يعني تريد أن تقول أن التصديق بالروايات التي تشذ عن القاعدة ونشرها مع التأكيد عليها يفيدنا أن هذا الإنسان منافق ... ، هذا الأمر يصعب تنزيله على جميع من ذكرت، فالناس متفاوتين في ما يخص العلم والإدراك والفهم، لكن من يتبين له الحق ولابد من مبين له ومن ثم يصر استكبارا وظلما وعدوانا هذا الذي ينطبق عليه الوصف السابق، وقد وجدت خطوات من قبل أهل العلم استقوها من الأدلة لإثبات التزندق ليس هنا محل ذكرها، وبقي لنا ما يخص جملة العيني التي نقلتها أنت، والتي لا تخلو من إشكال.
وها أنت تبين مرادك بما ينافي عبارة العيني التي نزلها على الحادثة التي وردت في الحديث مع أنها لا تتناسب مع الحادثة، فسوء الظن الذي يعد كفرا هو البحث عن ما يخرم مقام النبوة في نظرك من الروايات الشاذة الضعيفة أو الموضوعة لينال من مقام النبوة ويهز صورة الشريعة في النفوس ترجمة لما وقر في القلب من نفاق وصدقه العمل من قول وفعل مع وضوح الحق وبيانه.
قال تعالى:
(((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)))
وهنا أسأل المتخصصين في التفسير، هل المقصود هنا الظن الذي تدفعه الوساوس أو الظن المترجم لعمل، مع ملاحظة ما قاله ابن كثير:
" يقول تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن كثير من الظن، وهو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله؛ لأن بعض ذلك يكون إثما محضا، فليجتنب كثير منه احتياطا، وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أنه قال: ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم إلا خيرا، وأنت تجد لها في الخير محملا.
وقال أبو عبد الله بن ماجه: حدثنا أبو القاسم بن أبي ضمرة نصر بن محمد بن سليمان الحِمْصي، حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن أبي قيس النَّضري، حدثنا عبد الله بن عمر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: "ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك. والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه، وأن يظن به إلا خير. تفرد به ابن ماجه من هذا الوجه.
وقال مالك، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا".
رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف، ومسلم عن يحيى بن يحيى، وأبو داود عن العتبي [ثلاثتهم]، عن مالك، به.
وقال سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس [رضي الله عنه] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام"." أهـ
هذا والله أعلم وأحكم.
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[04 Oct 2010, 01:06 ص]ـ
وما تفضلت بقوله عن صغائر الأنبياء لم يقل به واحد من الصحابة أو التابعين أو أتباعهم الذين فسروا تلك الآيات .. لعل الكلام إن حرر لم يترك لنا مندوحة لخلاف.
أقول: إنما ذهبت في كلامي إلى أن النبي لا يمكن أن يعصي الله تعالى عالمًا عامدًا مختارًا. وكل ما أورد في التفاسير وغيرها للاحتجاج على وقوع الصغائر من الأنبياء لا يخرج عن كونه من باب الخطأ أو السهو أو النسيان أو الاجتهاد، فليتأمل!
{يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11)}.
إن كان الظلم المذكور يتضمن جنس ما فعله موسى عليه السلام فهو غير الظلم المعهود المتوعد عليه، بل هو ظلم المقربين، وقد قيل حسنات الأبرار سيات المقربين، فهو ظلم يراد به فعل خلاف الأولى أو الخطأ غير المقصود.
وإن سلمنا بذلك كله فمحله قبل النبوة وهو خارج عن كلامنا فلا إلزام فيه.
وإن كان الاستثناء منقطعًا فلا إشكال.
والله أعلم.
ـ[زمرد]ــــــــ[05 Oct 2010, 01:32 ص]ـ
مع ملاحظة التنبيه على عدم توهم أن الشيخ الفاضل الدكتور فهد يمنع وقوع الصغائر بعد النبوة
نعم، هذا المفهوم.
وها أنت تبين مرادك بما ينافي عبارة العيني التي نزلها على الحادثة التي وردت في الحديث مع أنها لا تتناسب مع الحادثة
كيف أرجو التوضيح؟
فسوء الظن الذي يعد كفرا هو البحث عن ما يخرم مقام النبوة في نظرك من الروايات الشاذة الضعيفة أو الموضوعة لينال من مقام النبوة ويهز صورة الشريعة في النفوس ترجمة لما وقر في القلب من نفاق وصدقه العمل من قول وفعل مع وضوح الحق وبيانه.
هل هذا له مصدر لأراجعه؟
وهنا أسأل المتخصصين في التفسير، هل المقصود هنا الظن الذي تدفعه الوساوس أو الظن المترجم لعمل،
أنا معك اسأل. وكذا "الظن" في عبارة العيني المذكورة.
شكر الله للجميع سعة صدورهم لنقاش المسالة. وبارك فيهم.
¥