لأنك اجتزأت جملةً فيه، وتركت الثانية المعطوفة عليها، وهذا لا يجوز، - أيها الباحث –
نقلتَ عني أنني قلت:
(الجواب: لأنَّ أمثلة " الكتاب " كلها نكرات، فجاز أن تكون الكلمة التي بعد النكرة صفة لها.
وجاز إعرابها حالاً، على أنها قربت من المعرفة بالوصف)
وما ذكرتُه كاملاً، هو:
(الجواب: لأنَّ أمثلة " الكتاب " كلها نكرات، فجاز أن تكون الكلمة التي بعد النكرة صفة لها.
وجاز إعرابها حالاً، على أنها قربت من المعرفة بالوصف، أو على أنها حالاً من الضمير، كما قال في نفس الباب:
(" نحنُ قومٌ ننطلقُ عامدونَ إلى بلدِ كذا "، إن جعلته وصفًا، وإن لم تجعله وصفًا نصبتَ، كأنه قال: " نحنُ ننطلق عامدينَ ") انتهى
فقد اتَّضح لكلِّ ذي لُبٍّ، أنني ذكرتُ (أنها حالاً من الضمير)، ولم أكتفِ بذلك، بل أوردت مثال سيبويه: " نحنُ ننطلق عامدينَ "
وقلتُ لاحقًا: (فالمراد أنَّ كلمة " لابسٍ " إما تُعرب صفة لـ " رجلٍ "، أو حالاً منه، وليس لكلمة " جبَّة ")
وقد كان تركيزي على أنَّ الكلمة المراد وصفها، أو بيان حالها بالضمير الراجع إليها، هي النكرة التي قبل كلمة " مع "، وليست بعدها.
ولم أفصِّل الإجابة على الأمثلة، لأنها ليست هدفًا لي، وكُنتُ أظنُّ أنك ستدرك ما أرمي إليه.
إذ أنني لا أخاطب طالبًا في المرحلة المتوسِّطة، بل أخاطب مَن ادَّعَى أنَّ منهله هو " الكتاب ".
أعود إلى هدفي الأساسي: وهو أنَّ حملك جملة " مع الراياتِ دامية الحواشي " على مثال " الكتاب " خطأ واضح، وفَهم ناقص.
فأنتَ قد أقررتَ على نفسِك أنَّ الصفتين " قابضٍ "، و" لابسٍ " هما للاسم النكرة الواقع قبل " مع "، حيث قلتَ:
(يعني الجر في " قابض " و" لابسٍ " على أنهما صفتان للرجل قبلهما، ويجوز النصب على أن " قابضا " أو " لابسا " حال من الضمير في " معه ")
وهذا ما أريده.
فأين هذا من كلمة " دامية "
أهي صفة للنكرة التي قبل " مع "؟
أم هي حال من الضمير؟
أرأيتَ أنَّ وجود كلمة " مع " في الجملتين، غير كافٍ لحمل القياس؟
وهل أدركتَ أنَّ إجراء القياس يحتاج إلى فَهم سليم؟
ختامًا، أودُّ أن أهمس في أذنك:
لو كُنتَ أتقنتَ حمايةَ الثغور، لَما استطعتُ أن أنزلَ فيها، وأحكِم السيطرةَ عليها.
مع عاطر التحايا
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[29 - 04 - 2005, 03:09 م]ـ
أخي معمر
أنت توافقني على أن الفعل المظهر أقوى من الفعل المضمر، وعلى هذا فعمل (جاء) المظهر أقوى من عمل (استقر) المضمر، وفي المثال: (جاء رجل مع الرايات دامية الحواشي) بينت لك أنه يمكن أن يكون الظرف (مع) متعلقا بالفعل جاء، فيكون هذا الفعل هو العامل في الحال (دامية الحواشي) ويجوز أن يكون متعلقا بالفعل (استقر) إذا جعلنا الظرف صفة لرجل، فيكون الفعل استقر هو العامل في الحال. والذي قصدته هو أن يكون الظرف متعلقا بالفعل (جاء) كأنك قلت: جاء مع الرايات دامية الحواشي رجل، فلا يكون الظرف صفة لرجل.
والظرف لا يعمل في الحال دون اعتماد على مبتدأ أو موصوف، أو ذي حال، ومعنى الاعتماد يا أخي أن يكون متعلقا بفعل مضمر (استقر) أو اسم فاعل مضمر (مستقر)، فيكون العامل في الحقيقة هو هذا المضمر لا الظرف، لكن في قولنا: جاء مع الرايات دامية الحواشي رجل، ليس العامل في الحال هو الظرف حتى يعترض عليه فيقال: إنه لم يعتمد على شيء، فكيف يعمل؟ ولكن العامل في الحال وفي الظرف معا هو الفعل (جاء) كما لو قلت: وقف تحت الرايات دامية الحواشي رجل، فالعامل في الظرف (مع) وفي الحال (دامية) هو الفعل (وقف).
أخي معمر إن الظروف تشبه حروف الجر مع مجروراتها، والظرف المضاف مع المضاف إليه يشبهان الجار والمجرور، ولا خلاف في مجيء الحال من الاسم المجرور، فلو قلنا: أتيت بالرايات دامية الحواشي، لما كان هناك خلاف في أن (دامية الحواشي) حال من الاسم المجرور، و (مع) تشبه الباء الجارة في الدلالة على المصاحبة، فلا مانع من مجيء الحال من المجرور بها بالإضافة، ومثل (مع) بقية الظروف التي تقبل الإضافة، كالمثال الذي ذكره سيبويه: مررت برجل عنده صقر صائدا بباز، فكأنك قلت: مررت برجل له صقر صائدا بباز، فيكون (صائدا) حال من الضمير المجرور في (له)
أظن أني قد أوضحت إيضاحا كافيا وبينت تبيانا شافيا أحسبه حالّا الإشكال الذي أحاط بهذا البيت نهائيا.
¥