(" نحنُ قومٌ ننطلقُ عامدونَ إلى بلدِ كذا "، إن جعلته وصفًا، وإن لم تجعله وصفًا نصبتَ، كأنه قال: " نحنُ ننطلق عامدينَ ") انتهى
الوجه الثاني: أنَّ الموصوف، أو صاحب الحال، هو النكرة الواقعة قبل جملة الوصف، لا بعدها.
أما الجملة التي بين أيدينا، " مع الرايات دامية الحواشي "
فالضمير المستتر في الفعل " نعود ": معرفة
وكلمة " الرايات " معرفة.
وكلمة " دامية " تحتملها " الرايات "، وليس الضمير المستتر.
فكيف بعد هذا، يقال: إنَّ الجملة هذه مقيسة على مثال " الكتاب "
هذا من جهة إعمال العقل.
أما من جهة النقل: فقد ذكر سيبويه عدَّة أمثلة في " كتابه " لتوضيح مراده من هذا الباب، وهي واضحة لا لبس فيها.
وكذلك استشهد بهذا المثال، علماء النحو بعده، مثل المبرّد وغيره، وسأنقل بعض أقوالهم، إن شاء الله.
جاء في " الكتاب ":
(ومنه: " مررتُ برجلٍ معه جُبَّةٌ لابسٍ غيرَها "، وإن حملتَه على الإضمار الذي في " معه "، نصبتَ) انتهى.
قلتُ: فالمراد أنَّ كلمة " لابسٍ " إما تُعرب صفة لـ " رجلٍ "، أو حالاً منه، وليس لكلمة " جبَّة ".
ويؤكِّد المبرِّد في " مقتضبه " ما ذهبتُ إليه، ويقول في باب " ما يجوز لك فيه النعت والحال، ولا يكون مجازهما واحدا، ولما تحمل كل واحد منهما عليه ":
(وذلك قولك " مررت بامرأةٍ معها رجلٌ قائمةٍ يا فتى " إذا حملت ذلك على " مررتُ بامرأةٍ ".
وإن حملته على الهاء في " معها " قلت: " رجلٌ قائمةً "
والمعنى - إذا نصبت- أنك مررتَ به معها في حال قيامها، فكانت المقارنة في هذه الحال) انتهى
ثمَّ قال:
(ومن هذا الباب " مررتُ برجلٍ معه صقرٌ صائدٍ به "، و" صائدًا به ") انتهى
قلتُ: فقد أوضح أنَّ الكلمة الأولى قبل " مع " نكرة موصوفة.
وأنَّ الكلمة التي تعرب صفة أو حالاً، إنما هي للكلمة الموصوفة بشبه الجملة.
ختامًا، أقول: ما زال السؤال قائمًا حول إعراب " دامية ".
وما زالت الحاجة إلى التعليل الصحيح قائمة أيضًا.
وسأترك المجال لأهل علم النحو، للنظر في إجابتي، قبل أن أتكلَّم عن إعراب " دامية " وتعليل إعرابها.
مع عاطر التحايا
ـ[أبومصعب]ــــــــ[28 - 04 - 2005, 11:25 م]ـ
أخي الكريم معمر
أرحب بك في هذا المنتدى ويسرني أن تكون أول مشاركة لك - في أول يوم من تسجيلك - في الموضوع الذي كتبته. (في الموضوع) خبر (تكون)
الأستاذ الكريم، إنما كتبت لأستفسر لا لأستتر، وإن كنت لا تريد أن ترى مشاركاتي بعد اليوم فسيكون
مع تحياتي وتقديري
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[29 - 04 - 2005, 09:35 ص]ـ
قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة ***** حتى ألمت بنا يوما ملمات
مع أن شرحي لمثال سيبويه وكلامه كان واضحا، ولكن اعترض عليه الأخ حازم بما تبين أنه لم يدرك مقصد سيبويه، وهو معذور في ذلك لأن الكتاب بعيد الغور، ولكنه غير معذور في اتهامي بقوله:
فالتقطه بسرعة، لوجود " مع " في الجملتين، دون تثبُّتٍ أو رويَّة، أو إمعان نظر.
قال الأخ حازم:
لجواب: لأنَّ أمثلة " الكتاب " كلها نكرات، فجاز أن تكون الكلمة التي بعد النكرة صفة لها.
وجاز إعرابها حالاً، على أنها قربت من المعرفة بالوصف
فهو يرى أن (صائد) في المثال المذكور: مررت برجل معه صقر صائد به، يجوز أن يكون صفة للرجل، أو حالا من الرجل أيضا لأنه نكرة موصوفة، وأكد هذا بقوله:
الوجه الثاني: أنَّ الموصوف، أو صاحب الحال، هو النكرة الواقعة قبل جملة الوصف، لا بعدها.
وأنا أقول إن جررنا (صائدا) فهو صفة للرجل، وإن نصبناه فهو حال من الضمير المتصل وهو الهاء في (معه)
والدليل على ذلك أن سيبويه قال بعد أن ذكر المثال بالجر: صائدٍ به، قال: إن جعلته وصفا. يعني يجوز أن تجر (صائدا) إن جعلته وصفا لـ (رجل).
ثم قال سيبويه: وإن لم تحمله على الرجل وحملته على الاسم المضمر المعروف نصبته، فقلت: مررت برجل معه صقرا صائدا به. يعني إن لم تجعل (صائدا) صفة لـ (رجل) وجعلته راجعا إلى الضمير الذي هو معرفة في (معه) نصبته على الحال. فمعنى (المضمر المعروف): الضمير المعرفة.
ثم قال سيبويه: (كأنه قال: معه باز صائدا به، حين لم يرد أن يحمله على الأول.)
يعني كأن الرجل غير موجود في الكلام وابتدأت فقلت: معه باز صائدا به.
والدليل على أن سيبويه يريد بالمضمر الضمير في (معه) قوله في مثال آخر:
¥