تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال تعالى: {فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا} [المائدة: 24] مع أن المضمر المرفوع قد ينفصل، فإذا لم يجز عطف المظهر على المضمر المجرور مع أنه أقوى من المضمر المجرور بسبب أنه قد ينفصل، فلأن لا يجوز عطف المظهر على المضمر المجرور مع أنه ألبتة لا ينفصل كان أولى.

وثالثها: قال أبو عثمان المازني: المعطوف والمعطوف عليه متشاركان، وإنما يجوز عطف الأول على الثاني لو جاز عطف الثاني على الأول، وههنا هذا المعنى غير حاصل، وذلك لأنك لا تقول: مررت بزيدوك، فكذلك لا تقول مررت بك وزيد.

واعلم أن هذه الوجوه ليست وجوها قوية في دفع الروايات الواردة في اللغات، وذلك لأن حمزة أحد القراء السبعة، والظاهر أنه لم يأت بهذه القراءة من عند نفسه، بل رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك يوجب القطع بصحة هذه اللغة، والقياس يتضاءل عند السماع لا سيما بمثل هذه الأقيسة التي هي أوهن من بيت العنكبوت، وأيضا فلهذه القراءة وجهان:

أحدهما: أنها على تقدير تكرير الجار، كأنه قيل تساءلون به وبالأرحام.

وثانيها: أنه ورد ذلك في الشعر وأنشد سيبويه في ذلك:

فاليوم قد بت تهجونا وتشتمنا ....... فاذهب فما بك والأيام من عجب

وأنشد أيضا:

نعلق في مثل السواري سيوفنا ....... وما بينها والكعب غوط نفانف

والعجب من هؤلاء النحاة أنهم يستحسنون إثبات هذه اللغة بهذين البيتين المجهولين ولا يستحسنون إثباتها بقراءة حمزة ومجاهد، مع أنهما كانا من أكابر علماء السلف في علم القرآن.

واحتج الزجاج على فساد هذه القراءة من جهة المعنى بقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تحلفوا بآبائكم " فإذا عطفت الأرحام على المكنى عن اسم الله اقتضى ذلك جواز الحلف بالأرحام، ويمكن الجواب عنه بأن هذا حكاية عن فعل كانوا يفعلونه في الجاهلية لأنهم كانوا يقولون: أسألك بالله والرحم، وحكاية هذا الفعل عنهم في الماضي لا تنافي ورود النهي عنه في المستقبل، وأيضاً فالحديث نهي عن الحلف بالآباء فقط، وههنا ليس كذلك، بل هو حلف بالله أولا ثم يقرن به بعده ذكر الرحم، فهذا لا ينافي مدلول ذلك الحديث، فهذا جملة الكلام في قراءة قوله: {والأرحام} بالجر.

أما قراءته بالنصب ففيه وجهان: الأول: وهو اختيار أبي علي الفارسي وعلي بن عيسى أنه عطف على موضع الجار والمجرور كقوله:

فلسنا بالجبال ولا الحديدا .. والثاني: وهو قول أكثر المفسرين: أن التقدير: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، وهو قول مجاهد وقتادة والسدي والضحاك وابن زيد والفراء والزجاج، وعلى هذا الوجه فنصب الأرحام بالعطف على قوله: {الله} أي: اتقوا الله واتقوا الأرحام أي اتقوا حق الأرحام فصلوها ولا تقطعوها قال الواحدي رحمه الله: ويجوز أيضاً أن يكون منصوبا بالاغراء، أي والأرحام فاحفظوها وصلوها كقولك: الأسد الأسد، وهذا التفسير يدل على تحريم قطيعة الرحم، ويدل على وجوب صلتها.

وأما القراءة بالرفع فقال صاحب "الكشاف": الرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف كأنه قيل: والأرحام كذلك على معنى والأرحام مما يتقى، أو والأرحام مما يتساءل به.

{مفاتيح الغيب حـ 9 صـ 133 ـ 134}

قال الطبرى:

والقراءة التي لا نستجيز لقارئٍ أن يقرأ غيرها في ذلك، النصب: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ)، بمعنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، لما قد بينا أن العرب لا تعطف بظاهرٍ من الأسماء على مكنيّ في حال الخفض، إلا في ضرورة شعر، على ما قد وصفت قبل.

{تفسير الطبرى حـ 7 صـ 523}

ـ[ابو روان العراقي]ــــــــ[24 - 06 - 2008, 11:48 ص]ـ

بوركت استاذي محمد فقد فصلت واشبعت الموضوع تفصيلاً

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير