تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[منصور مهران]ــــــــ[09 Jan 2007, 08:15 م]ـ

إخوة يوسف يوم ذهبوا به وقد أجمعوا على إبعاده عن أبيهم حتى يمنحهم ما كان يختص به ابنه يوسف دونهم؛ تشاوروا بينهم فيما يصنعونه بيوسف فلم يجدوا أجدى من أن يقتلوه، أو يطرحوه أرضا متاهة يتعرض فيها لخطر جليل قد يكون أشد من القتل، وكلا الأمرين فيه هُلك ليوسف.

ولكن أحد الإخوة - وبعض المفسرين يعدونه أخاهم: رأوبين وهو كبيرهم - لم يكن موافقا على مبدأ القتل أو الطرح في أرض متاهة، فاقترح إلقاءه في في الجب؛ والجب: البئر الواسعة غير المطوية التي تضيق دوائرها كلما تسفل فيها النازل حتى يبلغ الماء وهذه غالبا يكون لها محطات جافة في أطراف الدوائر يستريح فيها الماتحون قبل الخروج الأخير من رحلة العمل، وعند كل دائرة يزداد غياب النازل عن أعين الناس في أعلى البئر فهذه هي غيابات البئر أوغيابتها، و (ال) هنا للعهد فقد تكون بئرا معروفة لديهم يستقون منها نزولا بالأرشية، وهذا الاقتراح نابع من رحمة هذا الأخ وليس فيه إزهاق النفس وقُصارى ما يصيب يوسف أن يلتقطه بعض السيارة ويذهبوا به بعيدا فلا يستطيع العودة ولا يستطيع الأب استعادته، وقد يكون صاحب هذا الاقتراح قدر نسبة إمكان أن يرجع يوسف إلى أبيه إذا استدل عليه أهل الخير وهذا هو الأمل الذي ظل يتجدد في نفس يعقوب زمنا طويلا بفضل الله وحَوْله وطَوْله إلى أن كان من أمر الله فيه ما أخبرت به آيات القرآن الكريم.

ولعل هذا الأخ الرحيم بأخيه يوسف كان مستضعف الرأي عند إخوته يأخذون منه بعض المشورة ويتركون بعضا، ويبدوا أنهم كانوا غالبين على أمرهم فكلمتهم نافذة على أخيهم الكبير هذا، فينساق المسكين وراءهم بلا حيلة ولا قوة على المعارضة؛ فلما كان من شأن يوسف يوم صار عزيز مصر وحيلته في أخذ شقيقه بنيامين أسير ذنب ما جناه بنيامين ولا همَّ به استشعر هذا الأخ الأكبر فداحة الذنب الذي أذهبوا به يوسف عن وجه أبيهم بكذبهم عليه ودعواهم أن ذئبا أكله وهم عنه غافلون ... ، فاليوم حصحص الحق فاقتضى منه أن يفارق رأي إخوته المعوج وطريقة تعاملهم مع الوالد الذي يعاني من فقد يوسف منذ زمن، ثم فقد آخر وكان ضنينا به لولا الحاجة إلى طعام يأتي من مصر، فأراد أن يصدق صدقا يمحو به أثر كذبه الأول، فنصح إخوته بالصدق مع الوالد وإخباره بالحق والحقيقة دون أي تزييف أو تمويه، ونظرا إلى أنه قرر أن لا يبرح مصر إلا ...... فكان وجودهم لدى الوالد دونه يقضي بأن يقول لهم: ارجعوا إلى أبيكم، وكأنه يعلن مفارقته لطريقتهم مع الوالد ويوجههم إلى الصدق معه، فإن صدقوا إلى أبيهم واطمأن قلبه لهذا الصدق فهم شركاء في حنان الأبوة، وإلا فيعقوب أبوهم من حيث النسب، وليس لهم في قلبه عطف الأب وحنوه، ونحن نقول ذلك إذا برئنا من عمل أحد إخوتنا فنقول: والله قل لأبيك هذا وخذ منه جزاءك.

فكأن منهج التعامل هو الذي يفرق بين الإخوة فالوالد أبو هؤلاء المصلحين بمنهج الأبوة الحانية، وهو نفسه أبو هؤلاء المفسدين بمنهج الأبوة القاسية التأديب؛ فكل يخاطب أخاه بمقتضى عمله الذي يحدد منهج الأبوة. فإذا كانوا جميعا على أمر واحد اجتمعوا في منهج أبوة واحدة: ويتضح ذلك من قولهم في المرة الأولى: (يا أبانا إنا ذهبنا نستبق) لأنهم أجمعوا على الكذب فهم شركاء في أبوة يأملون منها كل الحنان، وقول أخيهم لهم في المرة الثانية: (اذهبوا إلى أبيكم) معلنا براءته من منهج الكذب الذي اعتادوا أن يبرروا به سلوكهم المعوج، ويبدوا أنهم عزموا على الكذب على أبيهم إذا عادوا بغير أخيهم فنصحهم الكبير أن يصدقوا في هذه المرة ترقبا لتغيير منهج التعامل لعل أباهم صاحب القلب الرافض لمنهج الكذب يجد في صدقهم ما يجعله أباهم صاحب القلب المطمئن، والحقيقة هذه المرة عليها شهود، فقولهم: (إن ابنك سرق) يصدقه رد بضاعتهم، وشهود أهل العير رفاق الرحلة في مصر.

وتحديد بنوة الولد دون الأخوة في خطابهم ليبينوا لأبيهم أن ابنك الذي شئت أن تمنع خروجه معنا خوفا عليه منا هو الذي أساء إلى سمعتك بارتكابه جريمة السرقة وهي جريمة معروف جزاؤها أن يؤخذ السارق أسيرا رقيقا أو مسجونا إلى حين، فهذا أثر تربيتك وتدليلك لابنك.

هذا اجتهاد من يرجو الثواب، والله أعلم بالصواب.

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 Jan 2007, 08:02 م]ـ

السلام عليكم

قال البقاعي في تفسيره (فقال: {ارجعوا إلى أبيكم} أي دوني) --

على هذا فقد يكون في قوله تعالى " {ارجعوا إلى أبيكم " مزيد تأكيد على عزمه الإنعزال عنهم---فكان قوله " {ارجعوا إلى أبيكم " دلالة إشارية على أنّه لن يكون معهم حال رجوعهم إليه فناسب ذلك أن يقول "إلى أبيكم" لأنه حين رجوعهم لن يكون معهم

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير