تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أقوال العلماء في صرف (أشياء)]

ـ[محمد سعد]ــــــــ[05 - 11 - 2007, 02:07 ص]ـ

أقوال العلماء في صرف (أشياء) *

أبوأوس إبراهيم الشمسان

أستاذ مشارك، قسم اللغة العربية، كلية الآداب

جامعة الملك سعود، الرياض، المملكة العربية السعودية

(قدم للنشر في 6/ 8/1419ه؛ وقبل للنشر في 12/ 6/ 1420ه)

ملخص البحث:

مُنعت كلمة "أشياء" من الصرف في القرآن الكريم في موضع واحد. فاختلف علماء العربية القدماء والمحدثون في تفسير ذلك. ذهب القدماء مذهبا صرفيا فرأى الخليل والأخفش والفراء على اختلاف بينهم في التفاصيل أنها انتهت بلاحقة تأنيث (ألف ممدودة) فمنعت من الصرف. وذهب الكسائي إلى أنها منعت الصرف توهما لشبهها الشكلي بما ينتهي بتلك اللاحقة المانعة من الصرف. أما المحدثون فمنهم وصفيون يقبلونها كما وردت في سياقها دون تعليل. ومنهم من فسر ذلك تفسيرا صوتيا بأنها منعت من الصرف كراهة توالي المقاطع المتماثلة؛ ولذلك دعا بعضهم إلى صرفها متى تخلفت دواعي المنع ومنعها هي وأمثالها متى تحققت دواعي المنع. رصد الباحث كل تلك الآراء موردا ما عليها من مآخذ وانتهى إلى نتيجة سجلها آخر البحث مفادها أنه يمكن صرف أشياء متابعة للأصل فيها أو منعها متابعة لما استقر عليه الاستخدام العربي.

* * *

وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم في موضع واحد ممنوعة من الصرف؛ قال تعالى:?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ? [101 - المائدة]. ولاحظ النحويون أنها منعت الصرف –أي التنوين- وجعلت من الكسرة الفتحة علامة على الجر. وقد أشكل ذلك عليهم بعض الإشكال؛ ذلك أن الكلمة منعت من الصرف على غير قياس، فهي ليست مما تنطبق عليه شروط المنع من الصرف. ولم يروا وصف ذلك بالشذوذ كما وصفت مخالفات أخرى في غير القرآن (1). لذلك ذهب النحويون يتأولون محاولين تبين علة منع هذه الكلمة من الصرف. قال ابن جني:"اعلم أنَّه إنَّما ذهب الخليل، وأبوالحسن في (أشياء) إلى ما ذهبا إليه، وتركا أن يحملاها على ظاهر لفظها، فيقولا: إنها (أفعال) لأنهما رأياها نكرة غير مصروفة نحو قوله تعالى:?لا تسألوا عن أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكمْ تَسُؤْكُمْ? [101 - المائدة] فلمّا رأياها نكرة غير مصروفة في حال التنكير ذهبا إلى أنّ الهمزة فيها للتأنيث" (2). وتدور محاولات بعض النحويين في النظر إلى الكلمة على أنها كانت مما تنطبق عليه شروط المنع ثم غيرت؛ فصارت ذات ظاهر لا يقتضي المنع وباطن كان يقتضي المنع؛ ولذا منعت من الصرف. وقد اتخذت محاولات النحويين اتجاهات مختلفة. ولكنها في الغالب ظاهرة التكلف، وهو تكلف أدركه أبو حاتم السجستاني وصرح به، قال النحاس:"قال أبوحاتم: أشياء أفعال مثل أنباء وكان يجب أن تنصرف إلا أنّها سمعت عن العرب غير مصروفة فاحتال لها النحويون باحتيالات لا تصح" (3). وردّ النحاس قول أبي حاتم قال:"وأما أن يكون أفعالاً على قول أبي حاتم فمحال لأن أفعالاً لا يمتنع من الصرف وليس شيء يمتنع من الصرف لغير علة" (4). وليس في كلام أبي حاتم زعم أنها منعت الصرف بدون علة بل فيه ردّ لأقوال النحويين التي هي عنده احتيالات لا تصح.

وقد بلغ من احتفال الناس بهذا الخلاف أن كتب فيه نظم (5):

فِي وَزْنِ أَشْياءَ بَيْنَ الْقَوْمِ أَقْوالُ قالَ الْكِسائِيُّ إِنَّ الْوَزْنَ أَفْعالُ

وَقالَ يَحْيَى بِحَذْفِ اللامِ فَهْيَ إِذَنْ أَفْعاءُ وَزْنًا وَفِي الْقَوْلَيْنِ إِشْكالُ

وَسِيبَوَيْهِ يَقُولُ الْقَلْبُ صَيَّرَها لَفْعاءَ فَافْهَمْ فَذا تَحْصِيلُ ما قالُوا

ونجد أن من المفيد إفراد هذه المسألة بالدرس لتبين أقوال القدماء والمحدثين في سبيل البحث عن إجابة لما تثيره الكلمة من أسئلة من مثل: هل منع صرفها خاص بالقرآن الكريم؟ وما السبب الصحيح لمنعها من الصرف؟ وهل يجوز لنا أن نصرفها في لغتنا الحاضرة، من أجل ذلك سوف نبسط أقوال النحويين فيها ثم نذكر رأي المحدثين في هذه المسألة.

أولا: أقوال القدماء:

سلم القدماء بمنعها الصرف فسارت محاولات تفسير ذلك في ثلاثة اتجاهات: التأنيث حقيقة، والتأنيث توهما، والاتجاه التلفيقي:

الاتجاه الأول: التأنيث حقيقة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير