[تعميم النمط في النحو العربي (5)]
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[24 - 12 - 2008, 11:54 ص]ـ
إعراب ما جمع بألف وتاء
وقد يطلق عليه تغليبًا جمع المؤنث السالم لأنه هو الأصل فيه، وأما ما جمع من غير المؤنث فمعامل معاملته.
وجمع المؤنث السالم نشأ من مفرده بمطل الفتحة السابقة لتاء التأنيث:
شجرة> شجراتٌ
ش ـَ ج ـَ ر ـَ ت ـُ ن> ش ـَ ج ـَ ر ـَ ـَ ت ـُ ن = شجراتٌ
ولأن الممطول ما قبل التاء لا حركة الإعراب السابقة على التنوين بقي هذا الجمع معربًا بالحركات.
والجمع بهذه الكيفية هو الأصل ثم صير إلى تعميم هذه الزيادة (ات) فألصقت بألفاظ لا تنتهي بتاء التأنيث لفظًا، مثل: (هند)، العلم على المرأة، إذ تجمع على هندات، ومثل صمّام على (صمّامات)، ورجال على رجالات.
ويلاحظ أن هذا الجمع يحرك في حالتي الجر والنصب بالكسرة، وقيل في تفسير ذلك إن الكسرة نابت عن الفتحة، وهذا القول منطلق من اهتمام النحويين بتعميم العلامة الإعرابية، فهذا الجمع معرب بالكسرة أصالة في حالة الجر، وهو معرب بالكسرة نيابة في حالة النصب.
جاء في حاشية الصبان:"وإنما نصب بالكسرة مع تأتي الفتحة ليجري على سنن أصله وهو جمع المذكر السالم في حمل نصبه على جره" ([1] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn1)). وإمعانًا في تعميم ظاهرة إعراب المنصوب بالفتحة "جوز الكوفيون نصبه بالفتحة مطلقًا" ([2] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn2)).
والحقيقة أن القضية صوتية بحتة، وليس تحريك المنصوب بالكسرة لنيابتها أو حملا له على جمع المذكر السالم، بل هو طلب للتخفيف؛ إذ هو ما جعلهم يعمدون إلى المخالفة بين الفتحة القصيرة والفتحة الطويلة (الألف):
ش ـَ ج ـَ ر ـَ ـَ ت ـَ ن> ش ـَ ج ـَ ر ـَ ـَ ت ـِ ن = شجراتٍ
وتحدث هذه المخالفة في حركة النون من المثنى (شجرتانِ)، أو النون من فعل الاثنين (يتشاجرانِ) أو المؤكد بالنون (لتذهبانِّ/ لتذهبنانِّ).
فما جمع بألف وتاء إذن منصوب بالفتحة وإنما عدل إلى الكسرة للمخالفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) الصبان، حاشيته 1: 162.
([2]) م. ن.، ص. ن.
ـ[جلمود]ــــــــ[24 - 12 - 2008, 03:23 م]ـ
الأستاذ الفاضل أبي أوس،
سلام الله عليكم،
أظن أن المؤنث غير اللفظي خير دليل على عدم صحة هذا التفسير، فهند ودعد جمعتا بألف وتاء، وما حدث فيهما مد ولا مطل، ولا أظن أن العرب حملت هذا على المؤنث اللفظي، وإلا فما الدليل على ذلك؟
ثم إنني أتساءل ما رأي الأستاذ الفاضل أبي أوس في تفسير النحويين لهذا النوع من الجمع؟ هل ترون فيه خللا أو فسادا أو إشكالات خلى منه تفسيركم؟
يمكننا أن نضع عشرات الفروض في تحليل ظاهرة لغوية ما، ولكن يبقى ما يعتمد على البنية السطحية للغة أقوى وأظهر مما يعتمد على البنية العميقة والتكهنات.
وأظن أنه ليس من حياة النحويين أن نطلب تفسيرات جديدة للظواهر اللغوية لا تقدم جديدا ولا تحل إشكالا ولا تجمع أشتاتا، وإنما تزيد الأمر صعوبة وتشتت، يمكن لكل واحد منا أن يخترع تعليلا وتبريرا لظاهرة ما، ربما لا يملك سندا له، وربما أيضا لا نملك سندا لرفضه ــ إلا أن ما اتفق عليه النحاة يبقى هو الأصل إذا تساوت الفروض.
هب ــ أستاذنا الفاضل ـــ أن تعليلك صواب وتعليل النحاة صواب، أيهما ستستعمل ونستعمل؟ ما قال به فرد من النحاة أم ما قال به جميع النحاة؟ فإني أرى أنه لا يطلب تعليلا جديدا لمسألة نحوية إلا إذا بان فساد الأول أو قدم الثاني فائدة خلى منها الأول.
([2]) م. ن.، ص. ن.
فكرت فيها طويلا فلم أهتد إلى معناها:).
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[24 - 12 - 2008, 05:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أستاذنا الفاضل: أبا أوس:
أشير بداية لشيء مهم – عندي – وهو أن الإحالة في هامشك (في المرتين) يجب أن تكون على شرح الأشموني وليس على حاشية الصبّان؛ لأن الكلام المنقول من كلام الأشموني نفسه وليس من كلام المحشّي، ولا يخفى ما يوقع هذا فيه من لبس.
ولدي بعض الأسئلة أطرحها:
1 – لِمَ لمْ يعتبر النحويين أن المجموع بالألف والتاء معربٌ بالحروفِ؟ وما السرّ في جعلهم إياه في باب الإعراب النيابي في جزء منه وهو النصب؟
2 – لو لاحظتم في المثنّى لوجدتم نونه مكسورة – في الأفصح – بل كل تثنية – حتّى في الأفعال – يعقب ألف المثنّى كسرةٌ، وهنا في باب الجمع التأنيثي لو لاحظت لوجدت بعد الألف في النصب تاءً مكسورة، ألم يبن لعقلكم النّير من ذلكم شيءٌ؟؟!!
3 – قولكم:
والحقيقة أن القضية صوتية بحتة، وليس تحريك المنصوب بالكسرة لنيابتها أو حملا له على جمع المذكر السالم، بل هو طلب للتخفيف؛ إذ هو ما جعلهم يعمدون إلى المخالفة بين الفتحة القصيرة والفتحة الطويلة
لو كان الأمر كما قلت فما رأيك في نحو: زرت أمواتًا، ونظمت أبياتًا، أليس هذا في تكوينه مشابهًا للجمع بالألف والتاء وهو ليس منه؟؟
4 – أتصور أن النحويين لما وضعوا تفسيرات إعرابية نظموا اللغة في سلك منظوم – مفرداتٍ وجملاً – ثم كانت مراعاتهم للجانب الصوتي والجانب التحويلي محاولين النفاذ إلى علاقة الحروف، وما الذي يصلح مكان الآخر،
أستاذي الفاضل: جلمود: أشكركم،
ويقصد أستاذنا أبو أوس بـ:
م. ن.، ص. ن.
تقريبا نفس المرجع السابق؛ والكلام- أيضًا – نقلا عن الأشموني.
بارك الله فيكم، وربما أعود لو تيسر لي الأمر.
والله أعلم.
¥