود (الفتح 13/ 496/رقم7417)

والله أعلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير