تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومعنى أنها مقاطع أنّها تتكون في أصغر وحداتها الصوتية من المقطع، ولا أصغر منه، ولا ينظر فيها إلى الحروف البسائط كما ننظرُ، إلا من جهة أنها خادمة للمقطع ولبنة من لبناته.هي تنشئ الكلمات على غير نظام تصريفي ولا اشتقاقي؛ أو قل: نحو الصوت فيها مختلط بنحو الكلمة.وتتبّعُ أصواتها المكوّنة لمقاطعها يُظهر نقصان أصوات كثيرة منها؛ تزيد على عشرة.

واختفى من العبرية (القديمة بله الحديثة الممسوخة!): الثاء والذال والضاد والظاء والواو.ويهتمون فيها بضبط السكون حتى إن عندهم سكوناً متحركاً (لعلهم يقصدون الحرف المقلْقل)!.

واختفى من الفارسية: الثاء والحاء والصاد والضاد والطاء والظاء والقاف والعين. وفيها جيمان وباءان وزايان؛ أيْ: من الحسَن والهجين في العربية. وهي لغة فخيمة المخارج (يفخمون بعض المرققات في العربية).

هذه حروف خمسة ألسنة، للناطقين بها شهرة وعديد وتاريخ، تنقص أصواتها عن أصوات العربية يقيناً، ولا يضاهي تاريخها تاريخ العربية.

وتتجلى من بينها العربية بأصواتها المستوعبة والباقية في لغتها الأدبية والمحكية والمتوزعة على مخارجها من غير اختلاط ولا غمغمة، والمترتبة على فصيحة ثم حسنة ثم هجينة، والبينة التقاطيع والتخاليف، والصافية النطق، والواضحة الصفات، والقابلة للسكون والحركة في حال البساطة وفي حال التركيب، والمد والقصر، والإدغام والإخفاء، في أقل قدر من الشذوذ.

وفي المقابل ترى:

- اختفاء أصول من الأصوات الإنسانية من تلك الألسنة متفقٍ على أن اللسان الإنساني يقتدر على نطقها بدرجات من اليسر. وهذه مزية للعربية التي حفظت أصواتها إلى الآن.

- ميل العربية إلى الصفات القوية التأثير في الحديث في أغلب حروفها، وهي الرقة (استفال اللسان حال النطق)، وإلى الجهارة (اهتزاز الوترين)، والرخاوة (انحباس الهواء مع النطق)، والانفتاح (بعد اللسان عن الحنك الأعلى)، والثبات (قلة حروق القلقلة.

- نظام التهجي في العربية مطرد لا يتخلف إلا في كلمات معدودة معروفة الأسباب (أسباب إملائية تكون بحذف حروف العلة أو إثباتها اختصاراً أو تفرقة، وليس ذلك في الحروف الصحاح، وليست أسباب صوتية) مثل: هذا، وأولئك، وعمرو.

- الحروف الثمانية والعشرون في العربية هي حروف منتخبة من أصوات حسنة وهجينة، انتخاباً كان عبر تاريخ عميق (هذا على القول الذي يرى أن اللغة اصطناع بشري!)، فتراها غير قابلة للتجريد أو للضمّ أو للحذف أو للاقتصاد أو للاعوجاج.

وأما الهجينة منها فهي في نظر العربي تقوم عليها أبجديات كثير من الألسنة الأعجمية.

- كثير من الأبجديات ترى لها رموزاً كثيرة في الكتابة، ولكن إجالة النظر في أصواتها المنطوقة فعلاً تردها إلى عدد أقلّ مما هو وافر في أبجدية لسان العربية، ونظامها التشكيلي ذي الحركات والسكنات.فهل يكون ذلك الاختلاف مؤذناً بالمزية؟.

مزية في التأليف الصوتي:

يجوز لنا في العربية أن نؤلف من تلك المقاطع الصوتية البسائط المحصورة العدد المؤلفة من الحروف والحركات الطويلة والقصيرة، والتي قاربت المائتَيْن = كلماتٍ لا حصر لها، من الجذر الواحد فضلاً عن الجذور المختلفة، والمثال شهير (ض ر ب): ضرَب، يضرِب، اضرب، ضرْب، ضارب، مضروب، مضرب، ضربة، ضريب، ضريبة، ضرّاب، ضِراب، اضطراب، ... (مزية لا تجارى).

وتتعاقب الحركات والسكنات في أحرف الكلمات، بلا كلفة ولا حظر، لولا بعض ما يستثقله العرب مما يخالف الفصاحة وعذوبة المنطق ورقته ووضوحه وترسّله، فإذا قلت مثلاً: اِبَّبِبُبَابيبُو؛ في تأليف ذلك المثل السالف المضروب على أحوال الأصوات على ما سبق ترتيبه:اِبْ، بَـ، بِـ، بُـ، بَا، بي، بُو= كنت قد أتيت بما يستثقله لسان العربيّ، ولم يؤثر عنه مثله؛ لأن العرب تكره فيما هو كالكلمة الواحدة: كلفة البدء بصوت ساكن إلا بِصلة، كما تكره الوقف على صوت متحرك إلا بسكت، وتكره توالي ساكنين صحيحين، وتكره عثار توالي أكثر من متماثلين، وتكره اضطراب توالي أربع متحركات، وتكره ثقل مجاوزة الاسم سبعة أحرف والفعل ستة أحرف، وتكره عسر الانتقال من كسر إلى ضم، وتكره تعاقب أحرف متقاربة في المخرج أو الصفة من نحو: " مُسْتَشْزِرَات ": مرتفعات، و"الهُعْخُعُ": نَبْت، أو لم يعهد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير