تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكذلك {وهُو الحقُّ مُصَدِّقًا}

معناه: " وله الدين الواصب، " هو الحقُّ المُصدِّق "

قال جرير، " من الكامل ":

هذا ابنُ عمِّي في دِمشق خَليفةً * لوْ شِئتُ ساقَكُمُ إليَّ قَطينا

نصب " خليفةً " على القطع، من المعرفة، الألف واللام، ولو رفع على معنى " هذا ابنُ عمِّي، هذا خليفةٌ " لجاز) انتهى

وهو موافق لِما جاء عن الخليل، في كتابه " الجمل في النحو ":

(نصب " خَليفةً " على القطع من المعرفة من الألف واللام.

ولو رفع على معنى " هذا ابن عمي هذا خليفةٌ " لجاز) انتهى

قلتُ: وشواهد النصب على القطع، كثيرة.

وبهذا يتَّضح، أنَّ مَن يتشدَّق بفَهم " الكتاب "، هو أبعد ما يكون عن الصواب.

وأما قَوله، وهو يَنفي أن تكون " دامية " نعتًا في الأصل، حيث قال:

(فهي ليست صفة في الأصل حتى تقطع)

فأقول: قَول فيه نَظر.

لأنَّه لو جاءت " دامية " معرفة في البيت، لكانت نعتًا.

ويبدو أنَّ الوزن لم يساعد الشاعر، فاضطرَّ إلى تنكير، " دامية "، ولو أتَى بها معرَّفة، لكان هو الوجه الأولَى للمعنَى.

وأقول: - يا هذا -: هي – وإن كانت " نكرة " على قياس النحويين، فهي معروفة عند أهل " الفصيح "، وستبقَى في الأذهان، على مرور الأزمان، ساطعة كالبرهان، ما تعاقب الملوان.

ويكفيها فخرًا، أن ذلَّت عندها الأفهام العليلة، والآراء الكليلة.

ومَن ينظر إلى الأبيات السابقة، يجد أنَّ شاعرنا قد ذكر ثلاثة أبيات، قبل " بيت " دامية ":

نعود مع العواصف داويات * مع البرق المقدس والشهاب

مع الأمل المجنح والأغاني * مع النسر المحلق والعقاب

مع الفجر الضحوك على الصحاري * نعود مع الصباح على العباب

مع الرايات دامية الحواشي * على وهج الأسنة والحراب

ويبدو واضحًا أنَّ الوزن لم يساعده في كلمتين فقط: " داويات، دامية "

في حين جاءت الكلمات: " المقدس، المجنَّح، المحلَّق، الضحوك " معرفة.

فتبيَّن أنَّ قَوله: (فهي ليست صفة في الأصل حتى تقطع) غير سديد.

بل يجوز أن تُقطع الألف واللام من الصفة، ففي نحو: " رأيتُ زيدًا الظريفَ "، يقال: " رأيتُ زيدًا ظريفًا ".

وكان الكسائي يقول: " رأيتُ زيدًا ظريفًا "، فينصب " ظريفًا " على القطع.

وأصدق من ذلك، قوله تعالى: {اهْدِنا الصِّراطَ المُستقيمَ}

{المستقيم} نعت {الصراط}

ثمَّ قال – جلَّ ذكره – في موضع آخر: {وهذا صِراطُ ربِّك مُستقيمًا} الأنعام 126.

وقوله: (فنصبه بأعني لتمييزه، وليس في البيت الذي نناقشه ما يدعو إلى هذا التقدير، لعدم وجود " رايات " أخرى ليست " دامية الحواشي "، فالرايات التي سيعود معها الشاعر كلها دامية الحواشي)

أقول: دعك يا أغر، من " الرايات "، فأنتَ لم تُحسن صُنعًا مع " دامية "، فهل تظنُّ أنَّ فَهمك لـ" الراياتِ " سيكون أفضل؟

وأقول: تعليل سقيم، ولازمُه فاسد

حيث لا يلزم بهذا التقدير وجود راياتٍ أخرَى غير دامية الحواشي.

ولو صحَّ هذا التعليل الفاسد الذي ذكرتَه، لَحصلت معانٍ فاسدة، من إعراب علمائنا الأجلاء لبعض الآيات، في كتاب الله العظيم.

ولا أدري كيف تُطلق الألفاظ دون أن تَفهَم ما تجرُّه من معان، وأنتَ الذي تَزعم بملء فيك، أنك تدافِع عن كتاب الله؟!

فقد قيل في إعراب {حَنيفًا} من قوله تعالى: {ملَّةَ إبراهيمَ حَنيفًا}

إنها منصوبة بتقدير " أعني ".

ويلزم وفق تعليلك الخاطئ، وجود ملَّة أخرى ليست حنيفية، أليس كذلك؟

هل أدركتَ الآن، أنَّ إطلاق الألفاظ دون وَعي، يؤدِّي بالمرء إلى التهلكة؟

وها أدركتَ أنَّ " الفصيحَ " أنفع لك ممَّا تعلَّمته سابقًا؟

وخلاصة القول، أنَّ النصب على القطع: هو أحد الأقوال الصحيحة في هذه المسألة، لإعراب كلمة " دامية "، وهو مذهب أهل الكوفة.

وبحول الله وتوفيقه، سأواصل السير مع " دامية "، لبيان مذهب البصريين.

وما توفيقي إلاَّ بالله، عليه توكَّلتُ وإليه أُنيب

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[31 - 05 - 2005, 08:12 م]ـ

أعيتني مداواتك يا حازم، أريك السها وتريني القمر، أتكلم عن القطع قطع الصفة بالمفهوم البصري، وتجيئني بالقطع بالمفهوم الكوفي الذي ليس إلا صورة من صور الحال عند البصريين فكل ما يسميه الكوفيون قطعا فهو حال عند البصريين والخلاصة التي توصلت إليها بقولك (وخلاصة القول، أنَّ النصب على القطع: هو أحد الأقوال الصحيحة في هذه المسألة، لإعراب كلمة " دامية "، وهو مذهب أهل الكوفة.) هذه الخلاصة تعني: أن النصب على الحال هو أحد الأقوال الصحيحة في هذه المسألة) لأن القطع هو الحال بشحمه ولحمه عند البصريين. وسأعلمك الفرق بين القطع بالمفهوم البصري والقطع بالمفهوم البصري في موضوع مستقل إن شاء الله.

حدّك يا حازم أن تذهب إلى موقع الوراق فتبحث في كتب التراث عن كلمة معينة ثم تأتي بما كتب عنها وتقص وتلصق كما فعلت وتفعل للتهويل من شأنك، أما أن تعرف ماذا تنقل أو هل ما تنقل حجة لك أو عليك فذلك ما ليس لك إليه سبيل ما دمت تهمز وتلمز، فإن العلم نور لا يؤتى لكل همزة لمزة.

وما كنت لأكتب هذا لولا هذا الخلط بين المصطلحين البصري والكوفي، لأنه ربما ظن بعض القراء أن القطع عند الكوفيين يختلف عن الحال عند البصريين، فيفهم أن في هذا إعرابا جديدا، وإنما القطع الذي خلص إليه هذا المشرف هو الحال نفسه.

(حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)

************************************************

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير