[أفيدونا (إنما يخشى الله من عباده العلماء)]
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[20 Oct 2006, 04:07 ص]ـ
سؤالي على هذه الآية رعاكم الله
هل المقصود بها: إنما العلماء هم الذين يخشون الله تعالى؟
ثم هل إنما هنا تدل على الحصر؟
ثم هل المراد من الآية: المعنى الحقيقي للعلم هو خوف الله تعالى؟
جزاكم الله خيرا
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[20 Oct 2006, 02:01 م]ـ
قال الله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) فاطر/28.
فالفاعل هنا: (العلماءُ) فهم أهل الخشية والخوف من الله.
واسم الجلالة (الله): مفعول مقدم.
وفائدة تقديم المفعول هنا: حصر الفاعلية، أي أن الله تعالى لا يخشاه إلا العلماءُ، ولو قُدم الفاعل لاختلف المعنى ولصار: لا يخشى العلماءُ إلا اللهَ، وهذا غير صحيح فقد وُجد من العلماء من يخشون غير الله.
ولهذا قال شيخ الإسلام عن الآية:
" وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ فَهُوَ عَالِمٌ. وَهُوَ حَقٌّ، وَلا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ عَالِمٍ يَخْشَاهُ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 539).
وانظر: "تفسير البيضاوي" (4/ 418)، و "فتح القدير" (4/ 494).
وأفادت الآية الكريمة أن العلماء هم أهل الخشية، وأن من لم يخف من ربه فليس بعالم.
قال ابن كثير رحمه الله:
" إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير أتم والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) قال: الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير ... وقال سعيد بن جبير: الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله عز وجل. وقال الحسن البصري: العالم من خشي الرحمن بالغيب، ورغب فيما رغب الله فيه، وزهد فيما سخط الله فيه، ثم تلا الحسن: (إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ليس العلم عن كثرة الحديث، ولكن العلم عن كثرة الخشية. . .
وقال سفيان الثوري عن أبي حيان التيمي عن رجل قال: كان يقال العلماء ثلاثة: عالم بالله عالم بأمر الله، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله، وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله. فالعالم بالله وبأمر الله: الذي يخشى الله تعالى ويعلم الحدود والفرائض، والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله: الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض. والعالم بأمر الله ليس العالم بالله: الذي يعلم الحدود والفرائض ولا يخشى الله عز وجل " انتهى من تفسير ابن كثير (4/ 729) باختصار.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (17/ 21):
" قوله تعالى: (إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لا يَخْشَاهُ إلا عَالِمٌ ; فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ فَهُوَ عَالِمٌ كَمَا قَالَ فِي الآيَةِ الأُخْرَى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) الزمر/9 " انتهى.
وقال السعدي رحمه الله:
" فكل مَنْ كان بالله أعلم، كان أكثر له خشية، وأوجبت له خشية الله الانكفاف عن المعاصي، والاستعداد للقاء مَنْ يخشاه، وهذا دليل على فضل العلم، فإنه داعٍ إلى خشية الله، وأهل خشيته هم أهل كرامته، كما قال تعالى: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) البينة/8 " انتهى.
والحاصل: أن الفاعل في الآية هم العلماء.
ومعنى الآية: أن الله تعالى لا يخشاه أحدٌ إلا العلماءُ، وهم الذين يعرفون قدرته وسلطانه.
وليس معنى الآية أن الله تعالى هو الذي يخشى العلماء، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح.
والله أعلم.
(الإسلام سؤال وجواب)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 Oct 2006, 04:58 ص]ـ
للعلامة ابن رجب الحنبلي رسالة بعنوان: ((الكلام على قوله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء)) ...
أفاض فيها محرراً قضية إنما وإفادتها في سياق الآيات ثم عرج على الخشية ومعناها ... وقد طبعت مفردة وفي مجموع رسائله ....
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[21 Oct 2006, 11:38 ص]ـ
ما معنى قول الحق سبحانه: “إنما يخشى الله من عباده العلماء”!!!؟
- يقول الشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر:
هذه الجملة فقرة من آية سبقتها آية أخرى تتحدث عن عجيب صنع الله في السماوات والأرض، من إنزال المطر من السماء وإخراج النبات المختلف الألوان، وطبقات الأرض بألوانها ومعادنها وأحجارها واختلاف الناس والحيوانات في الأحجام والألوان والاستعدادات وغيرها.
والذين ينظرون في هذه العجائب نظرة تأمل هم العلماء من رجال الفلك والطبيعة والكيمياء والنبات والجيولوجيا والأطباء والمؤرخين وعلماء الحياة بوجه عام.
ولذلك إذا كانوا منصفين انتهوا إلى الإيمان بالله، وإذا كانوا مؤمنين زاد إيمانهم عمقا ورسوخا، لذلك يخشون الله أن يخالفوه فيعاقبهم، فإن الخشية لا تكون إلا ممن له هيبة وعظمة وقدرة، والعلماء هم الذين أدركوا عظمة الله عن طريق تخصصاتهم المختلفة، ولذلك يخشونه، ومن هنا أمر الله بالنظر في الكون والتدبر والتفكر.
هذا والقراءة الصحيحة للآية بنصب لفظ الجلالة: “الله” ورفع لفظ العلماء فالعلماء هم الذين يخشون الله، أما ما يقرؤه البعض من رفع اسم الجلالة ونصب لفظ العلماء فيجعلهم يستغربون كيف يخشى الله من العلماء، ويخاف منهم، والأمر ليس كذلك ولا داعي للتأويل لصحة هذا النطق والله أعلم.