تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

5230 الثالث الاستطراد كقوله تعالى يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير قال الزمخشري هذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقب ذكر بدو السوءات وخصف الورق عليهما إظهارا للمنة فيما خلق من اللباس ولما في العري وكشف العورة من المهانة والفضيحة وإشعارا بأن الستر باب عظيم من أبواب التقوى وقد خرجت على الاستطراد قوله تعالى لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون فإن أول الكلام ذكر للرد على النصارى الزاعمين نبوة المسيح ثم استطرد للرد على العرب الزاعمين بنوة الملائكة ويقرب من الاستطراد حتى لا يكادان يفترقان حسن التخلص وهو أن ينتقل مما ابتدئ به الكلام إلى المقصود على وجه سهل يختلسه اختلاسا دقيق المعنى بحيث لا يشعر السامع بالانتقال من المعنى الأول إلا وقد وقع عليه الثاني لشدة الالتئام بينهما

5231 وقد غلط أبو العلاء محمد بن غانم في قوله لم يقع منه في القرآن شيء لما فيه من التكلف وقال إن القرآن إنما ورد على الاقتضاب الذي هو طريقة العرب من الانتقال إلى غير ملائم وليس كما قال ففيه من التخلصات العجيبة ما يحير العقول

5232 وانظر إلى سورة الأعراف كيف ذكر فيها الأنبياء والقرون الماضية والأمم السالفة ثم ذكر موسى إلى أن قص حكاية السبعين رجلا ودعائه لهم ولسائر أمته بقوله واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة وجوابه تعالى عنه ثم تخلص بمناقب سيد المرسلين بعد تخلصه لأمته بقوله قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين من صفاتهم كيت وكيت وهم الذين يتبعون الرسول النبي الأمي وأخذ في صفاته الكريمة وفضائله

5233 وفي سورة الشعراء حكى قول إبراهيم ولا تخزني يوم يبعثون فتخلص منه إلى وصف المعاد بقوله يوم لا ينفع مال ولا بنون الخ

5234 وفي سورة الكهف حكى قول ذي القرنين في السد بعد دكه الذي هو من أشراط الساعة ثم النفخ في الصور وذكر الحشر ووصف مآل الكفار والمؤمنين

5235 وقال بعضهم الفرق بين التخلص والاستطراد أنك في التخلص تركت ما كنت فيه بالكلية وأقبلت على ما تخلصت إليه وفي الاستطراد تمر بذكر الأمر الذي استطردت إليه مرورا كالبرق الخاطف ثم تتركه وتعود إلى ما كنت فيه كأنك لم تقصده وإنما عرض عروضا قيل وبهذا يظهر أن ما في سورتي الأعراف والشعراء من باب الاستطراد لا التخلص لعوده في الأعراف إلى قصة موسى بقوله: ومن قوم موسى أمة إلى آخره وفي الشعراء إلى ذكر الأنبياء والأمم

5236 ويقرب من حسن التخلص الانتقال من حديث إلى آخر تنشيطا للسامع مفصولا بهذا كقوله في سورة ص بعد ذكر الأنبياء هذا ذكر وإن للمتقين

لحسن مآب فإن هذا القرآن نوع من الذكر لما انتهى ذكر الأنبياء وهو نوع من التنزيل أراد أن يذكر نوعا آخر وهو ذكر الجنة وأهلها ثم لما فرغ قال هذا وإن للطاغين لشر مآب فذكر النار وأهلها

5237 قال ابن الأثير هذا في هذا المقام من الفصل الذي هو أحسن من الوصل وهي علاقة أكيدة بين الخروج من كلام إلى آخر ويقرب منه أيضا حسن المطلب قال الزنجاني والطيبي وهو أن يخرج إلى الغرض بعد تقدم الوسيلة كقوله إياك نعبد وإياك نستعين

5238 قال الطيبي ومما اجتمع فيه حسن التخلص والمطلب معا قوله تعالى حكاية عن إبراهيم فإنهم عدو لي إلا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين إلى قوله رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين

قاعدة

5239 قال بعض المتأخرين الأمر الكلي المفيد لعرفان مناسبات الآيات في جميع القرآن هو أنك تنظر إلى الغرض الذي سيقت له السورة وتنظر ما يحتاج إليه ذلك الغرض من المقدمات وتنظر إلى مراتب تلك المقدمات في القرب والبعد من المطلوب وتنظر عند انجرار الكلام في المقدمات إلى ما يستتبعه من استشراف نفس السامع إلى الأحكام أو اللوازم التابعة له التي تقتضي البلاغة شفاء الغليل بدفع عناء الاستشراف إلى الوقوف عليها فهذا هو الأمر الكلي المهيمن على حكم الربط بين جميع أجزاء القرآن فإذا فعلته تبين لك وجه النظم مفصلا بين كل آية وآية في كل سورة.

تنبيه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير