[القلب المكاني]
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 09:05 م]ـ
[القلب المكاني]
يعرض الصرفيون لموضوع القلب المكاني بمناسبة عرضهم
لموضوع الميزان الصرفي. والواقع انه ظاهرة لغوية واضحة في
اللغة العربية ولا يصح انكارها. ونحن نلحظها كل يوم في لغة
الاطفال الذين لا يستطيعون نطق الالفاظ الكثيرة التي يسمعونها
كل يوم فيقلبون بعض حروفها مكان بعضها الاخر.
ونلحظها ايضا في لغة العامة، وأوضح مثال عليها كلمة (مَسْرَح)
التي تنطق كثيرا (مَرْسَح).
فلو اننا وزناها بعد القلب لكان الوزن: مَعْفََل.
ولكن كيف نعرف ان في كلمة ما قلباً مكانيا؟
يقول الصرفيون ان هناك طرائق يمكننا اتباعها لمعرفة القلب
المكاني، وهذه الطرائق هي:
1.الرجوع الى المصدر، فمثلا الفعل ناءَ - يَناءَ
حدث فيه قلب لان مصدره: نأيٌ، وعلى هذا يكون وزنه فَلَعَ.
2.الرجوع الى الكلمات التي اشتقت من نفس مادة الكلمة، فمثلا
كلمة: جاه فيها قلب مكاني، وذلك لورود كلمات
مثل: وَجْه، وَجاهَة، وجهة.
وإذن فكلمة: جاه وزنها: عَفْل
ومن اشهر امثلتهم في ذلك كلمة قِسِيِّ: ما وزنها؟
المفرد هو قََوْس = فَعْل.
الجمع هو: قُووُس= فُعُول.
*قدمت اللام مكان العين لتصير: قُسُوو=فلوع
*قلبت الواو الأخيرة ياءً تبعاً لقواعد الإعلال لتصير: قُسُوي
*قلبت الواو الأولى ياءً تبعاً لقواعد الإعلال وأدغمت في الثانية
لتصير قُسُيّ.
*قلبت ضمة السين كسرة لتناسب الياء لتصير: قُسِيّ.
*قلبت ضمة القاف كسرة لعسر الانتقال من ضم إلى كسر لتصير قِسِيّ.
*وإذن فإن كلمة (قِسِيّ) مقلوبة عن (قووس).
*وإذن فإن وزن كلمة: قِسِيّ = فلوع.
3.أن يكون في الكلمة حرف علة يستحق الإعلال تبعا للقواعد
التي ستعرفها، ومع ذلك يبقى هذا الحرف صحيحاً أي دون
إعلال. فيكون ذلك دليلاًعلى حدوث قلب في الكلمة. فمثلا الفعل:
(أيِسَ) فيه حرف علة هو الياء، وهو متحرك بكسرة وقبله
فتحة، وحرف العلة إذا تحرك وانفتح ما قبله قلب ألفا؛ وعلى ذلك
كان ينبغي أن يكون الفعل هكذا: آس. أما وقد بقي على أيِسَ، فهذا دليل على أن هذه الياء ليس مكانها هنا
وإنما في مكان آخر، فإذا عدنا إلى المصدر وهو اليأس، عرفنا
أن هذا الفعل مقلوب عن يَئِسَ.
وإذن فوزن أيِسَ هو عَفِلَ
4. أن يترتب على عدم القلب وجود همزتين على عدم القلب
وجود همزتين في الطرف. وهذا يحتاج إلى بيان.
أنت تعلم أن الفعل الأجوف أي الذي عينه حرف علة، تقلب عينه
همزة في اسم الفاعل. أي يقلب حرف العلة همزة تبعاً لقواعد الإعلال، فنقول:
قال = قائل (على وزن فاعل)
باع = بائع (على وزن فاعل)
سار = سائر (على وزن فاعل)
وإذا طبقنا القاعدة على فعل أجوف مهموز اللام قلنا:
جاءَ = جائي (على وزن فاعل)
شاءَ = شائي (على وزن فاعل)
واجتماع الهمزتين في نهاية الكلمة حدث فيها قلب مكاني، وذلك
بان انتقلت اللام - التي هي الهمزة -مكان العين قبل قلبها همزة،
فتكون الكلمة:
جائي على وزن فالع.
شائي على وزن فالع.
ثم نحذف الياء كما نفعل في كل اسم منقوص لتصير:
جاءٍ = فالٍ
شاءٍ = فالٍ
5.أن نجد كلمة ما ممنوعة من الصرف دون سبب ظاهر وأشهر
امثلتهم على ذلك كلمة: أشياء.
هذه الكلمة ممنوعة من الصرف كما هو معروف، إذ تقول:
أشياءُ - أشياءَ - بأشياءَ.
والمعروف أيضا ان وزن (أفعال) ليس ممنوعا من الصرف، بدليل كلمة (أسماء) التي تشبه كلمة (أشياء) فأنت تقول:
أسماءٌ - أسماءً - بأسماءٍ.
إذن ما السبب في منع كلمة (أشياء) من الصرف؟؟؟؟
يقول الصرفيون إن هذه الكلمة ليست على وزن (أفعال)، وانما
هي على وزن آخر من الأوزان التي تمنع من الصرف، وذلك لأن
مفردها هو: شيء.
وأن الجمع منها هو شيئاء، على وزن فعلاء، وانت تعلم ان الف
التأنيث الممدودة تمنع الاسم من الصرف، وهم يقولون إن كلمة
شيئاء في آخرهاهمزتان بينهما الف، والألف منع غير حصين،
ووجود همزتين في آخر الكلمة ثقيل كما ذكرنا، لذلك قدمت
الهمزة الأولى التي هي لام الكلمة مكان الفاء، ويكون القلب على
الوجه التالي:
شيئاء = فعلاء
أشياء = لفعاء
وعلى هذا نستطيع ان نفهم السبب في منع كلمة (أشياء) من
الصرف ومهما يكن من أمر فإن ((القلب المكاني)) ليس منكورا
باعتباره ظاهرة لغوية، غير أنه يحتاج إلى دراسة منهجية غير
تلك التي تعرضه بها كتب الصرف العربية.
والله أعلى و أعلم
ـ[ضياء العشماوى]ــــــــ[11 - 09 - 2010, 02:47 ص]ـ
بارك الله فيكم يا اخوانى
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[11 - 09 - 2010, 02:55 م]ـ
شكرا أخي محمدا على إطلالتك
لقد افتقدناك كثيرا؛ لعل المانع خير
جزاك الله خيرا على الموضوع المتميز
وكل عام وأنت بخير