لكن مع تجويزه صلى الله عليه وسلم لأمته أن تحدِّث عن بني إسرائيل، فإنه أرشدها إلى ضابط مهمٍّ في قبول هذه الأخبار من عدم قبولها، فقد روى الإمام أحمد بسنده، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَمْلَةَ أَنَّ أَبَا نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ (بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ تَتَكَلَّمُ هَذِهِ الْجَنَازَةُ؟
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْيَهُودِيُّ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهَا تَتَكَلَّمُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُمْ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُمْ).
ومن هذا الأثر يظهر لك جليًا أننا لسنا ملزمين بتصديق بني إسرائيل ولا بتكذيبهم، إلا بحجة، وهي أن يتبين الصدق أو الكذب من كلامهم، وذلك مفهوم الخطاب من هذا الحديث.
لذا رتَّب بعض العلماء منقولات بني إسرائيل على ثلاث مراتب معروفة، وهي:
أحدها: ما علمنا صحتَه مما بأيدينا مما نشهدُ له بالصدق، فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبَه بما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمِنُ به ولا نكذّبه، وتجوزُ حكايتُه لما تقدّم.
وإذا تأملت الكلام السابق، وصح عندك هذا التقرير، فيمكن طرح عدد من الأسئلة:
الأول: هل يلزم من ذِكِر المفسر لمرويات بني إسرائيل أن يكون قابلاً لها جملة وتفصيلا؟
الثاني: هل يُثرَّب على المفسر الذي يذكر هذه الإسرائيليات بعد تجويز النبي صلى الله عليه وسلم له التحديث بها.
الثالث: هل ورد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم التفريق في جواز التحديث حتى يقال: لا يجوز ذكرها في كتب التفسير؟
الرابع: هل المنهج السليم هو الإعراض الكلي عن الإسرائيليات، والتخوف منها، والتحذير منها أشدَّ الحذر؟ أفما كان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بشرع ربه، وأرفق بأمته ممن يدعو بهذه الدعوة؟!.
الحمد لله و بعد ...
أستاذي الفاضل مساعد الطيار ... حفظكم الرحمن تعالى!
في حديثكم عن الإسرائيليات هنا ختمتم حضرتكم بهذه الأسئلة، التي حاولت أن أجد حلولا لها!
فهلا تكرمتم ببيان الإجابة أو بإحالتي لكتب؛ ليتضح الأمر عندي و ينكشف؟
ثم هناك سؤال آخر -أكرمكم الله بكرمه - يدور في خلدي، حول المرتبة الثالثة من منقولات بني إسرائيل، و هي ما نتوقف به فلا نصدقه و لا نكذبه، سؤالي: كيف نجيز لأنفسنا رواية مثل هذه المرتبة؟ أليست روايتنا لها، من قبيل الرضى بها و القبول؟ و إن كانت روايتنا لها زيادة للفائدة، فأي فائدة يمكننا أن نجنيها من مثل تلك الروايات؟
و شكري الجزيل لكل من يرغب بالمساعدة!!!
و دمتم على رضى الرحمن أعوانا
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[12 Jul 2007, 05:37 م]ـ
لقد تكلمت عن بعضها في شرحي لمقدمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Feb 2009, 07:32 ص]ـ
يرفع للفائدة