تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

" المسد هو الليف. يقال: حبلٌ من مَسَدٍ. والمَسَدُ أيضاً: حبلٌ من ليف أو خوص. وقد يكون من جلود الإبل أو من أوبارها. ومَسَدْتُ الحبل أمْسُدُهُ مَسْداً: أجدت فتله. ورجلٌ مَمْسودٌ، أي مجدولُ الخَلْقِ. وجاريةٌ حَسَنة المَسْدِ، والعَصْبِ، والجَدْلِ، والأَرْمِ. وهي مَمْسودَةٌ، ومعصوبةٌ، ومجدولةٌ، ومأرومةٌ. والمَسْدُ: إدْآبُ السير بالليل "

إنه الحبل المفتول بشدة وهو من الليف الشديد القوة والمتانه والذي من الصعب أن يقطع أو يفك، فها هو أبى لهب وهو عم الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بيت آل هاشم ومن أقرب الناس إليه صلى الله عليه وسلم، يتبع خطوات الرسول صلى الله عليه وسلم في بداية إعلانه لدعوته لتوحيد لله لكنه لا يتبعه مدافعا وناصرا وحاميا، بل يتبعه مخالفا ومعاندا ومكابرا ومحاربا له ولدعوته، متهما إياه بالجنون وبالكذب والسحر وبغيره من الأوصاف التي لا تليق به عليه الصلاة والسلام وهو من اتصف قبل بعثته في زمن الجاهلية العمياء بأعلى الأخلاق وأعظمها وقد شهدت قريش والدنيا كلها على حسن خلقه وصدقه عليه السلام فكيف به بعد النبوة، أبا لهب يسلط لسانه بالقول الكاذب حول النبي صلى الله عليه وسلم محاولا منع أي نور ممكن أن يشق في قلوب المحيطين به لتصديق دعوته، فكان أول المستهزئين الساخرين به وبما يقول، حيث كان من الأولى له أن يكون أول السبّاقين للتصديق بدعوة محمد عليه السلام فهو عمه الذي انتسب اسمه لعائلة أعظم الناس وأكرمهم عند الله، فكان مستغلا لهذه العمومه ليبعد الناس عن التصديق بما يقول فيقف خلف رسول الله بعد انتهاء رسول الله من إنذار الناس وتحذيرهم ووعدهم بالجنات والنعيم إن أطاعوه وأمنوا به، فكان ينادي بهم أنه ابن أخيه وأعلم الناس به فلا يصدقوه فهو مجنون أو مسحور فلا تتبعوا دعوته ولا تتركوا دين آباءكم فكان يقع كثير من الناس في فتنته ودعوته،

جاء في تفسير الإمام الرازي حول ذلك " تبت خابت، قال ابن عباس: لأنه كان يدفع القوم عنه بقوله: إنه ساحر، فينصرفون عنه قبل لقائه لأنه كان شيخ القبيلة وكان له كالأب فكان لا يتهم، فلما نزلت السورة وسمع بها غضب وأظهر العداوة الشديدة فصار متهماً فلم يقبل قوله في الرسول بعد ذلك، فكأنه خاب سعيه وبطل غرضه "

ولعل الله كناه في كتابه بلقب أبى لهب ليخرجه ويبعده عن نسب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فاختار له لقبا يليق بما سيلاقيه من مصير جزاءاً لما كسبه، ويكون في الذل والصغار والعار بدل أن يُشرف بقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم.

ادعى أبى لهب أنه أكثر الناس معرفةً بمحمد صلى الله عليه وسلم لأنه ابن أخيه، لكن التاريخ لم يذكر أن أبى لهب شخصية كانت قريبة من الرسول عليه الصلاة والسلام أو أنه كان له تأثيرا عليه أو مشاركة في رعايته أو تربيته إلا ما ورد أنه خطب بنات رسول الله رقية وأم كلثوم لأبنائه بدافع العمومه والعصبية واستغل ذلك بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بالإساءة للنبي عليه السلام بتطليقهما، ولعل رسول الله ما كان لديه الرغبه في نسبه وكانت نفسه ترفض ذلك الرابط مع ذلك العم لشعوره أنه سيكون له العدو الأول والأكبر في مسيرة الدعوة، فما كان لروحه صلى الله عليه وسلم الطيبة أن تجتمع مع نفس ذلك الخبيث ففرق الله ذلك الرابط بينهما فلا يجتمع الإيمان والكفر أبدا، فكان أبا لهب رافعا شعار العداوة المطلقة مع الله ورسوله متكأً على عصاه الهشة الباطلة واعتقادات وأوهام ورثها عن الآباء، وكان مندفعا بخوفه على مصالحه المادية ومكانته الإجتماعية ليحارب كلام الله وينصر آلهة الشرك التي لا تسمن ولا تغني من جوع، متوهما بقوته الزائلة التي ارتبط بها فشد وثاقها بحبل قوي حول خاصرته لتشده إلى طريق الضلال، فظن أنها القوة التي ستحفظ له عزة البقاء والوجود ورفعة الجاه والمنصب بين الناس، فكان اعتقاده الزائف أن كثرة الأموال والأولاد وتعزيز المكانة والتفاخر بين الناس هما ما يكسب من خلالهما الرضي عن الذات والتفاخر بالنفس وبهما يحقق لذة السعادة في هذا الوجود، و بسطوته المادية سيضمن السيطرة والتبعية له من قبل الكثير من أفراد المجتمع فيفرض نفوذه عليهم ويوقع الإذلال في نفوسهم كيفما شاء دون حساب ولا رقيب، لقد غرته الأماني الزائفة وأخذته الظنون الوهمية وظن أنه يحسن صنعا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير