تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإعجاز العلميّ في قول الله تعالى: (وعلّم آدم الأسماء كلَّها) لـ أ. د.ظافر القرني

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Dec 2006, 08:06 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الإعجاز العلميّ في قول الله تعالى: وعلّم آدم الأسماء كلَّها (*)

أ. د. ظافر بن علي القرني

أستاذ علوم هندسة المساحة

جامعة الملك سعود – كليّة الهندسة –القسم المدني

الرّياض

www.dr-algarni.net

[email protected]

المقدمة

العقل البشري مهيأ للعلم من خالقه عزّ وجلّ؛ لذا فتعلّم العلم هو من أيسر الأمور على الإنسان؛ ولمَّا وهمنا أن غيرنا أجدر به منَّا، تصورناه أمرًا صعبًا، فحاولنا ابتكار تعاريف تليق بهذه الصعوبة المتوهمة. وكانت أسهل طريقة لجلب هذه التَّعاريف أن تؤخذ ممَّن بُهرنا بثقافتها من الأمم المتقدِّمة تقنيًّا، فقادتنا تلك التّعاريف إلى تقسيمات عشوائية أكثرها غير رشيد؛ حتّى بلغ بنا الأمر أن قسّمنا العلم، في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا، إلى علم وأدب ( Science and Art)، أو علم وغير علم (1)؛ ولأنَّ هذا لا يتّسق مع واقع العلم، ولا مع ثقافة أمتنا، لما بين يديها من علوم ومعارف لا تخضع لهذا التقسيم الفاسد، لم يقم لها قائمة منذ أمدٍ بعيد.

وقد يحجر المرء العلم على ما يعرفه منه، وينفي صفته عن علوم أخرى لجهله بها. وهذا أمر أفدح من سابقه؛ لأنَّ العلم لا يحيط به أحد، ليبعد عنه ما شاء، ويدني منه ما شاء؛ وإن كان علمٌ دون علمٍ في الأهمّية؛ فمن العلم ما لا يسع المرء جهله، أو ما هو فرض عين على النَّاس. ولو حكمنا معارفنا بما دلّ عليه كلام الرّسول الكريم في العلم، لكفانا مؤونة التقسيم التي لا تنتهي متاهتها؛ ألم يقل صلى الله عليه وسلّم في دعائه: "اللّهم إنّي أعوذ بك ... من علمٍ لا ينفع" (2، سنن التّرمذي، حـ 3404). إذن العلم إمَّا أن يكون نافعًا أو ضارًا. وهذا هو ما نراه في واقع الحياة. ونحن لا نعجب ممّن لم يعرف عن الوحي شيئًا إذا أخطأ في فهم كنه العلوم وتصنيفها؛ ولكن العجب يتملّكنا ممّن وفقه الله لمعرفة كتابه، ثمَّ يسلك في تعريف العلم ما سلكه غيره، دون معرفةٍ حقّة به. ولنكتف بدليل واحد من القرآن الكريم لنرى السّياق الذي جاءت فيه كلمة علماء في قول الله جلَّ في علاه:) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءٌ) (3، فاطر، 27 - 28). فالآية تخبرنا عن أنواع من العلوم لها اليوم تخصصاتها التي تُعرف بها، فإذا ما اتَّقى أصحابها الله في علمهم، وكان خالصًا لوجهه، كانوا من العلماء الّذين ذكرتهم الآية. فأيّما معرفة تقود إلى عبادة الخالق عزَّ في علاه، على ما شرعه، فهي علم وأهلها علماء بها، وقد لا يتجاوزنها لغيرها.

ورغم ما يشوب كثيرًا من علوم اليوم من خلل في الفهم والتَّصنيف، فقد بلغت مبلغًا عظيمًا يعكسه لنا التّطور التَّقني المشهود في كلّ بقاع الأرض. وإذا ما نظر المرء إلى المعطيات أو المعلومات التي تقوم عليها هذه العلوم والتّقنيات المتنوِّعة، وجدها تنقسم إلى نوعين مهمّين هما: المعلومات الكمّيّة ( Quantitative)، والمعلومات النّوعيّة ( Qualitative). والكمّيّة منها تقوم على العدد، والنّوعيّة تقوم على الحرف (الكلمة). وجلّ العلوم والتقنيات المسيطرة اليوم، تتّّخذ من الأعداد المعالجة بالحاسوب، وسيلة للوصول إلى نتائج علميّة قد يكون غيرها أصح منها؛ ولكنَّها هي أفضل ما يمكن الوصول إليه، بحسب النَّماذج الرّياضية المبتدعة فيها. ورغم الأهميّة البالغة للإعداد، فإنَّها لا تأتينا بكلِّ المعلومات، ولا تفي بالغرض الذي نريده، ولا تمكّنّا من جعل الآلة تتعرّف على كلا النّوعين من المعلومات المتعلّقة بالشيء المعالج بذاتها. ولذا أصبح من الضروري النّظر فيما يعوز هذه التقنيات من مكونات كي تفي بما يراد منها، بحسب المجالات المختلفة. وبما أنّ البحث قد بلغ مبالغ عظيمة في الصنف الكمّي، وقصر في الصّنف النّوعي من المعلومات؛ فلا بدّ للمرء من البحث في كلا الصّنفين بطرق علميّة،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير