تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعلى هذا فالرتبة بين عناصر الجملة الفعلية هي رتبة غير محفوظة, ما عدا الرتبة بين الفعل والفاعل فهي رتبة محفوظة, والمفعول يستطيع الحركة إلى يمين الفاعل أو إلى يمين الفعل والفاعل, وهذا المفعول يبقى محافظاً على وظيفته النحوية السابقة رغم تقدمه, لأن الفعل محتاجٌ إليه وهو مبني على الفعل على الرغم من تقدمه. أما الفاعل فرتبته ثابتة محفوظة.

"فإن وجد ما ظاهره أنه فاعل مقدم وجب تقدير الفاعل ضميراً مستتراً وكون المتقدم إما مبتدأ أو فاعلاً لفعل محذوف". وسبب وجود هذا الضمير, أن الفعل محتاجٌ للفاعل ولا ينفصل عنه, كما أن الاسم المتقدم هو المبتدأ والكلام مبني عليه, وهذا المبتدأ بحاجة إلى الخبر فإن لم تقدر ضميراً بعد الفعل, فإن ما بعده أي (ما بعد المبتدأ) لا يشكل جملة تكون خبراً عنه إلا بوجود الضمير العائد, كما أن الضمير إن لم يكن موجوداً فإن الصلة بين الاسم المتقدم (المبتدأ) وخبره ستكون معدومة, فالضمير رابط يربط بين المبتدأ وخبره, وذلك لأن الخبر ليس هو الأول في المعنى.

وسبب التقديم والتأخير هو العناية والاهتمام, وتقديم المفعول يكسبه أهمية عند المتكلم والمخاطب ولكنه لا يكتسب الأهمية من ناحيه نحوية فيظل مبنياً رغم تقدمه لأن الفعل محتاج إليه. والجملة الاسمية, كذلك, الرتبة بين أركانها في الأصل غير محفوظة. إلاّ أن الرتبة في الجملة العربية قد تكون واجبة الحفظ كما هي في الأصل وقد يحدث ما يدعو إلى الخروج عن أصل الرتبة جوازاً ووجوباً, والأصل والخروج عنه يتم وفق ضوابط معينة تتحكم في ترتيب الجملة العربية.

الجملة الشرطية: -

" وزاد الزمخشري وغيره الجملة الشرطية, وذلك نحو: بكرٌ إن تعطه يشكرْك " وهي عند الجمهور فعلية, وذلك لأن الجمل الشرطية تكون إما مصدرة بحرف شرط أو اسم شرط, واسم الشرط فضلة أو عمدة " (1). وفي رأيي أن جملة الشرط فيها خروج عن الأصل بالصدارة1) , وكون الجملة اسمية أو فعلية يعتمد على ما إذا كان اسم الشرط طالباً أو مطلوباً, فجملة مثل " أينما تذهبْ أذهبْ " جملة تترتب من العام إلى الخاص والأصل فيها أذهبُ أينما تذهبُ "

ولكن تقديم أينما بالصدارة أَدى إلى تقديم ما يرتبط بها معنوياً فصارت الجملة هكذا: أينما تذهبْ أذهبْ.

فهذه الجملة فعلية ومثلها " متى تسافرْ أسافرْ " وأصلها: أسافرُ متى تسافرُ. " وهذه كلها فضلات وهي مقدمة من تأخير مثل قولنا محمداً أكرمتُ " و (غداً أسافرُ) و (بينكما أجلس) فكما أنه لا عبرة بالفضلات المتقدمة هنا وأن العبرة بصدر الجملة فكذلك الأمر في الشرط فهذه كلها جملٌ فعلية" (2 وذلك لأن المبني عليه ما زال محتاجاً إلى الأسماء المتقدمة. " ثم ما الفرق بينها وبين أسماء الاستفهام؟ فلماذا يكون قولك (أيَّ رجل تكرم؟) جملة فعلية باعتبار أي مفعولاً به مقدماً ولا يكون (أيَّ رجل تكرمْ أكرمْ) جملة فعلية أيضاً مع أن إعراب (أي) في الحالتين واحد؟ (3)

أما إذا كان اسم الشرط طالباً وليس مطلوباً فالجملة عندها: اسمية, وهي كذلك ناتجة عن تدوير الرتبة, فجملة مثل " مَنْ يأْتِني أكرِمْهُ " أصلها: أكرمُ من يأتيني, ولكن تقدمت من بالصدارة وتبعها ما يرتبط بها فصارت مَن يأتني أُكرمْهُ وهي جملة اسمية لأن (من) مبتدأ وما بعدها هو الخبر " ثم إن هناك جملاًشبيهة بالشرطية نحو"الذي يأتيني فله الفضل" و "كل رجل يعنيني فأنا أَعنيه " وغيرها فهل تكون هذه الجمل جملاً خاصة أيضاً فلا تكون اسمية ولا فعلية؟ (4

أما المبدوءة بحرف الشرط فهي في نحو (إن زرتني أكرمتك) , جمل فعلية وفي نحو (لولا زيدٌ لغرق خالدٌ) اسمية جرياً على القاعدة العامة" (لأنه لا عبرة بالحرف على حد ما يقوله النحاة, ولكن لماذا لا تكون هذه الجمل خروجاً عن الأصل بالصدارة ولأن الأصل أن تتقدم الغاية على الوسيلة بالزمن كما يقول ابن القيم " اختلف الكوفيون والبصريون فيما إذا تقدم أداة الشرط جملة تصلح أن تكون جزاء ثم ذكر فعل الشرط ولم يُذكر له جزاء نحو" أقوم إن قُمت" فقال ابن السراج: الذي عندي أن الجواب محذوف يغني عنه الفعل المتقدم, قال: وإنما يستعمل هذا على وجهين: إما أن يضطر إليه شاعر, وإما أن يكون المتكلم به محققاً بغير شرط ولا نية فقال أجيئك ثم يبدو له أن لا يجيئه إلا بسبب فيقول إن جئتني فيشبه الاستثناء ويغني عن الجواب ما تقدم, وهذا قول

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير