نزول الكتب السماوية في دلالة (أنزل) و (نزَّل)؟
ـ[أبو العالية]ــــــــ[21 Dec 2006, 01:07 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
أجد في كثير ٍمن كُتب التفسير وعُلوم القرآنِ حين يتناولون هاتين المفردتين (أنزل) بالتخفيف و (نزَّل) بالتشديد.
يكاد يكون هذا محل اتفاق على أن الإنزال بالتخفيف؛ هو ما كان قد نزل جملة واحدة كاملاً.
بينا المفردة الآخرى (نزَّل) يَعْنون بها ما نزل بالتَّدُّرج!
وودلالة ذلك عندهم في أية واحد (والآيات المستشهد بها كثيرة) ولكن أدلّ آية على التفريق وقد جاءت المفردتان فيها، قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً} النساء136
ومثلها: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ} آل عمران3
وبناءً على ذلك قالوا الذي قالوه!
ولكن الذي ظهر لي والعلم عند الله أنَّ في هذا بعداً عن الصواب؛ ذلك أنَّ هذه القاعدة ليست مطَّردةً في كتاب الله تعالى.
والحُكمُ في الكُلِّياتِ للمُطَّردِ لا على الأغلب ..
لذا يُشكل على هذه القاعدة قوله تعالى في معنى (نزَّل) بالتشديد على معنى التدرج أن ذكر الله سبحانه وتعالى ممتنَّا على نبيِّه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بأفضل نعمة عليه بأن قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} الكهف1
بل أدق في البيان والإشكال قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} الفرقان32
فلو كان كذلك، لِمَ جاءت (جملة واحدة)! وأي إضافة فيها؟!
ويشكل على (أنزل) بالتخفيف ما كان جملة واحدة.
قوله تعالى: (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} آل عمران93
ثم القول بأن الكتب السابقة نزلت جملة واحدة مفتقر إلى نصٍّ يدل على ذلك، وإذ فُقِد هذا وعُلِم؛ فإن القولَ قولُ من قال؛ بأنَّ أيَّ كتاب أنزله الله على رسولٍ من رسله عليهم السلام يكون بالتدرج لا دفعة واحدة، سيَّما وينصُر هذا القول وجود النسخ في الشرائع السابقة.
إذ النسخ ليس مقصوراً على نسخ شريعة لاحقة لشريعة سابقة، بل أيضاً نسخ في الشريعة الواحدة.
ولله درُّ الطاهر ابن عاشور رحمه الله حين ساق رد أبي حيان رحمه الله على الزمخشري في هذه المسألة، ثم قال: (وأزيدُ، أنّ التوراة والإنجيل نزلا مفرّقَين كشأن كلّ ما ينزل على الرسل في مدة الرسالة، وهو الحق: إذ لا يعرف أنّ كتاباً نزل على رسول دفعة واحدة) 3/ 25
وعليه فالذي يظهر والعلم عند الله أن أعدل الأقوال في ذلك:
أن متى جاءت مفردة (أنزل) بالتخفيف فالمراد ما تم إنزاله كاملاً.
ومتى جاءت (نزَّل) بالتشديد فهي لما لم يكمل إنزال ولا زال مستمراً في التنزيل.
هذا ما سنح بالخاطر، وأنتظر تعليق أهل العلم والنظر الفضلاء.
ودمتم على الخير أعواناً))
وكتب
أبو العالية
غفر الله له
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[21 Dec 2006, 01:54 م]ـ
ومتى جاءت (نزَّل) بالتشديد فهي لما لم يكمل إنزال ولا زال مستمراً في التنزيل [/ COLOR].
بارك الله فيكم ونفع بكم
تفنيدكم بأن نزّل لا يأتي على التدريج متوجّه، لكن ما توجيهكم واستدلالكم لماذكرت هنا؟!