تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
ـ[أبو علي]ــــــــ[30 Nov 2006, 07:50 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ.
هذه الآية هي عنوان رسالة الإسلام، ومعجزة الإسلام هي نفسها عنوان رسالته، فإبراهيم دعا الله ومعه ابنه اسماعيل عليهما السلام باسمه العزيز الحكيم أن يبعث في ذرية إسماعيل رسولا منهم، وفي سورة الجمعة إذ يمتن الله بفضله على الأميين وآخرين منهم لما يلحقوا بهم جاء بالإسم الذي يتعلق به الفضل فقال (وهو العزيز الحكيم).
ما علاقة اسم الله (العزيز) باسمه (الحكيم)؟
العزيز هو الغالب الذي لا يقهر، ولا يكون غالبا إلا إذا كان حكيما، فالغلبة والنصر لمن يتحكم في أسباب وحيثيات النصر سواء كان بقوة الحجة أو بقوة القهر، إذن فالعزة مبنية على الحكمة.
والحكمة هي وضع الشيء في موضعه الذي أن ينبغي يكون فيه، فذلك هو الحق، فإن لم يوضع الشيء في موضعه فتلك ليست بحكمة وما ذلك بحق.
إذن فالحق نتاج الحكمة، فإذا قال الله (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) فلا بد أن يأتي بعدها قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ).
وإذا كانت الغاية من آيات الرسالات هي أن يراها المرسل إليهم فيعرفونها ويعلمون أن نبيهم حقا رسول الله كذلك فإننا سنرى آيات رسالة الإسلام التي هي (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) وسنرى كيفية (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ)، هذا ما اهتدينا إليه بالحكمه، ووجدنا تصديقا له في الكتاب إذ أن (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) جاءت بعد قوله تعالى (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ).
عرفنا في مواضيع سابقة كيف جاءت رسالة الإسلام بالحق، أما اليوم فسندرس الأسباب العقائدية التي تطلبت أن يبعث الله برسالة عنوانها (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ).
ما الذي حصل للملة التي جاءت قبل الإسلام فحق أن ينبه الله البشر على أن الله عزيز حكيم؟
لا بد أن عقيدة النصارى نفت أن يكون الله عزيزا حكيما وأثبتت له عكس العزة وعكس الحكمة.
لنرى ما هي عقيدة النصارى.
عقيدة النصارى تتلخص كما يلي:
==================================
أغوى الشيطان آدم وحواء فأكلا من الشجرة فطردهما الله من الجنةإلى الأرض وكذلك إبليس. وبعد قرون عديدة أراد الله أن يخلص آدم والبشرية من الخطيئة التي أوقعهم فيها إبليس فقرر أن يتجسد في إنسان ليصلب ويتألم ويموت على الصليب ليكفر عن خطيئة البشر.
==============================
حسب معتقدهم هذا فإن إبليس هو (العزيز) الذي غلب الإله إذ أنه هو المتسبب في هذه المحنة التي حلت بالإله فجعلته يتجسد في إنسان يقاسي كما يقاسي الإنسان في حياته وبعد ذلك يصلب ويتألم ويذوق الموت.
فالإله حسب اعتقادهم ليس بحكيم، لو كان حكيما لتوقع ما سيحصل من إبليس إذ من المفروض أن يعلم الإله الغيب.
إذن فإبليس عندهم هو (العزيز) والإله هو (الذليل). والإله ليس حكيما.
سبحان الله وتعالى عما يصفون، لذلك حق أن ينبه الله في رسالته التي جاءت من بعد عيسى عليه السلام على أن الكتاب تنزيل من الله العزيز الحكيم وحق أن يبرهن على ذلك بجعل معجزة الإسلام هي الحكمة.