ابن الجوزي - رحمه الله تعالى – مبينا منهجه: " لما رأيت جمهور كتب المفسرين لا يكاد الكتاب منها يفي بالمقصود كشفه حتى ينظر للآية الواحدة في كتب؛ فرب تفسير أُخِلَّ فيه بعلم الناسخ والمنسوخ أو ببعضه، فإن وجد فيه لم يوجد أسباب النزول أو أكثرها، فإن وجد لم يوجد بيان المكي من المدني، و إن وجد ذلك لم توجد الإشارة إلى حكم الآية، فإن وجد لم يوجد جواب إشكال يقع في الآية، إلى غير ذلك من الفنون المطلوبة.
وقد أدرجت في هذا الكتاب - من هذه الفنون المذكورة مع ما لم أذكره - مما لا يستغني التفسير عنه ما أرجوا به وقوع الغناء بهذا الكتاب عن أكثر ما يجانسه.
وقد حذرت من إعادة تفسير كلمة متقدمة إلا على وجه الإشارة، ولم أغادر من الأقوال التي أحطت بها إلا ما تبعد صحته مع الاختصار البالغ، فإذا رأيتَ في فرش الآيات ما لم يذكر تفسيره فهو لا يخلو من أمرين: إما أن يكون قد سبق، و إما أن يكون ظاهراً لا يحتاج إلى تفسير.
وقد انتقى كتابنا هذا أنقى التفاسير، فأخذ منها الأصح و الأحسن و الأصون، فنظمه في عبارة الاختصار، وهذا حين شروعنا فيما ابتدأنا له، والله الموفق “
ومن خلال الاطلاع على بعض النماذج من تفسيره تبين أنه: يورد مقطعاً من الآيات، ثم يتناول كل جملة منها ببيان معناها الإجمالي، وما يحتاج من مفرداته إلى بيان بين معناه المراد دون ذكر معناها اللغوي غالباً، مع ذكر بعض ما يتعلق بذلك من أقوال السلف أحياناً، ومع بيان القراءات الواردة فيها.
وما ورد فيه أقوال بين عددها أولاً ثم أتبع ذلك ببيانها مع عزو كل قول لقائله، دون ترجيح أو تعليق.
وما سبق أن فسره أشار إلى أنه فسره، دون تكراره، و يشير إلى موضع تفسيره غالباً.
وعند التفصيل
* يذكر ابن الجوزي عند بدء السورة كونها مكية أو مدنية.
* يورد شيئاً مما يتعلق بالآية من أثر دون إيراد أسانيدها، وقد يورد بعض ما يفسرها من آيات.أي تفسير القرآن بالقرآن.
* يذكر القراءات العشر باختصار، مع ذكر الشاذ منها أحيانا.
* يورد المعنى الإجمالي للجمل القرآنية، مع بيانه للاشتقاقات اللغوية للمفردات في الغالب.
* يستشهد بالشعر أحياناً.
* يذكر الأقوال إجمالاً مع نسبتها إلى أصحابها، ولا يذكر أدلتها ولا يناقشها، ويرجح منها أحياناً، خصوصاً إذا لم يمكن الجمع بينها.
* يعتني بالجانب الوعظي في الآيات.
* يورد بعض الفوائد النفيسة.
*يذكر الإسرائيليات، دون تعقيب عليها.
*يذكر أسباب النزول.
* " يذكر مذاهب العلماء الفقهية في معنى الآية دون إسهاب، و لا يرجح إلا نادراً، خصوصا في بعض آيات الأحكام.
*يتسم تفسيره عموما بالاختصار.
قيمته العلمية:
* يعتبر من التفاسير التي تتناول التفسير بالمأثور وتعتني به.
* جمع الصحيح من أقوال مَن قبله مِن السلف و أئمة التفسير مع تحريرها، و قل أن يوجد ذلك في غيره.
*وتظهر أيضا قيمته العلمية في أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد استفاد منه في بعض الآيات التي تناولها بالتفسير.
* أن ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - ألَّف تفسيره " على قواعد المنهج الأثري النظري في التفسير، و جمع فيه بين المأثور والرأي، وبين المنقول والمعقول.
* أن هذا الكتاب يعتبر من كتب التفسير لعالم من علماء الحنابلة، ولهذا فهو يعتني ببيان المذهب الحنبلي عند تفسيره لآيات الأحكام مع ذكر المذاهب الأخرى ولو إشارة.
* من كتب التفسير التي تعتني بالتفسير اللغوي أو الاجتهاد اللغوي.
بعض الملاحظات على هذا التفسير القيم:
* اضطراب مؤلفه في تفسير الأسماء والصفات، فابن الجوزي يميل إلى التأويل على مذهب الأشاعرة فينصر مذهبه كما هو واضح في تفسيره قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى:"1/ 323:"أن أبا الفرج نفسه متناقض في هذا الباب: لم يثبت على قدم النفي ولا على قدم الإثبات؛ بل له من الكلام في الإثبات نظما ونثرا ما أثبت به كثيرا من الصفات التي أنكرها في هذا المصنف. فهو في هذا الباب مثل كثير من الخائضين في هذا الباب من أنواع الناس يثبتون تارة وينفون أخرى في مواضع كثيرة من الصفات كما هو حال أبي الوفاء بن عقيل وأبي حامد الغزالي."
¥