فإما أن تدخلوا (القدوع) للفصحى، ولا نفهمكم حين تكلموننا بها في كتاباتكم، وإما أن تصبروا معنا فندخل ألفاظنا العامية إلى الفصحى، فتزداد هوة التفاهم بينا وبينكم، بل بين أبناء البلد الواحد، وإما أن نرجع إلى ما هو أفضل، وهو أن نرقي عوام الناس إلى تعلم اللغة العربية الفصيحة، التي تجمعنا، وتلم شملنا.
المشكلة - يا أستاذي - أنه لا وجود للهجة عامية واحدة، وإنما هي لهجات عامية كثيرة. وأنا حين أسمع نجديا أو فلسطينيا أو عراقيا يتكلم بعاميته المحضة، لا أفهم عنه شيئا البتة، ولا أظنه يفهم عني حين أتكلم شيئا. فعن أية عامية نتكلم حين ندعو إلى ''تفصيحها''، أو إدخالها المعجم أو غير ذلك؟
ثم إن العامية عندنا معاشر أهل المغرب الكبير، أمشاج من لغات متباينة، ففيها العربية والفرنسية والإسبانية والبربرية، وفيها مخترعات العوام و''إبداعاتهم''. فليست كما يعتقد بعض الناس تطورا للغة العربية، بتخفيف أو تيسير، لموافقة الاستعمال اليومي، وإنما هي في كثير منها تقليد أعمى للغة الغربي المنتصر، وانبطاح أمام حضارته، لا في الألفاظ فقط، بل في التراكيب أيضا.
أفنترك لغتنا لمثل هذه اللهجة الهجينة؟
وما علينا لو أننا رجعنا إلى المعاجم العربية فاستخرجنا من كنوزها - وفق قواعد القياس والاشتقاق - ما ينفعنا في الاستعمالات اليومية، فنضرب عصفورين بحجر واحد:
- نحقق المطلوب من إيجاد الكلام الذي نحتاج إليه.
- ونأتي بألفاظ يمكن لكل العرب أن يتوحدوا على فهمها لأنها ترجع إلى الأصل اللغوي الذي يوحدهم، أي الفصحى.
فإن أشكلت علي الكلمة رجعت إليها في المعجم العربي، ولم أحتج أن أسأل عن معناها نجديا أو لبنانيا أو مصريا.
والله أعلم.
سلمت أخي عصام
وأنا الذي كنت أظنّ أنّ لهجتي الفلسطينيّة هي أقرب اللهجات إلى العربيّة الفصيحة , وإذا بي أقرأ الآن أنّه لا يفهم الآخرون لهجتي كما لا أفهمهم حين يتكلّمون بلهجاتهم المحليّة , وأخص بالذكر إخوتي في المغرب العربي , وفي الخليج العربي , أكرمهم الله
وقد نبّه أخي عصام البشير حفظه الله إلى أنّ تعابيرا يتداولها أهل مَحِلّة لا تعرف عند غيرهم , ومثل على ذلك بكلمة "القدوع "
وأضيف إلى ذلك أنّ هناك ألقاظا لمسميّات يستعملها أهل بلدة أو قطر تعتبر ممدوحة عند قوم مذمومة عند فئة أخرى
وقد استغربت عندما تسجلت عضو باسم " حفيدة الشيخ الأزعر " وتساءلت , هل يعقل هذا؟ ونحن الذين نعد الأزعر ذاك المنحرف الذي يمارس الفواحش , ويلاحق الفتيات , وإذا بأخي ضاد وهو من تونس الشقيقة يقول: إنّ هذه الكلمة ممدوحة وتستعمل لمسميّات إيجابيّة
ومثال آخر , كلمة " زلمة " نطلقها عندنا على الرجل فنقول: "اسمع يا زلمة " وقد سمعت أنّ هذا التعبير مذموم ويستعمل استعمالا سلبيّا في أقطار أخرى
ومثلها كلمة "ولد " قد يطلقها الأخوة في الجزيرة العربيّة للشيخ الكبير , أمّا عندنا فنعدّها ذمّا لو نودي بها كبير السن
والأمثلة على ذلك كثيرة لا تحصى
أقول لو سلّمنا بضرورة تحكيم عوام الناس لتطوير اللغة العربيّة , فإلى أين سنصل؟ ونحن نجد تعابير ممدوحة عند قوم مذمومة عند آخرين.
فما الميزان الذي سنزين به لاعتماد هذه التعابير , ودمجها في اللغة الفصيحة؟
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[31 - 10 - 2008, 02:38 م]ـ
أما أخي أبو عمار الكوفي/ فلا أريدها حربا ولست مسعر حرب، إلا أن تكون حربا علمية كهذه فإني أدعي أني فارس من فرسانها فهل من مبارز (ليس الكريم على القنا بمحرّم). دمت بخير:; allh
يبدو أنك لا تحسن النقاش العلمي.
ولا تحبه.
مرحبًا بكم إن أحببته، ولا كِبر أو عُجب إنما الأمر بتوفيق الله وقصده.
{وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً}.
العلم حرب للفتى المتعالي ..... كالسيل حرب للمكان العالي
هدانا الله وإياك.
ـ[مسعود]ــــــــ[31 - 10 - 2008, 03:08 م]ـ
"أما قولي أن نستفيد من المعجم العامي فأقصد بأن نفصحة ونرفع من شأنه. وللعلم أخي د. الأغر أقول إن كثيرًا من استعمالات العامة يظن أنها عامية وليست كذلك إذ حين تفتش عنها تجدها وكثير من استعمالات العامة لا يختلف من حيث هو كلمات مفردة عن الفصيح جذرًا ووزنًا وكل ما تحتاج إليه أن تجعله في جملة معربة، أعطيك مثالا (قدوع) وهو ما يقدم للأكل مع القهوة، ما المشكلة من ضم اللفظ إلى المعجم؟ "
أرى أن كلام الدكتور أبي أوس يحتمل وجهين.
أحدهما، أن في كل منطقة من البلاد العربية ألفاظا قد طوّرها الناس من جذور كلمات فصيحة. وفي هذا من المشاكل ما ذكره الإخوان، من أن أهل المناطق الأخرى قد لا يفهمون هذه الألفاظ الخاصة.
والآخر، أن العامية هي فصحى محرّفة، فلذلك لابد أن تكون هناك ألفاظ فصيحة كثيرة جدا بقيت، ولكن عليها صبغة العامية، وليست موجودة في المعاجم أو أنها مهجورة.
وكم كانت دهشتي وفرحتي ذات مرة حين وجدت كلمة، كنت أحسبها ملفّقة في اللهجة الحجازية، في أحد كتب الأصمعي وهو يشرح معناها، وكان المعنى مطابقا لما نستعمله. ومثل هذا الكلمات كثير جدا.
¥