تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إشكالية: ترجيح الطبري لقوله: (أحصنت فر جها): جيب درعها]

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 Dec 2006, 01:29 م]ـ

ذكر الإمام الطبري رحمه الله تعالى معنى قوله تعالى (أحصنت فرجها) في ثلاثة مواطن، وقد اختار في موطنين أن الفرج هو الفرج المعروف، ثم اختار في الأخير أنه جيب الدرع، فهل هناك من انتبه لاختلاف ترجيح الطبري من المفسرين رحم الله الجميع.

الموطن الأول: قوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ (24)

قال أبو جعفر: فأما"المحصنات"، فإنَّهن جمع"مُحْصَنة"، وهي التي قد مُنع فرجها بزوج. يقال منه:"أحْصَن الرجلُ امرأته فهو يُحْصنها إحصانًا"،"وحَصُنت هي فهي تَحْصُن حَصَانة"، إذا عفَّت ="وهي حاصِنٌ من النساء"، عفيفة، كما قال العجاج:

وَحَاصِنٍ مِنْ حَاصِنَاتٍ مُلْسٍ ... عَنِ الأذَى وَعَنْ قِرَافِ الْوَقْسِ

ويقال أيضًا، إذا هي عَفَّت وحفِظت فرجها من الفجور:"قد أحصَنَتْ فرجها فهي مُحْصِنة"، كما قال جل ثناؤه: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) [سورة التحريم: 12]، بمعنى: حفظته من الريبة، ومنعته من الفجور.

الموطن الثاني: وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (91)

: ((يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر التي أحصنت فرجها، يعني مريم بنت عمران.

ويعني بقوله (أَحْصَنَتْ): حفظت فرجها ومنعت فرجها مما حرم الله عليها إباحته فيه.

واختلف في الفرج الذي عنى الله جلّ ثناؤه أنها أحصنته، فقال بعضهم: عنى بذلك فرج نفسها أنها حفظته من الفاحشة.

وقال آخرون: عنى بذلك جيب درعها أنها منعت جبرائيل منه قبل أن تعلم أنه رسول ربها، وقبل أن تثبته معرفة، قالوا: والذي يدلّ على ذلك قوله (فَنَفَخْنَا فِيهَا) ويعقب ذلك قوله (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) قالوا: وكان معلوما بذلك أن معنى الكلام: والتي أحصنت جيبها (فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا).

قال أبو جعفر: والذي هو أولى القولين عندنا بتأويل ذلك قول من قال: أحصنت فرجها من الفاحشة، لأن ذلك هو الأغلب من معنييه عليه، والأظهر في ظاهر الكلام، (فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا) يقول: فنفخنا في جيب درعها من روحنا، وقد ذكرنا اختلاف المختلفين في معنى قوله (فَنَفَخْنَا فِيهَا) في غير هذا الموضع، والأولى بالصواب من القول في ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع)).

الموطن الثالث: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)}

(((وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) يقول: التي منعت جيب درعها جبريل عليه السلام، وكلّ ما كان في الدرع من خرق أو فتق، فإنه يسمى فَرْجًا، وكذلك كلّ صدع وشقّ في حائط، أو فرج سقف فهو فرج.

وقوله: (فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا) يقول: فنفخنا فيه في جيب درعها، وذلك فرجها، من روحنا من جبرئيل، وهو الروح.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل)).

هذه المواضع الثلاث، ولعلي أحظى منكم بتعليق يفيد في هذا الموطن.

ـ[الراية]ــــــــ[18 Dec 2006, 08:54 م]ـ

شيخنا الكريم

ربما يفيد في حل هذا الاشكال الدراسات حول تفسير الطبري

والله اعلم

ـ[الميموني]ــــــــ[19 Dec 2006, 07:35 ص]ـ

فضيلة الدكتور: مساعد الطيار السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

. أمّا الموضع الأول فلا يصلح - في نظري - الاعتماد عليه لأن الطبري رحمه الله إنما ذكره

عرضاً حين استشهاده على معنى أحصن لغة و ليس فيه تفصيل و قد يقع الاستشهاد بأحد الوجوه المحتملة ...

أمّا الموضعان اللذان فيهما التصريح بقوله (أحصنت فرجها) فنعم و عندي أن اختلاف ترجيح الطبري سببه اختلاف يسير في السياق ففي سورة التحريم صار الضمير (فيه) ((فَنَفَخْنَا فِيهَ)) و في الأنبياء الضمير (فيها) (فَنَفَخْنَا فِيهَا)

و قد يكون لقول قتادة الذي ذكره في سورة التحريم من أن جبريل نفخ في جيب درعها أثر في ترجيحه لأنه لم يذكر غيره عن السلف. و الروايات عن السلف فيها أن جبريل نفخ في جيب درعها و ليس فيها أنه نفخ في فرجها.

على أن المعتمد في مثل هذا هو النظر في الموضع الذي بسط فيه المصنف الخلاف و اعتماد ترجيحه فيه فالطبري إنما رجح عند ذكر الاختلاف القول بأن المقصود الفرج الجارحة ...

و العجب ليس من الطبري و لكن العجب من الإمام ابن عطية فإنه في المحرر الوجيز نسب أولا في سورة الأنبياء القول بأن المراد الفرج الجارحة إلى الجمهور و لم يكتف بذلك بل ضعف القول الآخر ثمّ عاد في سورة التحريم فعكس النسبة و الترجيح. و سبب ذلك اتباعه للطبري فيما يظهر لكن الطبري لم يشر للاختلاف في سورة التحريم.

و أرجح الأقوال القول بأن المراد الفرج الجارحة لأنه ظاهر اللغة و يليه في القوة التفريق بين الموضعين لاختلاف الضمير كما هو صنيع الطبري

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير