تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مصطلحات نحوية (1) الجُملة

ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 11 - 2007, 01:12 ص]ـ

مصطلح الجملة

1 ـ الجملة لغةً:

والجملة في اللغة: جماعة الشيء، وأجملَ الشيءَ جمعه بعد تفرُّقه، وأجملَ له الحساب كذلك» (1).

2 ـ الجملة اصطلاحاً:

استعملت (الجملة) من قبل النحاة بمعنىً اصطلاحي مرادف للكلام في القرن الثالث الهجري، ولعلّ المبرّد (ت 285 هـ) أوّل من استعملها كذلك في مواضع متفرّقة من كتابه «المقتضب»، قال: «وإنّما كان الفاعل رفعاً؛ لاَنّه هو والفعل جملة يحسن السكوت عليها وتجب بها الفائدة» (2).

وقال الفارسيّ (ت 377 هـ): «ما ائتلف من هذه الاَلفاظ الثلاثة [الاسم والفعل والحرف] كان كلاماً، وهو الذي يسمّيه أهل العربيّة: الجمل» (3).

وربّما كان الرمّاني (ت 384 هـ) أوّل من عرّفها بقوله: «الجملة هي المبنيّة من موضوع ومحمول للفائدة» (4)، وهو تعريف يمنحها مضموناً مماثلاً لمضمون الكلام اصطلاحاً.

وقال ابن جنّي (ت 392 هـ): «أمّا الكلام: فكل لفظ مستقلّ بنفسه مفيد لمعناه، وهو الذي يسمّيه النحويّون: الجمل» (5).

وقد درج على استعمالها بهذا المعنى جمع من النحاة كالجرجاني (ت 471 هـ) (6) والحريري (ت516 هـ) (7)، والزمخشري (ت 538 هـ) (8)، وابن الخشّاب (ت 567 هـ) (9)، وأبي البقاء العكبري (ت 616 هـ) (10)، وابن يعيش (ت 643 هـ) (11).

وجاء ابن مالك (ت 672 هـ) فصرّح بالفرق بين الجملة والكلام، إذ عرّف الكلام بقوله: «الكلام ما تضمّن من الكلم إسناداً مفيداً مقصوداً لذاته» (12)، وقد أراد بقيد (لذاته) إخراج ما هو مقصود لغيره كجملة الصلة (13)، نحو: جاءَ أبوه، من قولنا: جاء الذي قام أبوه، فهي جملة وليست كلاماً؛ لاَنّ الاِسناد فيها «ليس مقصوداً لذاته، بل لتعيين الموصول وتوضيحه، ومثلها الجملة الخبرية والحالية والنعتيّة» (14)؛ إذ لم تقصد لذاتها، بل لغيره فليست كلاماً، بل جزء كلام (15).

وذهب الرضي (ت 686 هـ) هذا المذهب أيضاً فقال: «والفرق بين الجملة والكلام: أنّ الجملة ما تضمّنَ الاِسناد الاَصليّ، سواءً كانت مقصودة لذاتها أو لا ... فكل كلام جملة ولا ينعكس» (16). وتابعهما على ذلك ابن هشام (ت 761 هـ)، فقد قال بعد تعريف كلّ من الكلام والجملة: إنّهما «ليسا مترادفين ... [إذ] إنّها أعمّ منه؛ إذ شرطه الاِفادة بخلافها» (17)، «فكلّ كلام جملة ولا ينعكس، ألا ترى أنّ نحو (إنْ قام زيد) من قولك: (إنْ قام زيد قام عمرو) يسمّى جملة ولا يسمّى كلاماً» (18). وتابعهم السيوطي (ت 911 هـ) قائلاً: «وعلى هذا فحدّ الجملة: القول المركّب، كما أفصح شيخنا العلاّمة الكافيچي»، ثمّ واصل كلامه مشيراً إلى أنّ الكافيچي (ت 879 هـ) قد عدل عن هذا «واختار (الترادف)، قال: لاَنّا نعلم بالضرورة أنّ كلّ مركّب لا يطلق عليه الجملة، وسبقه إلى اختيار ذلك ناظر الجيش وقال: إنّه الذي يقتضيه كلام النحاة، قال: وأمّا إطلاق الجملة على ما ذكر من الواقعة شرطاً أو جواباً أو صلة، فإطلاقٌ مجازيّ؛ لاَنّ كلاًّ منها كان جملة قبل، فأُطلقت الجملة عليه باعتبار ما كان، كإطلاق اليتامى على البالغين؛ نظراً إلى أنّهم كانوا كذلك» (19


(1) لسان العرب، ابن منظور، مادّة (جمل).
(2) المقتضب، المبرّد، تحقيق محمّد عبد الخالق عضيمة 1|8.
(3) المسائل العسكريات، أبو علي الفارسي، تحقيق علي جابر المنصوري، ص 83.
(4) الحدود في النحو، الرمّاني، ضمن كتاب «رسائل في النحو واللغة» تحقيق مصطفى جواد ويوسف مسكوني، ص 39.
(5) أ ـ الخصائص، ابن جنّي، تحقيق محمّد علي النجّار 1|17.
ب ـ اللمع في العربيّة، ابن جنّي، تحقيق فائز فارس، ص 26.
(6) المقتصد في شرح الاِيضاح، عبد القاهر الجرجاني، تحقيق كاظم بحر المرجان 1|68.
(7) شرح على متن ملحة الاِعراب، الحريري، ص 3.
(8) المفصّل في علم العربيّة، الزمخشري، ص 6.
(9) المرتجل، ابن الخشّاب، تحقيق علي حيدر، ص 28 و 340.
(10) مسائل خلافية في النحو، أبو البقاء العكبري، تحقيق محمّد خير الحلواني، ص 31.
(11) شرح المفصّل، ابن يعيش، 1|21.
(12) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد، ابن مالك، تحقيق محمّد كامل بركات، ص 3.
(13) أ ـ شرح الاَشموني على الاَلفيّة، تحقيق محيي الدين عبد الحميد 1|21.
ب ـ البهجة المرضيّة، السيوطي 1|8.
(14) حاشية الصبّان على شرح الاَشموني 1|21.

(15) شفاء العليل في شرح التسهيل، السلسيلي، تحقيق عبدالله البركاتي، 1 | 97.
(16) شرح الرضي على الكافية، تحقيق يوسف حسن عمر 1 | 33.
(17) مغني اللبيب عن كتب الاعاريب، ابن هشام، تحقيق مازن المبارك ومحمد علي حمد الله، ص 490.
(18) الاعراب عن قواعد الاعراب، ابن هشام، تحقيق رشيد العبيدي، ص 60.
(19) همع الهوامع، السيوطي، تحقيق عبدالسلام هارون وعبدالعال سالم مكرم 1 | 37.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير