تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإذا اتّفقت الألفاظ والمعاني، أو المعنى الموجب للتسمية، وكانت نكراتٍ جُمعت، نحو قولك في المتّفقة الألفاظ والمعاني: زيدون ورجال، وفي المتّفقة الألفاظ والمعنى الموجب للتسمية: الأحامرة، في اللحم والخمر والزعفران، قال:

إنّ الأحامرةَ الثلاثة أتلفتْ .... مالي، وكنتُ بهنَّ قِدماً مولعا

الرّاح واللحم السمين وأطّلي ... بالزعفرانِ فلا أزال مولّعا» (1)

وأمّا ابن الحاجب (ت 646 هـ) فقد عرّف الجمع بأنّه: «ما دلّ على آحادٍ مقصودة بحروفِ مفردِهِ بتغيير مّا» (2).

وقال الرضي شارحاً هذا التعريف: «قوله: (ما دلّ على آحادٍ)، يشمل المجموع وغيره من اسم الجنس كتمر ونخل، واسم الجمع كرهط ونفر (3)، والعدد كثلاثة وعشرة ..

ومعنى قوله: (مقصودة بحروفِ مفردهِ بتغيير مّا)، أي: تقصد تلك الآحاد، ويدلّ عليها بأن يؤتى بحروف مفردِ ذلك الدالّ عليها مع تغيير مّا في تلك الحروف ...

ودخل في قوله: (بتغيير مّا) جمعا السلامة؛ لأنّ الواو والنون في آخر الاسم من تمامه، وكذا الألف والتاء، فتغيّرت الكلمة بهذه الزيادات إلى صيغة أُخرى ..

وخرج بقوله: (مقصودة بحروف مفرده بتغيير مّا) اسم الجمع، نحو: إبل وغنم؛ لأنّها وإن دلّت على آحادٍ، لكن لم يقصد إلى تلك الآحاد، بأن أُخذت حروف مفردها وغُيّرت تغييراً مّا، بل آحادها ألفاظ من غير لفظها، كبعير وشاة ...

ويخرج أيضاً اسم الجنس الذي يكون الفرق بينه وبين مفرده إمّا بالتاء، نحو: تمرة وتمر، أو بالياء، نحو: روميٌّ وروم؛ وذلك لأنّها لا تدلّ على آحادٍ؛ إذ اللفظ لم يوضع للآحاد، بل وضع لِما فيه الماهية المعيّنة» (4).

وقال ابن مالك (ت 672 هـ) في تعريف الجمع: «ما له واحدٌ من لفظه صالح لعطف مثليه أو أمثاله عليه دون اختلافِ معنىً» (5).

وقال أيضاً في التسهيل: «كلّ اسم دلّ على أكثر من اثنين ... فإن كان له واحد يوافقه في أصلِ اللفظِ دون الهيئة، وفي الدلالة عند عطف أمثاله عليه، فهو جمع» (6).

وشرحه السلسيلي قائلاً: «مثال الذي يوافقه في أصلِ اللفظ دون الهيئة كرجال، فرجل يوافقه في أصلِ اللفظ دون الهيئة، واحترز [بذلكج من (جُنُب) ومن (فُلك) للمفرد والجمع؛ فإنّهما متوافقان في اللفظ والهيئة، فلا يكون المرادُ به الجمعُ جمعاً للمراد به المفرد، بل هو من الألفاظ التي اشترك فيها المفرد وغيره ..

واحترز بقوله: (وفي الدلالة ... إلى آخره) من نحو: (قريش)، فليس جمعَ قرشيٍّ؛ لأنّه وإن وافقه في أصلِ اللفظ فهو مخالف في الدلالة عند العطف؛ لأنّ مدلول قُرشِيٍّ وقُرشِيٍّ وقُرَشِيٍّ، جماعة منسوبة إلى قريش» (7).

وعرّفه ابن الناظم (ت 686 هـ) بقوله: «الموضوع للآحادِ المجتمعة هو الجمع» (8).

وقد خالف ابن الناظم أباه في هذا التعريف؛ إذ لم يشترط كون الجمع له واحد من لفظه، وقال بشأن التفريق بين الجمع واسم الجمع واسم الجنس: «إنّ الدالّ على أكثر من اثنين بشهادة التأمّل:

إمّا أن يكون موضوعاً للآحاد المجتمعة دالاًّ عليها دلالة تكرار الواحد بالعطف ..

وإمّا أن يكون موضوعاً لمجموع الآحاد دالاًّ عليها دلالة المفرد على جملة أجزاء مسمّاه ..

وإمّا أن يكون موضوعاً للحقيقة ملغىً فيها اعتبار الفردية والجمعية إلاّ أنّ الواحد ينتفي بنفيه.

فالموضوع للآحاد المجتمعة هو الجمع، سواء كان له واحد من لفظه مستعمل، كرجال وأُسود، أو لم يكن، كأبابيل.

والموضوع لمجموع الآحاد هو اسم الجمع، سواء كان له واحد من لفظه، كركب وصحب، أو لم يكن، كقومٍ ورهطٍ.

والموضوع للحقيقة بالمعنى المذكور هو اسم الجنس، وهو غالب في ما يفرَّق بينه وبين واحده بالتاء، كتمرة وتمر، وعكسه جبأة وكمأة» (9).

وقد أخذ بهذا التعريف كلّ من الأشموني (ت 900 هـ) (10)، والفاكهي (ت 972 هـ) (11).


(1) المقرّب، ابن عصفور: 443.
(2) أ ـ شرح الرضي على الكافية، تحقيق يوسف حسن عمر 3|365.
ب ـ الأمالي النحوية، ابن الحاجب، تحقيق هادي حسن حمودي 3|45 ـ 46.
(3) في هذه النقطة خلاف بين بعض المتقدّمين أشار إليه الرضي في شرحه على الكافية ـ 3|367 ـ بقوله: «وعند الفرّاء: كلّ ما له واحد من تركيبه سواء كان اسم جمع كبقر وركب، أو اسم جنس كتمر وروم، فهو جمع».
(4) شرح الرضي على الكافية 3|365 ـ 366.
(5) شرح الكافية الشافية، ابن مالك، تحقيق عبد المنعم هريدي 1|191.
(6) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد، ابن مالك، تحقيق محمّد كامل بركات: 267
(7) شفاء العليل في إيضاح التسهيل، أبو عبد الله السلسيلي، تحقيق عبد الله البركاتي 3|1027.
(8) شرح ابن الناظم على الألفية: 14.
(9) شرح ابن الناظم على الألفية: 14 ـ 15.
(10) حاشية الصبّان على شرح الأشموني 4|153.
(11) شرح الحدود النحوية، جمال الدين الفاكهي: 89.

وإلى اللقاء مع أنواع الجموع إن شاء الله

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير