تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهاتان الآيتان في سورة الذاريات وسورة المعارج قد نزلتا قبل آية الصدقات في سورة التوبة، فكان الحرمان هنا عاماً يدخل فيه كل فقير متعفف لا يسأل الناس، ولذلك جاء هذا الوصف له في مقابل وصف السائل في الآيتين معاً. سواء كان فقره وحرمانه بسبب جائحة أو غيرها.

وقد أوضح ابن عاشور سبب إطلاق صفة الحرمان على الفقير المتعفف الذي لا يسأل الناس فقال: (وإطلاق اسم المحروم ليس حقيقة لأنه لم يَسأل الناس ويحرموه ولكن لما كان مآل أمره إلى ما يؤول إليه أمر المحروم أطلق عليه لفظ المحروم تشبيهاً به في أنه لا تصل إليه ممكنات الرزق بعد قربها منه فكأنه ناله حرمان).

أما الحرمان في قول أصحاب الجنة: (بل نحن محرومون) فهو حرمان خاص من ثمرة بستانهم ذلك الموسم لإهلاك الله له جزاء عزمهم على منع حق الله فيه. ومثله الحرمان في سورة الذاريات، وهذا الوصف لا يدل على اختصاص من أصابته جائحة بوصف الحرمان، بل هو وصف يصدق عليه وعلى غيره من المحرومين لأي سبب، فلا يصح تخصيص العموم في (المحروم) بمثل هذا الوصف والله أعلم، وهذا بحث طريف في شروط المخصص في مباحث الألفاظ في أصول الفقه يمكن مراجعته في مظانه.

والقول بأن المحروم هو الذي أصابته جائحة قد قال به ابن زيد من مفسري السلف، قال الطبري: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) قال: المحروم: المُصابُ ثَمرُهُ وزرعهُ، وقرأ (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ). . حتى بلغ (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) وقال أصحاب الجنة: (إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ). وهذا تفسير بالمثال من ابن زيد رحمه الله، واستدلال بالقرآن على تفسيره، ولا أظن ابن زيد يقصر معنى المحروم على من أصابته جائحة فحسبُ، وإنما هو أحد من يصدلق عليه وصف الحرمان لظهور هذا الوصف في حاله، ولأنه وصف بالحرمان مرتين في القرآن الكريم.

وقد اختار الطبري قولاً يشمل كل معاني الحرمان فقال: والصواب من القول في ذلك عندي أنه الذي قد حُرم الرزق واحتاج، وقد يكون ذلك بذهاب ماله وثمره، فصار ممن حرمه الله ذلك، وقد يكون بسبب تعففه وتركه المسألة، ويكون بأنه لا سهم له في الغنيمة لغيبته عن الوقعة، فلا قول في ذلك أولى بالصواب من أن تعمّ، كما قال جلّ ثناؤه (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ).

ـ[الكشاف]ــــــــ[31 Oct 2006, 12:43 م]ـ

وهذا موضوع ذو صلة

http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6434

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير