ـ[د. أنمار]ــــــــ[12 Oct 2006, 01:30 م]ـ
ما سبق ينطبق على الوقف اللازم والممنوع بلا شك.
مع العلم أن أصول هذا العلم توقيفية، أقصد تداوله واعتباره جزءا من التلقي بين العلماء مع ترك المجال فيه لأهل النظر للإدلاء بدلوهم، لا أن الشيخ ينسب تلك الوقوف إلى شيخه متصلا بالسند للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أصحابه. وفي بعض الكتب القديمة ما يتصل سنده بالتابعين أو الإئمة بعدهم. وقل أن تجد ما نسب للصحابة.
والدليل على تأصيل المسألة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أثر سيدنا ابن عمر وله حكم الوقف اتباعا لأصول علم الحديث
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: لقد عشنا برهة وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على النبي صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها.
وفيه برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم.
قلت هو أثر صحيح له حكم الرفع قال عنه الحاكم على شرط الشيخين ولا أعرف له علة ولم يخرجاه ووافقه الذهبي (المستدرك 1/ 38)
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=1793
ـ[منصور مهران]ــــــــ[12 Oct 2006, 03:39 م]ـ
استشهد الأخ الدكتور أنمار بقول ابن عمر - كما رواه الحاكم - على أن تفسير: (وما ينبغي أن يوقف عنده منها) شيئ مما يتعلق بعلم الوقف والابتداء، تأصيلا لهذا العلم من عهد النبوة.
قلت:
أورد أبو جعفر النحاس هذا الأثر في كتابه (القطع والائتناف) في باب ذكر قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وتبيينه إياها وإنكاره الوقف على غير تمام وذكر تعلم أصحابه القرآن كيف كان؟، ص 87 وقال بعده: فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون التمام كما يتعلمون القرآن.
ولكن السيوطي لما نقل كلام النحاس أورد لفظا آخر بدلا من (التمام)، فقال: (يتعلمون الأوقاف كما يتعلمون القرآن).
فهل المراد بالتمام وبالأوقاف في كلام النحاس والسيوطي شيء واحد؟ ولماذا غير السيوطي لفظ (التمام) إلى لفظ غيره هو (الوقوف)؟
وقد تراءى لي أن المراد من قول ابن عمر: (وما ينبغي أن يوقف عنده منها) شيء آخر غير ما أرادوه من الوقوف الاصطلاحي، فقد يكون المراد بالوقوف: التأمل والالتزام بالحدود والفهم العميق لمغزى الأوامر والنواهي، لذلك وُصِفَ عُمَر بأنه كان وقافا عند كتاب الله. بهذا المعنى، ووُصِفَ عبد الله بن عمر بأنه: (كان كأبيه وقافا عند كتاب الله تعالى مقتديا برسول الله صلى الله عليه وسلم) - انظر: أحكام القرآن لابن العربي ج 1 ص 258 - طبعة أبو الفضل - عيسى الحلبي.
وكان السائد في كلام السلف التعبير بصيغة الفعل (وقف يقف) ولا يحمل مدلوله المعنى الاصطلاحي المعروف للفظ: (الوقوف) بمعنى القطع، ولعلنا نستأنس بكلام السمعاني في تفسيره إذ يقول: (وعن بعض السلف قال: يستحب أن يقف عند كل مَثَلٍ في القرآن، فإن الله تعالى يقول: وما يعقلها إلا العالمون). انظر: تفسير أبي المظفر السمعاني ج 4 ص 182 - طبعة دار الوطن.
آمل من ذوي الفضل العلماء مزيد إيضاح لأصحح ما فهمته ولهم مني الشكر ةالتقدير، وبالله التوفيق.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[12 Oct 2006, 05:36 م]ـ
أخي الأستاذ منصور وفقه الله:
من أول يوم قرأت فيه هذا الأثر الذي له حكم الرفع قبل حوالي عشرين سنة خطر لي هذا المعنى الذي ذكرتموه، وهو محتمل، لكن إيراد العلماء له محتجين في باب الوقف والابتداء حتى لا يكاد يخلو منه مصنف في هذا العلم أو باب ذكر فيه يجعل المرء يميل إلى ما يميل إليه الجمهور وهو فهم صحيح لا غبار عليه
ويؤيده بقية الأثر
قال ابن عمر: لقد رأيت رجالأ يؤتى أحدهم القرآن فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما أمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه ينثره نثر الدقل.
فقوله ينثره نثر الدقل تدل على عدم مراعاة المعاني أو الوقوف وهذا أمر يتعلق بوصف كيفية القراءة نفسها.
ومثله ما رواه الآجري في حملة القرآن عن ابن مسعود قال: لا تنثروه نثر الدقل ولا تهذوه هذا الشعر قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكون همّ أحدكم آخر السورة
وهو كالذي قبله يدل على الوقف والابتداء
وقوله قفوا عند عجائبه، أي في كيفية القراءة أيضا، وهو يرد على إنكاركم استعمال كلمة الوقف عند السلف
وكذلك قول أم سلمة رضي الله عنها يقرأ ثم يقف ...
بل وكلام السمعاني يؤيد معنى الوقوف الاصطلاحي لا الوقف عند الأوامر بمعنى التطبيق بل هو أقرب لمعنى متعلق بطريقة التلاوة والأداء
والله أعلم
أما قولك أن السيوطي غير العبارة فلا أظن إلا أنها نسخة أخرى أو أنه نقلها من حفظه بالمعنى لا أنه تعمد أمرا ما.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[13 Oct 2006, 12:34 ص]ـ
بارك الله فيك يا أخا المكارم الدكتور أنمار، فكم كانت كلماتك من البر بي أن أثلجت صدري ونبهتني من غفوة أثقلتني زمنا ليس باليسير؛ فشكر الله لك وجزاك خيرا، فإنما ينمو العلم بالتواصل، والله الموفق.
¥