تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأخي المسند إليه جزاك الله خيرا، ولا تعارض أخي الحبيب. وإليك هذا الاقتباس من تاج العروس ففيه شفاء (وفي اللسان: كاد وُضِعت لمُقَارَبة الشيْءِ فُعِلَ أَو لم يُفْعَل، مُجَرَّدَةً تُنبئ عن نَفْيِ الفِعْلِ، ومَقْرُونَةً بالجَحْدِ تُنْبِئ عن وقُوعهِ أَي الفعل،

وفي الإِتقان للسيوطيّ: كادَ فِعْلٌ ناقِصٌ أَتى منه الماضي والمضارع فقط، له اسمٌ مَرفوع وخبرٌ مُضَارع مُجَرَّد من أَنْ، ومعناها: قارَبَ، فَنَفْيُهَا نَفْيٌ للمُقَارَبَة، وإِثباتها إِثباتٌ للمُقَارَبة، واشتهر على أَلسنة كثيرٍ أَن نَفْيَها إِثباتٌ وإِثباتَها نَفْيٌ، فقولك: كاد زيدٌ يَفْعَل، معناه لم يَفْعَل، بدليل، "وإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ". وما كاد يفعل، معناه فَعَل، بدليل "وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ" أَخرجَ ابنُ أَبي حاتمٍ من طريق الضَّحَّاك، عن ابنِ عبَّاس قال: كُلّ شيْءٍ في القرآن كادَ وأَكَادُ ويَكادُ، فإِنه لا يكون أَبداً، وقيل: إِنها تُفيد الدّلالة على وُقوعِ الفِعْل بِعُسْرٍ، وقيل: نَفْيُ الماضي إِثباتٌ، بدليل "ومَا كَادُوا يَفْعَلُونَ" ونفى المضارع نَفيٌ بدليل لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا" مع أَنه لم يَرَ شيئاً. والصحيح الأَوّل، أَنها كغيرها، نَفْيها نَفيٌ وإِثباتُهَا إِثباتٌ، فمعنى كادَ يَفعل: قارَبَ الفِعْل ولمْ يَفْعَل. وما كادَ يَفْعَل: ما قَارَب الفِعْل فَضْلاً عنْ أَنْ يَفْعَل: ما قَارَب الفِعْلِ لازِمٌ مِن نَفْيِ المُقَارَبَة عَقْلاً. وأَما آية "فَذَبَحُوهَا ومَا كَادُوا يَفْعَلُونَ" فهو إِخبار عن حالهم في أَوّلِ مِن ذَبْحِهَا، وإِثبات الفِعْل إِنما فُهِم من دَلِيل آخِرَ، وهو قوله تعالى:"فَذَبَحُوهَا" وأَما قوله "لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِم" من أَنّه صلَّى اللهُ عَلَيْه وسلَّمَ لم يَرْكَنْ لاَ قَليلاً ولا كثيراً، فإِنه مَفهومٌ مِن جِهَةِ أَنّ لَوْلاَ الامتناعِيَّةَ تقتضِي ذلك، انتهى. وفي اللسان: وقال أَبو بكر في قولهم: قَدْ كَادَ فُلاَنٌ يَهْلِك: معناه: قد قَارَبَ الهَلاَكَ ولم يَهْلِك: فإِذا قُلتَ ما كَادَ فُلانٌ يَقُوم، فمعناه: قامَ بعد إِبطاءِ وكذلك، كاد يَقوم معناه قاربَ القِيَامَ ولم يَقُمْ. قال: وهذا وَجْهُ الكلام، ثم قال: وقَد تَكون كاد صِلَةً للكلامِ، أَجاز ذلك الأَخْفَشُ وقُطْرُبٌ وأَبو حاتمٍ، واحتجّ قُطربٌ بقولِ زيدِ الخَيْلِ:

سَرِيعٍ إِلى الهَيْجَاءِ شَاكٍ سِلاحُهُ فَما إِنْ يَكادُ قِرْنُه يَتَنَفَّسُ

معناهُ ما يَتَنَفَّسُ قِرْنُه. وقال حَسَّان:

وَتَكَادُ تَكْسَلُ أَنْ تَجِيءَ فِرَاشَهَا فِي لِينِ خَرْعَبَةٍ وحُسْنِ قَوَامِ

معناه وتكسل، ومنه قوله تعالى: "لَمْ يَكَد يَرَاهَا" أَي لمْ يَرَهَا ولم يقارب ذلك، وقال بعضُهم: رَآهَا مِن بَعْدِ أَن لم يَكَدْ يَراهَا مِن شِدَّةِ الظُّلْمَة. فاتَّضَح بذلك أَن قولَ شيخِنَا: كَوْن كاد صِلَةً للكلام لا قائلَ به إِلا ما وَرَد عن ضَعَفَةِ المُفسِّرين، تَحَامُلٌ على المُصنِّف وقُصًورٌ لا يَخْفَى. وقال الأَخْفَشُ في قوله تعالى "لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا" حَمْلٌ على المَعنَى، وذلك أَنه لا يراها، وذلك أَنك إِذا قلت كاد يَفْعَل إِنما تَعنِي قَارَب الفِعْل، على صِحَّةِ الكَلاَمِ، وهكذا معنى هذه الآية، إِلاّ أَنّ اللغة قد أَجازَت: لم يَكَدْ يَفْعَل وقد فعَل بَعْدَ شِدَّة، وليس هذا صِحَّةَ الكلامِ، لأَنه إِذا قال: كادَ يَفْعَل، فإِنما يعنِي قارَبَ الفِعْل، وإِذا قال، لم يَكد يَفْعَل، يقول: لم يُقَارِب الفِعْلَ، إِلاَّ أَن اللُّغَة جاءَت على ما فُسِّرَ. وقال الفَرَّاءُ: كُلَّمَا أَخْرَجَ يَدَه لمْ يَكد يَرَاهَا مِن شِدَّة الظُّلمَةِ، لأَن أَقَلَّ مِن هذه الظُّلمةِ لا تُرَى اليَدُ فيه، وأَما لم يَكَد يَقُوم، فقَدْ قَام، هذا أَكْثَر اللُّغَة.)

ـ[المسند إليه]ــــــــ[31 - 12 - 2008, 03:09 م]ـ

أخي أبا عبد القيوم: لله درك، فقد أوردت ما يشفي ويكفي، حفظك الله ورعاك.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير