السورة سميت باسم (مريم) لأنها المرأة الوحيدة التي ذكرت ضمن مجموعة من الأبرار الصالحين، فهي أحق أن تسمى السورة باسمها.
وحيث أن سورة مريم تطرقت للكتاب كأعظم رحمة فإن مطلع السورة التي تليها يجب أن يتكلم عن القرآن الكتاب المهيمن، فهو رحمة عظمى يهدي إلى الصلاح.
قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم، طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى، إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى، تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا، الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى.
ابتدأت السورة بحرفين هما: طه. فما هو مدلول طه؟
هل يمكننا فهم مدلول طه استنادا إلى الحكمة؟ وهل نجد في القرآن ما يصدق استنتاجنا؟
استنادا إلى ما سبق ذكره عن خواتيم سورة الكهف وسورة مريم يمكننا الخروج بنتيجة نفهم من خلالها الفاتحة (طه).
قلنا إن الله حث المؤمنين على الصلاح لتكون لهم جنات الفردوس نزلا،
وأتى بنماذج من الصالحين فذكر رحمته عليهم؟
ما الحكمة من ذكر الصالحين وذكر رحمة الله عليهم؟
الجواب: لطمأنة المعنيين بالأمر (المؤمنين). فالطمأنينة هي آية الهدى، فهي الاستقرار النفسي الناتج عن الاقتناع، فالشاك لا يقال عنه مطمئن، والمرتبك والخائف لا يقال عنهما مطمئنان.
إذن فالمطمئن هو الذي على بينة من أمره، أي هو الذي على هدى.
مثلا: إذا نصحت صديقي بمزاولة تجارة ما ليحقق من وراءها ربحا فإن صديقي هذا قد يكون خائفا من المجازفة في هذه التجارة خشية من الخسارة، إذن فما دام خائفا فهو ليس مطمئنا، فإذا ذكرت أمثلة من الناس الذي تاجروا ونجحوا وقلت له: إن كل من تاجر في هذه البضاعة حقق أرباحا، فلان صار غنيا وفلان صار مليونيرا ...
فبعد سماعه للأمثلة التي ذكرت اطمأن قلبه لأنه اهتدى (أصبح على بينة من الأمر) أني له ناصح أمين.
كذلك القرآن يحث على الصلاح ويأتي بالبراهين المبينة التي يهتدي بها المؤمنون وتطمئن لها قلوبهم.
وحيث أن سورة طه جاءت بعد سورة ذكر فيها الله نماذج من الصالحين لطمأنة المؤمنين المأمورين بالإيمان بالله وعمل الصالحات فإن أنسب موضع لوصف انطباع المؤمنين بالطمأنينة والهدى هو مطلع السورة التي تلي سورة مريم، وعبر عنها بحرفين تاركا للعقول تدبرها.
إذن ما توصلنا هو أن: طه = الطمأنينة والهدى.
هل نجد ما يصدقه في الكتاب؟
قال تعالى: طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى، إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى.
الطاء تفسرها الآية الثالثة.
الهاء تفسرها الآية الثانية.
مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى، بل لتهتدي، فمن اتبع الهدى لا يضل ولا يشقى.
إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى: الطمأنينة هي التي تزيل الشك والحيرة والخوف والخشية من اتخاذ القرار.
ملاحظة: كنت أودأن ألون بعض الكلمات في النص إلا أنني لم أدر كيف أفعل ذلك.
ـ[أبو علي]ــــــــ[12 Oct 2006, 07:19 ص]ـ
السلام عليكم
القاعدة التي بنيت عليها تدبر كهيعص وطه هي:
{النصيحة والحث على تنفيذ الأمر + الاسشهاد بأمثلة تتعلق بالأمر المنصوح به = الطمأنينة والهدى (طمأنة المعني بالنصيحة).
هذه هي القاعدة الحكيمة التي يطبقها كل ذي موعظة أو نصيحة.}
كذلك نراها مطبقة هنا في القرآن:
أما النصيحة والحث على تنفيذ الأمر فهي ما ختمت به سورة الكهف.
وأما الاسشهاد بأمثلة تتعلق بالأمر المنصوح به فهو ما جاءت به سورة مريم.
وأما الغرض الذي تحقق فهو الطمأنينة والهدى (طمأنة المعني بالنصيحة) الذي عبرت عنه سورة طه حتى أن السورة سميت ب (طه).
وإذا كنت قد استنتجت أن الرحمة التي تستحق الامتنان بها على الصالحين هي الصلاح نفسه فذلك حق، فلولا فضل الله ورحمته ما صار الصالح صالحا، والصلاح أساسه العلم، والعلم هدى من الله، ومرجع ذلك كله هو كتاب الله.
وإذا كان أرقى ما توصل إليه الإنسان لصيانة صنعته والمحافظة على صلاحهاهي طبع (كتاب) الكاتالوج الذي فيه إرشادات (هدى) (نتعلم) منها كيفية صيانةاالآلة والمحافظة على (صلاحها) فإن ذلك هو المثل الأعلى عند الإنسان، ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم.