ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[31 - 10 - 2008, 03:40 م]ـ
المشكلة - يا أستاذي الفاضل - أن هذه الكلمة لا أعرفها، ولا أفهمها، ولا أستعملها، لأنها من عاميتكم، لا من عاميتنا.
أما نحن في المغرب الأقصى فنستعمل ألفاظا أخرى في عاميتنا، لهذا المعنى الذي ذكرتَه. بل تختلف هذه الألفاظ عندنا بين ناحية وأخرى (الشمال والوسط والجنوب الخ).
فإما أن تدخلوا (القدوع) للفصحى، ولا نفهمكم حين تكلموننا بها في كتاباتكم، وإما أن تصبروا معنا فندخل ألفاظنا العامية إلى الفصحى، فتزداد هوة التفاهم بينا وبينكم، بل بين أبناء البلد الواحد، وإما أن نرجع إلى ما هو أفضل، وهو أن نرقي عوام الناس إلى تعلم اللغة العربية الفصيحة، التي تجمعنا، وتلم شملنا.
المشكلة - يا أستاذي - أنه لا وجود للهجة عامية واحدة، وإنما هي لهجات عامية كثيرة. وأنا حين أسمع نجديا أو فلسطينيا أو عراقيا يتكلم بعاميته المحضة، لا أفهم عنه شيئا البتة، ولا أظنه يفهم عني حين أتكلم شيئا.
فعن أية عامية نتكلم حين ندعو إلى ''تفصيحها''، أو إدخالها المعجم أو غير ذلك؟
ثم إن العامية عندنا معاشر أهل المغرب الكبير، أمشاج من لغات متباينة، ففيها العربية والفرنسية والإسبانية والبربرية، وفيها مخترعات العوام و''إبداعاتهم''. فليست كما يعتقد بعض الناس تطورا للغة العربية، بتخفيف أو تيسير، لموافقة الاستعمال اليومي، وإنما هي في كثير منها تقليد أعمى للغة الغربي المنتصر، وانبطاح أمام حضارته، لا في الألفاظ فقط، بل في التراكيب أيضا.
أفنترك لغتنا لمثل هذه اللهجة الهجينة؟
وما علينا لو أننا رجعنا إلى المعاجم العربية فاستخرجنا من كنوزها - وفق قواعد القياس والاشتقاق - ما ينفعنا في الاستعمالات اليومية، فنضرب عصفورين بحجر واحد:
- نحقق المطلوب من إيجاد الكلام الذي نحتاج إليه.
- ونأتي بألفاظ يمكن لكل العرب أن يتوحدوا على فهمها لأنها ترجع إلى الأصل اللغوي الذي يوحدهم، أي الفصحى.
فإن أشكلت علي الكلمة رجعت إليها في المعجم العربي، ولم أحتج أن أسأل عن معناها نجديا أو لبنانيا أو مصريا.
والله أعلم.
أشكرك أخي لقراءتك وحماستك وأشد على يدك في مسألة استنطاق معجمنا القديم وإحياء ما فيه من كنوز، وهذا عمل جليل نحتاج إليه، ولكنا لا نريد أن نضيع ما بين أيدينا من خير نجده في عامياتنا. العامية في الجزيرة العربية لم تتأثر تأثرًا كبيرًا باللغات الأجنبية وإن لم تسلم بعضها. ومن الطبيعي أن تجهل معنى (قدوع) ولكنك لن تجهلها بعد إدخالها إلى المعجم، وأما ما لديكم في لهجاتكم فما وافق أنظمة الفصيحة أو أمكن تفصيحه فإنه لا بأس من ضمه إلى المعجم، ليس في المسألة تعقيد ولا خطر على العربية.
رعاك الله ووفقك.
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[31 - 10 - 2008, 05:24 م]ـ
الصلة أنهما لغة واحدة ولكنهما مستويان أحدهما متصل بحياة الناس الطبيعية والآخر بحياة الناس المتكلفة.
.
أستاذنا أبا أوس. السلام عليكم.
من الواضح الآن أنك ترى العربية الفصيحة التي لغة القرآن والحديث متصلة بحياة الناس المتكلفة، ولا أرى ذلك بل أراها اللغة الطبيعية لكل المتكلمين بها ولا تكلف فيها يضطرنا إلى الاستعانة بالعاميات في مجالات استخدام الفصحى في حياتنا اليومية؛ فهي-بحمد الله- لغة كاملة شاملة لا نقص فيها ولا اعوجاج؛ فلا نحتاج إلى أية عامية؛ لإكمال النقص أو إصلاح الخلل.
والعكس عندي في العامية؛ فلكل قوم عاميتهم التي لا يفهم أكثرها غيرهم حتى من أهل البلد الواحد؛ فالعامية لا نستغني عنها في البيت والسوق والشارع، ولا ضرر في ذلك على الفصحى. وألفاظ العامية التي من الفصحى ليست محل نزاع كما لا نزاع في الترجمة والتعريب من أهل الاختصاص، والأخذ والعطاء بين العربية وغيرها من الألسنة من الواقع على امتداد التاريخ لا ينكره أحد.
وأطمئنك على أني قرأت كل ما كتبه الأخ ضاد هنا كما قرأت كل ما كتبه غيره، فالقول بأني فهمت رأيه مما كتبه الأخ الدكتور علي الحارثي سوء ظن لا يليق بمثلك كما لا يليق فعل ذلك بي أو بأي باحث عن الحق. وليتك تعلم-أستاذي الفاضل- أن عهدنا بالنقاش مع الأخ الأستاذ ضاد قديم قدم وجودنا في هذه الشبكة الطيبة؛ فخلافنا معه كبير وشامل وقديم، ولا يفسد للود قضية؛ فقد خبرنا ما عنده ولعله خبر ما عندنا؛ فلا نرغب في أي حوار مباشر معه؛ لعدم جدوى ذلك فيما نرى. وكل الذي نرجوه له أن يدرك مجالات استخدام الفصحى والعامية في العربية؛ فلا يخلط بينها، ويعرف الفرق بين طبيعة العربية وطبيعة غيرها من الألسنة، وأن يتخلص من عقدة الدكاترة والخاصة؛ لأن الجميع هنا طلبة علم يطلبون الحق؛ فلا داعي للهمز واللمز بمثل ما تراه في كل مشاركة له مما لا نراه لائقا به. وإلى الله المشتكى وهو المستعان والموفق.
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[31 - 10 - 2008, 06:30 م]ـ
أخي د. سليمان خاطر
لندع متكلفة وطبيعية، ولنقل أي مستوى من اللغة نستعمله ونحن نخاطب الناس ونتعامل معهم دون أن نخشى من الخطأ؟ وما المستوى الذي تأخذنا الرهبة والخوف من الخطأ عند استعماله، ولا نستعمله إلا في أماكن خاصة (مدرسة/ منبر مسجد/إذاعة أحيانًا)؟
أما قولي عن قراءتك فهو فهم لمقولتك التي عرضتها وتبين لي أنك لم تفهم كلام الأستاذ ضاد فاستنتجت من ذلك أنك لم تقرأ قوله وهذا من حسن الظن بك، فقلت لنفسي له عذره، ولم أقل ذلك قولا جازمًا بل قلت (لعله) فهو احتمال ليس إلا، والآن بينت أنك قرأت كلام الأستاذ ضاد ويؤسفني أنك لم تحسن فهمه، وأما أن بينك وبينه خلافًا قديمًا حسب فهمي لسياق كلامك فهذا أمر أتركه لكما. ولكني لا أترك للإستاذ ضاد مداخلة إلا قرأتها ولم أجد لديه عقدة على نحو ما وصفت بل وجدته يحترم كل محاور دون تفريق، ولكنه يعجب من حملة شهادة الدكتوراه حين يظهرون اعوجاجًا في التفكير أو ضيقًا في الأفق أو خللا في المنهجية وهي أمور لا تليق بهم ولذلك يشير إلى ذلك.
ومهما يكن من أمر فإن لمست من كلامي ما يسوء فالتمس العذر لي:
وَلَستَ بِمُستَبقٍ أَخًا لا تَلُمَّهُ ... عَلى شَعَثٍ أَيُّ الرِجالِ المُهَذَّبُ
تقبل تحياتي واسلم
¥